5000 دينار فقط للتنصّت على مكالماتك وسرقة بياناتك لم يعد للخصوصية مكان في عالم الجيل الثالث، فمن خلال تطبيقات بسيطة تُنصّب على الهواتف النقالة الذكية بات بإمكان أي شخص متحكم في هذه التقنية، التجسس على المكالمات والاطلاع على الإيميلات وسرقة صور ومحادثات من يريد الإيقاع به. ومع دخول هذه التكنولوجيا التي تعد ضرورية في عالم اليوم إلى الجزائر تتفجر العديد من الأسئلة عن مدى جاهزية الجزائريين لاستيعاب متطلباتها، خاصة في الجانب المتعلق بالحماية؟ وحجم إلمامهم بتقنيات الحماية التي تؤمنهم من أخطار الاختراق؟ ومدى توفر الحلول العملية للحماية؟ رغم غلاء سعر برامج الجوسسة على الهواتف النقالة، إلا أنها تلقى رواجا كبيرا من رواد الأنترنت، خاصة في الدول التي وصلت إلى مستويات عالية من التدفق السريع. وحسب ما استقيناه من معلومات من شباب يستهويهم هذا المجال، فإن سعر بعض البرنامج المتخصصة في مراقبة الاتصالات أو الرسائل قد يصل إلى 3 ملايين سنتيم، وبعض البرامج الشاملة يصل سعرها إلى 8 ملايين سنتيم، وبالنسبة للهواتف النقالة الجاهزة للتجسس فيصل سعرها إلى 20 مليون سنيتم، إلا أن هناك برامج تحمّل مجانا وأحيانا بأسعار زهيدة يتداولها القراصنة في مواقعهم ومنتدياتهم الخاصة جدا. ومع أن الشركات المطوّرة لبرامج الجوسسة تسوّق الجوانب الإيجابية لاستعمالاتها، كمراقبة الهواتف النقالة لفرض الرقابة الأسرية على الأطفال أو الأزواج والزوجات أو مراقبة صاحب العمل لموظفيه، إلا هذه الأهداف النبيلة ليست سوى غطاء ترويجي لتفادي التبعات القانونية المترتبة عن تسويق المنتوج، بينما تتركز النسبة الأكبر من استعمالاته لدى الأشخاص في الجوسسة على الغير والتطفل على حياتهم الشخصية. تطبيقات تتيح التنصت على المكالمات وسرقة الصور والبيانات ومن بين أكثر تطبيقات الجوسسة شهرة على الأنترنت برنامج ”فلكسي سباي” الذي يعمل متخفيًا على الهواتف المحمولة، وقد تم تصميمه خصيصًا لمراقبة الآباء لهواتف أبنائهم، وعلى الرغم من هذه الغاية المحددة من وراء هذا البرنامج، إلا أن إحدى شركات الحماية وصفته على أنه حصان طروادة! وقد تحوّل هذا البرنامج الذي طرحته شركة ”فيرفاتا” التايوانية مقابل 49,95 دولارًا، أي حوالي 5000 دينار، إلى أداة مثالية لمراقبة الأطفال والأزواج والزوجات، أو بمعنى أصح الأداة المثالية للتجسس على الأزواج والزوجات غير المخلصين، حيث يقوم البرنامج بجمع سجلات المكالمات والرسائل النصية ومواقع الأنترنت التي زارها المستخدم عبر هاتفه المحمول، ومن ثم يقوم البرنامج بإرسال البيانات المجمّعة إلى ”سيرفرات” شركة ”فيرفاتا”، حيث يمكن للعملاء الوصول لهذه المعلومات عبر موقع واب خاص. ولم يسلم هذا البرنامج، الذي عرف مبيعات قياسية وغيره من التطبيقات المشابهة مثل ”أم.أس.سباي” و«سنايبر.