قالت وزيرة الثقافة خليدة تومي، إنها لن تكون ملزمة منذ تاريخ 9 جانفي 2014 ب”سد الثغرات وغياب تنظيم قانوني بالبحث عن حلول عاجلة لإنقاذ فنانين في حالة مرض أو في لحظات الحياة الأخيرة”. وذلك في إشارة إلى حالات سابقة التي تكفلت بها وزارة الثقافة في علاج الفنانين وإرسالهم إلى الخارج على نفقتها. جاء ذلك في نص المرسوم الخاص “بتغطية الضمان الاجتماعي للفنانين والمؤلفين” المنشور بالموقع الرسمي لوزارة الثقافة والذي صادقت عليه الحكومة الجزائرية في اجتماعها يوم الخميس الماضي وهو المرسوم المتعلق بتغطية الضمان الاجتماعي للفنانين والمؤلف. اتجهت الوزيرة للاستسلام للواقع تجاه “قانون الفنان” الذي سبق وأن تسبّبت لها في حرج من الوزير الأول عبد المالك سلال، وهو ما تفسره المذكرة الخاصة التي سبق وأن أصدرها الوزير الأول والتي حملت رقم 239 وأشار فيها سلال إلى انتهاك بعض الوزراء لمبدئي الفصل بين السلطات والتوزيع الدستوري لمجالات الاختصاص. ويتضح ذلك الاستسلام من خلال تجاهلها الحديث في رسالتها، إلى مجلس الفنون والآداب الذي تأسّس سنة 2012 على خلفية احتجاجات لفنانين جزائريين أحزنهم ما آلت إليه الساحة الفنية من فوضى، حيث اكتفت الوزيرة في رسالتها التي نشرت في صحيفة “الوطن” الناطقة بالفرنسية، بالتهليل إلى موافقة الوزير الأول فيما يخص الضمان الاجتماعي، وهي الخطوة التي لا تزال تنتظر تمرير مصادقة البرلمان للمصادقة. وفي تفسيرها للحقوق، تحدثت وزيرة الثقافة عن نص الدستور الذي يكفل حق العلاج لكل مواطن، وهو ما يجعل من القانون الجديد مجرد “ذرّ الرماد” في العيون. و رغم أن المشروع الجديد قدّم امتيازا لبعض الفنانين القدامى كما تحدده المادة 11 منه ، إلا أنه وضع الفنانين، سيما منهم الشباب، في حالة من التيه مجددا والغموض، بعد أن تجاهلت وزيرة الثقافة الحديث عن قانون الفنان الجزائري بمفهومه الواسع الذي سبق وأن أشارت إليه خليدة تومي بعبارة “سيكون قيد التطبيق قريبا”، لتعود للحديث عن الضمان الاجتماعي فقط أمام ما تشهده الساحة الفنية الجزائرية من فوضى، وحتى الحياة السياسية التي تقترن مع موعد انتخابي هام قد يحدد مصير الوزيرة التي تربعت على عرش الوزارة لمدة 13 سنة. واتجهت وزيرة الثقافة التي قدّمت رسالتها بتحية لروح الفنان الراحل امحمد بن ڤطاف والكاتبة يامينة مشاكرة، إلى اختزال طموحات الفنانين في الاعتراف بهم على نحو يعزز مكانة الساحة الفنية الجزائرية التي تتخبط منذ أزيد من نصف قرن في الفوضى وغياب الحقوق، في الحصول على العلاج وعطلة أمومة والدواء، وهو ما يتّضح من خلال استخدامها قانون الضمان الاجتماعي بدل مصطلح قانون الفنان الذي طال انتظاره، والذي يرتجي منه الفنانين تنظيم محكم للساحة الفنية، سيما فيما يخص حقوق البث وإعادة بث أعمالهم وعلاقاتهم مع المنتجين. وكشف رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب، عبد القادر بن دعماش، في تصريح ل« الخبر” أن مشروع قانون الفنان الذي طال الحديث عنه، من صلاحيات رئاسة الحكومة وهو مرسوم يحتاج إلى أن يكون محددا في الجريدة الرسمية. وفي هذا الإطار، أوضح الفنان عبد القادر بن دعماش أن المجلس الوطني للفنان والآداب لديه مهام استشارية فقط. فيما تؤكد مصادر من وزارة الثقافة، أن الوزيرة خليدة تومي وجدت نفسها في حيرة من أمرها أمام تطبيق القانون الجديد، من حيث مسألة الضرائب والعقود المتعددة بين الإذاعة والتلفزيون والمؤسسات الإعلامية الخاصة والعمومية، وهي من أهم المحطات التي يراقبها الفنانين الجزائريين القدامى بكثير من الحذر، سيما فيما يخص تنظيم الساحة الفنية الجزائرية بعد تطبيق قانون الفنان الذي لا يزال محل نقاش لدى وزارة الثقافة ولن يصل القانون إلى البرلمان للمصادقة عليه إلا بعد تلك الخطوة. مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ل” الخبر” “أصدرنا تعليمات خاصة بالجيل الجديد من الفنانين” أبدى مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سامي بن الشيخ، استعداده التام للتكفل بجميع انشغالات الفنانين الشباب. مشيرا إلى أنه قرر شخصيا الاهتمام بانشغالاتهم فيما يخص منحهم بطاقة العضوية في الديوان، وذلك بعد موجة الخلافات التي طرأت بين الفنانين، سيما بين الجيل القديم والجديد فيما يخص