التحذيرات التي وجهتها قيادة المؤسسة العسكرية للفرقاء السياسيين الذين يخوضون المرحلة الانتخابية بالتصويت أو بالمقاطعة فيها ما فيها من الرسائل: أولا: أول رسالة يمكن أن تفهم من تحذيرات الجيش هي أن المساس بالأمن والاستقرار خط أحمر لا يمكن للجيش أن يسمح بتجاوزه. ثانيا:٬ الجيش أو قيادة الجيش قدمت نفسها للرأي العام على أنها الحارس الأمين للدستور والقانون، وبهذه الصفة تحذر الأحزاب والجماعات السياسية من المغامرة المحتملة للمساس بالأمن والاستقرار والقانون بعد نتائج الانتخابات في 17 أفريل. ثالثا: الظاهر من التصريحات التي أرسلتها القيادة العسكرية عبر مجلة الجيش أنها على استعداد لحماية الدستور والقانون وحماية إرادة الشعب في التصويت، لكن الباطن أنها تقوم بتخويف من يخوّف الرئيس بوتفليقة بالنزول إلى الشارع إذا زوّر الانتخابات! وهذه في حد ذاتها ”نكتة” بايخة أكثر بؤسا من نكتة الانتخابات نفسها. رابعا: كيف يهدد من يهدد بالنزول إلى الشارع إذا تمت عملية التزوير والحال أن تزوير المرشحين الذي تم منذ بداية الحملة الانتخابية أخطر من تزوير أصوات المواطنين. فالجيش الذي يفترض أن يحمي القانون والدستور كان عليه أن لا يقبل بتزوير المرشحين، خاصة تزوير المرشح الرئيسي. والذين يريدون الاحتجاج على تزوير للأصوات يوم 17 أفريل لماذا قبلوا بتزوير المرشحين أساسا.! ومن يقبل بقرار تزوير هذا المجلس الدستوري بالتأكيد أنه سيقبل بقرار التزوير الذي تعلنه وزارة الداخلية بعد التصويت. خامسا: لا تستطيع قيادة الجيش (الحامية للدستور) أن تقول بأن ترشيح رئيس لا يستطيع الوقوف والكلام هو من صميم القانون والدستور؟! والحال أن المواطن عندما يريد الدخول إلى الجيش يخضع إلى فحص طبي كامل، ولا يقبل أي واحد به عوار صحي في صفوف الجيش! فكيف تقبل المؤسسة العسكرية بقبول ترشح مترشح للرئاسة يصبح بعد نجاحه القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو مقعد وفاقد للكلام ولجزء كبير من الحركة؟! سادسا: المبرر القوي الذي كانت المؤسسة العسكرية تستند إليه في اختيار رؤساء الجزائر لوحدها ثم تطلب بعد ذلك من المدنيين تزكية اختيار العسكر، هو أن الرئيس المدني تكون له مهام عسكرية في أعلى هرم المؤسسة العسكرية بحكم منطوق الدستور.. لهذا لا يمكن للمدنيين أن يختاروا لوحدهم الرئيس الذي يرأس العسكر أيضا.! لكن الآن عندما يسكت العساكر على اختيار مدني لا تتوفر فيه شروط حتى الجندي البسيط صحيا، فذاك ما يطرح تساؤلا جديا عن دستورية موقف المؤسسة العسكرية هذه المرة. من الممكن للمؤسسة العسكرية أن ”تعفس” الدستور أو تحمي من ”يعفسه”، لكن لا تقول إنها تتصرف دستوريا. [email protected]