سباي”، من انتقادات حادة تشنها منظمات مكافحة العنف الأسري، وذلك خوفًا من أن يتسبب مثل هذه البرنامج في إساءة معاملة الزوجات، كما أثار حفيظة شركات الحماية التي اعتبرته فيروسًا من النوع حصان طروادة، أي أنه فيروس يتخفى وراء هدف نبيل. البلوتوث أداة للتجسس ! يعتبر البلوتوث تقنية لاسلكية ذات مواصفات عالمية لربط كافة الأجهزة المحمولة مع بعضها البعض، مثل الكمبيوتر والهاتف النقال والكمبيوتر الجيبي والأجهزة السمعية، بما يسمح بتبادل البيانات ونقل الملفات فيما بينها عن طريق شبكة لاسلكية في مدى محدود، إلا أن هذه التقنية تعتريها العديد من الثغرات والعيوب التي تؤدي إلى الكشف عن البيانات السرية. ويمكن عبر البلوتوث مهاجمة الهاتف الذكي من أجل السطو على محتوياته من معلومات وبيانات دون علم صاحب الجهاز، كما يستطيع المتجسس مراقبة الشخص عن طريق البلوتوث الموجود في الجهاز الخاص به باستخدام أجهزة حساسة معينة. ومن خلاله أيضا يتم الدخول على جهاز أي شخص وتشغيله وإجراء المكالمات الهاتفية وإرسال الرسائل النصية، كما يمكنه التجسس على المحادثات التي يجريها أصحاب هذه الأجهزة. ولحماية الجهاز من الخطر، ينبّه الخبراء إلى ضرورة إقفال البلوتوث عند عدم الحاجة إليه، وعدم قبول طلب اتصال إلا من أشخاص موثوق بهم. حماية الأطفال بعد السنة الثانية من إطلاق الجيل الثالث يفرض دفتر الشروط للجيل الثالث للهاتف النقال على صاحب الرخصة أن يتخذ الإجراءات التي من شأنها أن تضمن سرية المعلومات التي يحوزها عن مشتركي شبكة الجيل الثالث، مع مراعاة التعليمات التي يقتضيها الدفاع الوطني والأمن العمومي، ومراعاة صلاحيات السلطة القضائية والتشريع المعمول به. ويسلّط دفتر الشروط عقوبات في حالة عدم احترام سرية المكالمات، إذ ينص على أن صاحب الرخصة مطالب بأن يطلع أعوانه على الالتزامات التي يخضعون لها، وعلى العقوبات التي يتعرضون لها في حال عدم احترام سرية المكالمات الصوتية والمعطيات. ويُلزم دفتر الشروط صاحب الرخصة بوضع حلول تكنولوجية وتنظيمية على الخصوص لعرضها على زبائنه، ولترقية الخدمة التي تسمح لهم بحماية أطفالهم أو الأشخاص الضعفاء الموجودين تحت وصايتهم، وذلك عبر تقييد النفاذ إلى وجهات أو محتويات غير مرغوب فيها. ويجب أن تتوفر هذه الخدمة انطلاقا من السنة الثانية على الأكثر ابتداء من تاريخ منح الرخصة. م.س الخبير القانوني عمر خبابة التشريعات الجزائرية قاصرة عن التعامل مع خطر الجوسسة ينتقد الخبير القانوني، عمر خبابة، السياسة التشريعية المنتهجة من قِبل الجزائر إزاء التعاطي مع القضايا التكنولوجية الطارئة على الساحة منذ سنوات ليست بعيدة. ويلحظ خبابة فجوة كبيرة بين تطور التكنولوجيا ومخلّفاتها السلبية، وبين التشريعات التي ينبغي أن تتصدى لذلك من خلال تطوير النصوص وتحيينها باستمرار. ويعتقد الخبير أن الجزائر ليست لها الترسانة القانونية الكافية في قانون العقوبات التي تسمح لها بردع منتهكي الخصوصية، خاصة مع دخول الجزائر عصر التدفق السريع على الهواتف النقالة، حيث لا ينص القانون على إدانة صريحة لجرائم قرصنة الهواتف النقالة، وهو ما عاشته الجزائر خلال السنوات الماضية مع تقنية الجيل الثاني، حيث ظلت العديد من جرائم السب والشتم والقذف عبر الهاتف دون عقاب، بسبب عدم القدرة على إثبات التهمة على المتهمين. ويضرب خبابة مثالا على تلك القضايا بالتهديد باستعمال الرسائل، والتي تعتبر إحدى القضايا المتكررة في المحاكم الجزائرية، لكن غالبية القضايا المرفوعة في هذا الشأن لا ينصف القضاء أصحابها، بسبب عدم اعتراف القانون بالرسائل القصيرة كدليل يمكن استعماله في إثبات التهمة. وفي الدول المتطورة تشريعيا، يمكن للمتعامل أن