لاعبون مشهورون في ميادين الكرة فضّلوا الوفاء لأنديتهم التي صنعت لهم اسما دون الرحيل عنها نحو أندية أخرى طلبت خدماتهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، حيث فضّلوا كتابة قصص جميلة عن "العشق الأبدي" لألوان فرقهم، وأنهوا مشوارهم الرياضي دون "خيانة من قبلهم" في الالتحاق بصفوف فرق أخرى. ويحفظ تاريخ كرة القدم العالمية كثير من الأسماء التي رفضت الإغراءات وفضلت الإخلاص لأنديتها في صورة الجوهرة السوداء بيليه مع ناده سانتوس، والقيصر الألماني بيكنباور مع ناديه بايرين ميونيخ، ومالديني مع أسي ميلان الايطالي. النقطة الملاحظة هو العدد القليل جدا من هؤلاء اللاعبين الذين ينتمون لفئة “المخلصين لأنديتهم” في جميع بطولات العالم، وذلك يعود بالدرجة الأولى إلى فكرة “عولمة الكرة” نظرا للارتفاع الكبير المسجل في أجور اللاعبين مع السنوات الماضية ورغبة كل فريق صاحب إمكانات مالية ضخمة في انتداب أحسن اللاعبين، وهو ما اضطر كثيرا من الأندية الفقيرة توافق على تسريح لاعبيها المتألقين نحو أندية أخرى غنية مقابل مبالغ مالية كبيرة. وساهم أيضا في تفكير كثير من نجوم الكرة في تغيير أنديتهم باستمرار من أجل الحصول على أكبر عائد مالي في الموسم الرياضي الواحد. وأبسط مثال على ذلك نجد المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي تقمص ألوان عديد الأندية في مختلف البطولات في ظرف زمني قياسي جدا، حيث ومنذ بداية مشواره الاحترافي، منذ سنة 2001 إلى غاية يومنا هذا، نجده تقمص ألوان سبعة أندية كاملة تنتمي إلى خمس بطولات مختلفة. وسنحاول، في ملف اليوم، أن نتطرق لموضوع أبرز اللاعبين “المخلصين” الذين لم يفارقوا أنديتهم لسنوات طويلة جدا، وفضّلوا اعتزال الكرة بهذه الأندية، ما جعلهم يحظون باحترام خاص جدا عند أنصار أنديتهم وحتى عند عشاق الكرة المستديرة في العالم. وسنحاول إسقاط الموضوع أيضا على البطولة الجزائرية، وأهم اللاعبين الذين فضلوا الاستقرار في أنديتهم دون التعمد إلى تغيير الأجواء والأندية في كل موسم رياضي. رايان غيغز صاحب الأرقام القياسية في مانشستر من أهم اللاعبين “المخلصين” لأنديتهم في العالم نجد راين غيغز، الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في النادي الانكليزي العملاق مانشيستير يونايتد، حيث ولد هذا النجم بتاريخ 29 نوفمبر 1973، بمقاطعة “كارديف” التي تنتمي لدولة بلاد الغال “ويلز” في الجزيرة البريطانية، حيث لعب بألوان الشياطين الحمر أكثر من 962 مباراة في مختلف المنافسات بداية من تاريخ 02 مارس 1991. وتحصّل هذا اللاعب مع ناديه على جميع الألقاب في مختلف المنافسات والدوريات، سواء كانت محلية أو قارية، حيث نال 13 مرة لقب الدوري الانكليزي وأربعة كؤوس للرابطة الانكليزية والرقم نفسه في منافس كأس إنجلترا ومرتين أغلى لقب أوروبي كأس رابطة الأبطال. وهذا دون أن تسنح له فرصة المشاركة ولو مرة واحدة في عرس كأس العالم، لكون منتخب بلاده “ويلز” دائما ما يجد صعوبة في منافسة أقوى المنتخبات الأوروبية