الصّحابية الجليلة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أمّ المؤمنين إحدى زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ولدت أمّ المؤمنين حفصة رضي الله عنها قبل المبعث بخمسة الأعوام (نحو606ه(. وكانت زوجة صالحة للصّحابي الجليل خنيس بن حُذافة السّهمي الّذي كان من أصحاب الهجرتين، هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأوّلين إليها فرارًا بدينه، ثمّ إلى المدينة نُصرة لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وقد شهد بدرًا أوّلاً ثمّ شهد أحدًا، فأصابته جراحه وتوفي على أثرها، وترك من ورائه زوجته (حفصة بنت عمر) شابة في ريعان العمر، فترمّلَت وكان عمرها عشرون سنة. تألّم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لابنته الشابة، وأوجعه أن يرى ملامح الترمّل تغتال شبابها وأصبح يشعر بانقباض في نفسه كلّما رأى ابنته الشّابة تعاني من عزلة الترمّل، فأخذ يفكّر بعد انقضاء عدّتها في أمرها، مَن سيكون زوجًا لابنته؟ وهو غير عالم بأنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قد أخذت حفصة من اهتمامه فأسرّ إلى أبي بكر الصدّيق أنّه يُريد خطبتها. ولمّا تطاولت الأيّام عليه عرضها على أبي، فلم يُجِبه بشيء، ثمّ عرضها على عثمان، فقال: بَدَا لي اليوم ألاّ أتزوّج. فوجد عليهما وانكسر، وشكَا حاله إلى النّبيّ، فقال: يتزوج حفصة مَن هو خير من عثمان، يتزوّج عثمان مَن هو خيرٌ من حفصة. وعمر لا يدري معنى قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمَا به من هموم لابنته، ثمّ خطبها النّبيّ، فزوّج عمر ابنته حفصة، ونال شرف مصاهرة النّبيّ الكريم، ورأى نفسه أنّه قارب المنزلة الّتي بلغها أبو بكر من مصاهرته من ابنته عائشة. تعلّمت الكتابة على يد الصّحابية الشفاء بنت عبد الله أوّل معلّمة في الإسلام. توفيت حفصة رضي الله عنها سنة إحدى وأربعين بالمدينة المنوّرة عام الجماعة، ودفنت في البقيع. ورَوَت عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام عدّة أحاديث.