يحرر إثباتا يحتوي على تاريخ إرسال الرسالة ومضمونها في حال طلب منه القضاء ذلك. ويضيف الخبير أن حجم تخزين المعلومات لدى المتعاملين في الجزائر محدود في الفترة، حيث لا يمكن الحصول على الرسائل المرسلة قبل سنة أو أكثر، بسبب إشكاليات تقنية تتعلق بمسح الذاكرة التخزينية للمتعاملين باستمرار. الخبير عبد القادر بن خالد هذه طرق تجنّب الجوسسة على الهواتف الذكية ينصح الخبير الإلكتروني ومطوّر البرمجيات، عبد القادر بن خالد، المستخدمين بالتوجه إلى بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة في مراجعة التطبيقات Apps Review لمعرفة تقارير شاملة عن البرامج التي يستخدمونها على أجهزتهم اللوحية أو هواتفهم الذكية، ويفترض أن تقوم الجهات الرسمية أيضا بذلك على المستوى المحلي بالتعاون مع المجتمع المدني والنشطاء الإلكترونيين. ويقول بن خالد بأن وضع الأجهزة في ”وضع الأمان” يمكن أن يجنبنا الكثير من المخاطر، لكنها ستحدّ من كفاءة الجهاز واستخداماته. ويقصد بوضع الأمان مجموعة الإجراءات التقنية التي يوفرها مصنّعو الهواتف واللوحات الإلكترونية للحدّ من نشاط التطبيقات وتقييد عملها في مجموعة من المهام فقط. ويوضح بن خالد أن ثمة العديد من التطبيقات التي تحمي الأجهزة من الاختراق والجوسسة، بل يمكن لبعض هذه البرمجيات التحكّم في الهاتف عن بعد في حالة فقدانه أو سرقته، على غرار برنامج AVAST Mobile وهو برنامج موثوق، لكن على العموم يجب على المستخدمين الإحاطة بكل جوانب التطبيقات الموجهة للحماية قبل تنصيبها على الجهاز لمعرفة أدائها وجوانب الضعف فيها. وينبّه الخبير الآباء والمرّبين إلى الخطر الذي يتهدد القصر عند إبحارهم في شبكة الأنترنت، وبالخصوص عند استخدام ”الأنترنت الموبيل”، بحيث يكونون هدفا سهلا للمخترقين أو المنحرفين، نظرا لسهولة تحديد موقعهم الجغرافي واستدراجهم لبعض البرامج الخبيثة Malwares، لذا يجب على الآباء وضع هواتف أبنائهم في وضع الأمان وتنصيب برامج التتبع Activity Logs التي تسمح بمعرفة جميع المواقع التي يزورها القاصر، وكذلك سجل المحادثات وغيرها من الأنشطة. الجزائر: محمد سيدمو الخبير في الاتصالات يونس ڤرار حلول الجوسسة متوفرة لدى المتعاملين
يعتقد الخبير في الاتصالات، يونس ڤرار، أن مشكل الجوسسة الإلكترونية سيكون من بين التحديات التي ستفرض نفسها على الجزائر مستقبلا، مع استقبال التكنولوجيا الجديدة للجيل الثالث، لكن ذلك لا ينبغي أن يشكل هاجسا كبيرا يمنع الجزائريين من الاستفادة من المزايا الأخرى الكثيرة التي توفرها هذه التكنولوجيا المتطورة. ومن الجانب التقني، فإن الحلول لتجنب أعمال الجوسسة، وفق الخبير، متوفرة للمتعاملين، خاصة أنهم يتحكمون في مسار انتقال المعلومات عبر شبكة الألياف البصرية، بحيث تكون محمية من كل خطر اختراق بين المرسل والمرسل إليه، باستعمال تقنيات تشفير معقدة لا يمكن للبرمجيات المتاحة لدى القراصنة فكّها. وحتى في حالة دخول شخص غريب على الجهاز، فإن دور المتعامل في هذه الحالة، سيكون حسب ڤرار، تنبيه المشترك إلى الخطر الذي يتهدد أمنه المعلوماتي، من خلال إرسال رسالة قصيرة إلى جهازه النقال تحذّره من وجود دخيل يتحكم في جهازه، وتصف له الطريقة التي يؤمّن بها جهازه. علاوة على ذلك، يقول