في التصفيات المؤهلة. وكلّف رايان غيغز من قِبل إدارة نادي مانشستر يونايتد الإشراف بصورة مؤقتة على التشكيلة إلى غاية نهاية الموسم الحالي، وهذا بعد النتائج السلبية المحققة للتشكيلة تحت قيادة المدرب الاسكتلندي ديفيد مويس بعد خلافته للأسطورة أليكس فيرغسون قبل عشرة أشهر من الآن. زانيتي تسع عشرة سنة قصة حب مع الأنتر ثاني لاعب سنتحدث عنه هو الأرجنتيني خافيير زانيتي المخلص لألوان ناديه “الأنتر” الإيطالي الذي انضم له منذ سنة 1995 قادما من نادي بنفليد الأرجنتيني، حيث شارك معه في أكثر من 850 مباراة في الدرجة الأولى الايطالية وباقي المنافسات القارية، وتمكن من حصد كثير من الألقاب المختلفة، أهمها لقب دوري أبطال أوروبا سنة 2010 بقيادة المدرب البرتغالي مورينيو وكأس العالم للأندية وكأس أوروبا الممتازة في السنة نفسها وكأس الاتحاد الأوروبي سنة 1998، وخمس مرات كاملة الدوري الايطالي وأربع كؤوس ايطاليا، حيث يعتبر القائد المثالي في النادي، خاصة وأنه يعد اللاعب الوحيد ممن تلقى طيلة مسيرته مع الأنتر بطاقة حمراء وحيدة كانت في سنة 2011، عندما واجه فريقه نادي أودينيزي في الدوري الايطالي، ولن تتوقف مسيرة زانيتي مع الأنتر بعد اقتراب إعلانه الاعتزال بعد قرار إدارة النادي تكريمه بمنصب إداري. دافيد ألبيلدا صورة حية للاعب الوفي ومن اللاعبين الإسبان الذين أظهروا وفاء كبيرا اتجاه أنديتهم، نجد المدافع دافيد ألبيلدا مع ناديه “فالنسيا”، حيث قضى في صفوفه ست عشرة سنة كاملة من سنة 1997 إلى غاية سنة 2013، في سنتين تمت إعارته إلى نادي فياريال. ولعب في صفوف فريقه أكثر من 410 مباراة في مختلف المنافسات، سواء كانت محلية أو قارية. ونجح ألبيلدا في حصد بعض الألقاب في صفوف ناديه أهمها كأس الإتحاد الأوروبي سنة 2004، وبطل إسبانيا سنتي 2002 و2004، وكأس إسبانيا سنة 2008، مع المشاركة في نهائي كأس رابطة أبطال أوروبا في سنتين متتاليتين 2000 و2001. ومنح المدرب الإسباني رافاييل بينيتيز شارة القيادة في التشكيلة بداية من سنة 2002، ولعب المدافع دافيد ألبيدا 51 مباراة دولية مع منتخب بلاده إسبانيا، وإنجازه الوحيد المحقق هو التتويج بالميدالية الفضية في الألعاب الاولمبية سنة 2000 بمدينة سيدني الاسترالية. فرانسيسكو توتي الملك الجديد للعاصمة روما نصّب سكان العاصمة الايطالية روما اللاعب “فرانسيسكو توتي” ملكا جديدا بفضل الأمجاد التي صنعها لفريقه طيلة السنوات الأخيرة، وقد ولد “توتي” يوم 27 سبتمبر 1976، وبداية مشواره الكروي الاحترافي كانت منذ سنة 1993 بألوان فريقه روما، ومنذ ذلك الحين فضّل الاستقرار في ناديه دون الموافقة على العروض الكثيرة التي كانت تصله من قبل عديد الأندية الأوروبية الكبيرة التي طلبت خدماته. ونجح “الملك توتي” من تحقيق إنجازات كثيرة رفقة فريقه الذي لعب معه أكثر من 700 مباراة في مختلف المنافسات استطاع فيها من تسجيل 290 هدف، حيث حصل على لقب ايطاليا سنة 2001 وكأس ايطاليا سنتي 2007 و2008، مع حصوله على كأس العالم مع منتخب بلاده “الآزوري” في