لقد برزت الإدارة الحديثة وبرز لها العديد من المبادئ والأسس والأساليب، والّتي نجدها مفصلة في السِّيرة النّبويّة. يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث متفق عليه ورواه ابن عمر رضي الله عنهما: “ألاَ كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الّذي على النّاس راع وهو مسؤول عن رعيّته والرّجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيّته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم وعبد الرّجل راع على مال سيّده وهو مسؤول عنه، ألاَ فكلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته”. والإمام هو الخليفة أو الإمام أو الملك أو الرّئيس أو الحاكم أو السّلطان. ولقد حمل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مسؤولية الحكم والسّلطة على أساس عدل وتكافل وتكامل، وذلك لأنّه أدرك قبل غيره أنّ واجب الحاكم هو قبل كلّ شيء رعاية شؤون الأمّة. ولقد كان يوحي بالرِّياسة حيثما وجد العمل الاجتماعي أو العمل المجتمعي الّذي يحتاج إلى تدبير، وكان يرسل الجيش وعليه أمير وخليفة أمير وخليفة لخليفة أمير. وفي هذا الصّدد، يقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في حديث رواه أبو داود عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: “إذا خرج ثلاثة في سفر فيأمّروا عليهم أحدَهم”. وفي رواية أخرى: “لا يحقّ لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلاّ أمّروا عليهم أحدهم”. وفي رواية لمسلم قال عليه الصّلاة والسّلام: “مَن خرج عن الطّاعة وفارق الجماعة فمِيتَته جاهلية”، وقال أيضًا: “مَن مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية”، وبلفظ آخر قال صلّى الله عليه وسلّم: “مَن نزع يده من طاعة إمامه فإنّه يأتي يوم القيامة ولا حجّة له”.