ڤرار فإن العديد من مضادات الفيروسات وتطبيقات مكافحة الجوسسة على الهاتف النقال هي متاحة أمام المشتركين، ويمكن تحميلها عبر الأنترنت مجانا، كما لا يستبعد أن يقدّم المتعاملون خدمات إضافية للمشتركين المحتاجين للحماية أكثر من غيرهم، بمبالغ رمزية لا تتعدى 200 دينار شهريا. رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي أغلب المتجسسين على الهواتف هواة يُلفت مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك، إلى أن الجيل الثالث للهاتف النقال يعتبر خدمة متطورة سيحتك بها الجزائريون لأول مرة مع دخوله المنتظر للخدمة، وكأي منتوج في العالم، فإن هذه التكنولوجيا، بالإضافة إلى الإيجابيات العديدة التي تحملها، فإن فيها ثغرات قد تعرّض حياة الزبون الخاصة لخطر التطفل والجوسسة. ويوضح زبدي أن توفير هذه الخدمة ينبغي أن يراعى فيه ”الأمان”، المكفول عالميا كحق أصيل للمستهلك، وذلك لتفادي الثغرات المسجلة حين إطلاق خدمة ”الجيل الثاني” في الجزائر، والذي واكبه ظهور العديد من عمليات القرصنة للهواتف النقالة بما تحمله من معطيات خاصة بالمشتركين، ما يجعل الأمر أكثر ضرورة بالنسبة لخدمات الجيل الثالث التي توفر الأنترنت بسرعة تدفق كبيرة على الهواتف الذكية. ولحسن الحظ، يقول المتحدث أنه لم يلاحظ نشاط أي شبكة منظمة مختصة في سرقة بيانات الأفراد في الجزائر، ”وعمليات القرصنة التي تتم حاليا يقوم بها هواة يستهويهم هذا العالم رغم عدم أخلاقية ما يقومون به”. لكن ذلك لا يعني التغافل عن خطر ما يقوم به هؤلاء، لذلك يطلب زبدي من المتعاملين المطلقين لخدمة الجيل الثالث التنسيق مع جمعيات حماية المستهلك في إطلاق حملات توعية عبر الرسائل القصيرة، للفت انتباه المشتركين إلى كل المخاطر التي تتهددهم. ”أوربيت سيستام”.. شركة جزائرية تقتحم عالم الحماية طوّرت الشركة الجزائرية المتخصصة في البرمجيات ”أوربيت سيستام” كلمة سر غير قابلة للاختراق، تتمتع بمزايا توفير الأمان للمبحر عبر الأنترنت، سواء بالكمبيوتر الشخصي أو بالهاتف النقال الذكي. وتستعد الشركة لعرض هذا المنتوج على الراغبين في تحصين معلوماتهم الشخصية عبر الأنترنت، مواكبة لدخول الجزائر الجيل الثالث للهواتف النقالة. ويقول الرئيس المدير العام لشركة ”أوربيت سيستام”، زيتوني: ”إن الشركات في الجزائر، وحتى الأفراد باتوا معرّضين لأكثر من أي وقت مضى لخطر الاعتداء على معلوماتهم الشخصية المخزّنة عبر الأنترنت، وهو ما يستدعي استعمال أقصى درجات الحيطة في منع ذلك، باستعمال الحلول التكنولوجية المتوفرة”. ويوضح زيتوني أن كلمة السر التي طورتها مؤسسته اجتازت كل الاختبارات التي أثبتت أنها غير قابلة للاختراق إلى حد الآن، وهي من 64 ”بيت”، متخصصة أساسا في حماية البريد الشخصي للأشخاص، ومنع أي اختراق للهاتف أو الكومبيوتر، ما يعني إبحارا آمنا تماما على الأنترنت. ويضيف المتحدث أن هذه البرمجية، المطورة من خلال كفاءات جزائرية خالصة، سيتم إطلاقها قريبا في الأسواق، على أن تستفيد منها في المقام الأول المؤسسات الكبرى والمتخصصة، على غرار متعاملي الهاتف النقال مثلا وكل الشركات التي يشغلها هاجس الحماية أكثر من غيرها، لأن تعرضها للقرصنة وسرقة بياناتها وأسرار عملها قد يكبّدها خسائر كبيرة .