الدورة التي أقيمت سنة 2006. كسافي وبويول الثنائي الذهبي لبرشلونة يضمّ الفريق الأول لنادي برشلونة الإسباني العديد من اللاعبين الذين تكونوا في الفئات الصغرى ونجحوا من إظهار مستويات جيدة أهّلتهم في النهاية للعب في صفوف الأكابر وقضاء مواسم طويلة إلى غاية اقتراب الإعلان عن موعد اعتزالهم الكروي. ومن أهم اللاعبين نجد وسط الميدان كسافي هيرنانديز الذي يصفه الكثير من المختصين ب«الأسطورة”، حيث انطلق مشواره الكروي مع الأصناف الصغرى بداية من سنة 1991، واستمر في حمل ألوان “البارصا” إلى غاية كتابة هذه الأسطر، محققا كثيرا من الإنجازات، سواء كانت محلية أو قارية أو عالمية، وهو الأمر نفسه بالنسبة لزميله المدافع كارلوس بويول المولود بتاريخ 13 أفريل 1978، قبل انطلاقة مشواره في ناديه برشلونة منذ سنة 1995، وتحصل على شارة قيادة نادي إقليم كاتالونيا منذ سنة 2004، وساهم بشكل فعال في كثير من الإنجازات المدوية المحققة من قبل فريقه في السنوات الماضية. وفاء كاسياس رغم الجلوس على الاحتياط يضم حاليا الدوري الإسباني سبعة لاعبين فقط ممن قضوا مشوارهم الكروي في أنديتهم الأصلية، منذ بدايتهم في الأصناف الصغرى إلى غاية الوصول إلى تقمص ألوان الفريق الأول، ومن أبرزهم نجد حارس ريال مدريد “ايكر كاسياس” الذي لعب في الوقت الحالي أكثر من 650 مباراة بألوان فريقه الأبيض، وقاده كثير من التتويجات المحلية والدولية. وأهم ما يميز كاسياس هو وفاؤه الكبير ل«الميرنغي”، بدليل ما حصل له مع المدرب السابق البرتغالي مورينو الذي تعمّد وضعه في الاحتياط مع انتداب حارس جديد هو لوبيز، وهو ما جعل كاسياس المتوج مع بلاده بلقب كأس العالم الأخيرة يتلقى كثيرا من العروض، غير أنه فضّل في النهاية البقاء مع فريقه لا لسبب سوى أنه يعتبر “القلعة البيضاء” بمثابة بيته الأول. أنجيلو ديلفيو قصة إخلاص من نوع خاص أجمل قصة وفاء صنعها اللاعب الايطالي “أنجلو ديلفيو” سنة 2002، عندما قرر الاتحاد الايطالي إسقاط نادي “فيورنتينا” إلى القسم المعروف باسم “سي2” أو القسم الرابع في الدوري بسبب عدم تسديد إدارة النادي الديون الكبيرة المرتبة عليها، وهو ما جعل غالبية اللاعبين آنذاك يفضّلون الرحيل نحو أندية أخرى طلبت خدماتهم، ولكن ديليفيو ابن العاصمة روما واللاعب السابق للسيدة العجوز “جيوفنتوس” فضّل البقاء في ناديه مع موافقته على خفض مرتبه بنسبة بلغت 90 بالمائة، وهو ما جعله يصنع الحديث عالميا وليس في ايطاليا فقط، ما دعا سكان مدينة “فلورنسا” التي ينتمي إليها نادي “فيورنتينا” إلى أن يطلبوا من عمدة البلدية ضرورة وضع تمثال خاص بهذا اللاعب الوفي. وقال ديلفيو في تصريحات صحفية بعد اتخاذه قرار البقاء في نادي فيورنتينا بأن الحياة علّمته بأنه في كثير من الأحيان الولاء أهم من المال. وهذا على عكس لاعبينا المحليين، الذين يسارعون مباشرة بعد نهاية المواسم الرياضية للإدلاء بتصريحات صحفية بأنهم سينضمون للأندية التي تدفع لهم أكثر، وكأن الأمر يتعلق بسوق “النخاسة”. أبرز اللاعبين العالميين