توزيع بطاقة الانخراط في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وقال مدير الديوان في هذا الصدد: “صحيح كانت هناك مشاكل بين الفنانين وهناك من اعترض على منح الشباب تلك البطاقة”. وأرجع سبب الخلافات إلى خلط المفاهيم فيما يخص دور بطاقة العضوية، كما يشير سامي بن الشيخ إلى أنه انتهى منذ حوالي 3 أسابيع من حل المشكل، وذلك بإصدار قرار بقضية منح بطاقة العضوية إلى كل من يثبت عقد عمل واحد مع أي مؤسسة ثقافية أنتجت عملا مسرحيا أو سينمائيا أو حتى موسيقيا، أو أقام حفلا واحد. وأشار مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف، أن الفنانة زكية محمد تعتبر آخر من تحصلت على بطاقة فنان بعد إجراء هذه التعديلات القانونية. وفي هذا الإطار، أشار سامي بن الشيخ إلى جولته التي تقوده هذه الأيام إلى وهران، مستغانم وبجاية وتلمسان لتحسيس الفنانين بمشاريع حقوق المؤلف، مع اقتراب موعد تجديد مجلس إدارة الديوان خلال شهرين من الآن، حيث يؤكد سامي بن الشيخ أن مجلس الإدارة يتكوّن بالأساس من المنتجين والفنانين ولا يمكن حل المشاكل. وفي ذات السياق، دعا سامي بن الشيخ الفنانين إلى التواصل مع جريدة “الخبر” في حال عدم استجابة أي عون إداري بالديوان إلى تلك القرارات، كما قال: “أتمنى أن تكون الخبر وسيطا بيننا وبين الفنانين”. رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب عبد القادر بن دعماش ل”الخبر” “ بعض الفنانين القدامى غير مكترثين بقانون الفنان” قال عبد القادر بن دعماش، رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب، أن الفنانين القدماء لا يكترثون بهذا القانون، فمنهم الكثير من لا يعتقد بجدوى القانون، فيما لا تملك مصالح وزارة الثقافة على مستوى الولايات أرقاما محددة حول عدد الفنانين وتصنيفاتهم في الجزائر. كما أشار رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب، إلى الجهود التي تقوم بها وزارة الثقافة لتحسيس الفنانين بأهمية هذا المشروع الأول منه منذ استقلال الجزائر. وحول مسألة “تعريف الفنان”، أوضح بن دعماش أن الأمر من صلاحيات المجلس الوطني للفنون والآداب الذي استأنف عمله منذ تاريخ 15 أفريل 2012، دون أن يتوصّل إلى غاية الآن إلى تحديد مفهوم دقيق للفنان الجزائري، وهو ما سيتم على أساسه توزيع بطاقة الفنان على الفنانين الجزائريين، وهي البطاقة التي قال عنها بن دعماش أنها مجرد إثبات هوية للساحة الفنية الجزائرية. وفيما لم يتبق في عمر المجلس الحالي إلا سنة واحدة لتقوم وزارة الثقافة بتعيين مجلس جديد لمدة ثلاث سنوات، أوضح بن دعماش أن مسألة الضرائب وواجبات الفنان المالية تجاه خزينة الدولة تعتبر مرحلة جد متقدمة من جهود المجلس ووزارة الثقافة التي تهدف حاليا فقط إلى تنظيم الساحة الفنية، كما قال بن دعماش: “يجب أن لا نسبق الأحداث وأنا متفائل بالخطوات الحالية التي تقوم بها وزارة الثقافة التي تقترب من تحقيق المبتغى”. وأثّرت أزمة قانون الفنان بشكل كبير على الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، حيث اتجه هذا التخبط نحو تجميد توزيع بطاقة الفنان التي كان يمنحها الديوان الوطني لحقوق المؤلف. فمنذ حوالي سنة لم تقم المؤسسة باستخراج أي بطاقة رغم أن الطلبات الكبيرة تأتي من فئة الشباب، كما يؤكد أحد المسؤولين في الديوان الذي تحفّظ على نشر اسمه، أن الفنانين من الجيل القديم احتجوا بقوة على منح البطاقة للشباب. ورغم ذلك، فقد قلّل المسؤول من حجم أهمية البطاقة. مشيرا إلى أن الميزة الوحيدة التي كانت تضمنها للبطاقة الممنوحة من قبل الديوان الوطني، هي تسهيل حصول الفنانين الشباب على الفيزا إلى فرنسا، غير أن القنصلية الفرنسية سجلت تحفّظا من ازدياد عدد طالبي التأشيرة باستخدام بطاقة الديوان الوطني لحقوق المؤلف، مما دفع بالديوان إلى تجميد توزيعها وإعادة النظر في الطلبات. غير أن عددا كبيرا من الفنانين الشباب الذين تم إقصاؤهم من حق الحصول على بطاقة فنان من الديوان، أوضحوا ل”الخبر”، أن دفاعهم على حقهم في البطاقة يندرج ضمن خانة تكافؤ الفرص والاعتراف بمجهوداتهم كفنانين شباب، وأن تنديدهم بسلوك بعض الفنانين القدامى تجاهل بطاقة فنان سيدفعهم نحو تحريك حملات في وسائل التواصل الاجتماعي تنديدا بالإقصاء بحكم الأقدمية.