المخلصين لأنديتهم ومن أبرز اللاعبين الذين فضّلوا الاستقرار في أنديتهم لمواسم طويلة دون الرحيل نحو الفرق الأخرى التي طلبت خدماتهم مقابل مبالغ مالية مغرية نجد: الانجليزي ستيفان جيرارد يلعب في ناديه ليفربول منذ سنة 1998 إلى غاية يومنا هذا. قائد تشيلسي جون تيري في صفوف فريقه منذ سنة 1998 إلى يومنا هذا. دال باردي في صفوف نادي هيرتا برلين من سنة 1996–2011. البرازيلي “ديدي” مع صفوف نادي دورتموند الألماني من سنة 1998 إلى غاية 2011. فيسانتي روديرغيز مع ناديه فالنسيا الإسباني من سنة 2000–2011. ايفان غارتوزو مع ناديه أسي ميلان الايطالي من سنة 1999–2012. الجامايكي ريكاردو غراندر مع ناديه بولتون الانجليزي من سنة 1998–2012. جون أوشي مع مانشيستير يونايتد من 2000–2011. الحارس روجير سيني من سنة 1990 في صفوف نادي ساوبالو البرازيلي. دزيري بلال وسمير زاوي الاستثناء في البطولة صنع قائد اتحاد العاصمة والدولي السابق، دزيري بلال، الاستثناء في اللاعبين المخلصين بالبطولة الجزائرية من خلال الوفاء الكبير الذي أظهره لألوان فريقه، حيث التحق بصفوف “لياسما” منذ سنة 1995، قادما من فريقه الأصلي نصر حسين داي، قبل أن يغادر بعدها بسنتين في تجربة احترافية قصيرة لمدة سنة واحدة في قطر ليعود مجددا إلى ملعب عمر حمادي ببولوغين، واستمر مع فريقه المحبوب قبل الحصول على تجربة احترافية جديدة في نادي سيدان الفرنسي بداية من سنة 2000، قبل أن يقرر العودة مجددا بعدها بسنة واحدة إلى فريقه وأكمل مسيرته إلى غاية سنة 2010، ليعلن اعتزاله الكروي، حيث قضى ثلاث عشرة سنة كاملة في صفوف “سوسطارة”، ما جعل إدارة النادي تكلفه حاليا بمنصب مدرب مساعد. وبدوره، فإن قائد جمعية الشلف، سمير زاوي، أظهر إخلاصا كبيرا لناديه الذي التحق بصفوفه منذ سنة 2002 قادما من نادي البراوڤية، حيث لا يزال يحمل ألوان “لايسو”، وينوي الاعتزال هو الآخر في صفوف ناديه الذي صنع له اسما، وسمح له بتقمص ألوان المنتخب الوطني والمساهمة في التأهل إلى المونديال الأخير بجنوب إفريقيا. بلال دزيري الابن المدلل لاتحاد العاصمة ل”الخبر” “الوفاء لناديك يجعلك تحظى بمكانة خاصة عند الجميع” قال الدولي السابق دزيري بلال، في تصريح ل«الخبر”، بأنه من اللاعبين الذين يفضّلون الاستقرار في أنديتهم دون تغيير الوجهات في كل موسم رياضي، ودافعه في ذلك يعود لكون أي لاعب تربطه علاقة “روحية” مع الفريق الذي يصنع له اسما ويكون بوابة لتحقيق أحلامه في الكرة. وأضاف بأنه يفهم جيدا طريقة تفكير اللاعبين الحاليين، الذين يفضّلون تغيير أنديتهم باستمرار بهدف تحقيق أكبر عائد مالي، وذلك لكون حياة اللاعب فوق الميادين قصيرة جدا، ووجب عليه ضمان العيش جيدا عند إعلانه قرار الاعتزال، وصرح: “وفائي لألوان اتحاد العاصمة مدة ثلاث عشرة سنة كاملة يعود إلى حبي لهذا الفريق، الذي أعطيته كل شيء وأعطاني كل شيء”، مضيفا “كل لاعب حر في تسيير مشواره الكروي، لكن أرى بأن الاستقرار والوفاء لألوان النادي سيجعله يحظى بمكانة خاصة عند الجميع”.