بعدَ ليلة أو ليلتين إن شاء اللّه، يحلُّ على الأمَّة الإسلامية ضيْفٌ غال، ووافد كريم، إنَّه شهر رمضان، الّذي أُنزل فيه القرآن، وكُتِب على الأمَّة فيه الصّيام، وسُنَّ لها فيه التهجُّد والقيام، إنَّه شهر البِرّ والإحسان، شهر الإرادة والصّبر، شهر الإفادة والأجر، شهر الطّاعة والتعبُّد، شهر القيام والتهجّد، شهر صحّة الأبدان، شهر زيادة الإيمان. إنَّ على المسلم في قدوم هذا الشّهر المبارك أن يكونَ شُغلُه الشّاغل، وهمُّه الدّائم، اللجوءَ إلى ربِّه سبحانه وسؤالَه التّوفيقَ لاغتنامِ هذا الموسم العظيم، بما يُقرِّبه إليه زُلْفى، وأنْ يشرحَ صدره للمُضيِّ فيما يُرضيه جلَّ وعلا، وأنْ يرزقه قلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وعملاً مُتقبَّلاً. فضائل رمضان لقد خصّ اللّه عزّ وجلّ شهر رمضان عن غيره من الشّهور بكثير من الخصائص والفضائل، منها: خلوف فم الصّائم أطيب عند اللّه من ريح المسك، وتستغفر الملائكة فيه للصّائمين حتّى يفطروا، وتُصفَّد الشّياطين، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النّيران، وفيه ليلة القدر، هي خير من ألف شهر، مَن حُرِم خيرها فقد حُرِم الخير كلّه، ويغفر للصّائمين في آخر ليلة من رمضان، وللّه عتقاء من النّار، وذلك في كلّ ليلة في رمضان. أعمال البرّ مضاعفة رمضان شهر مبارك تُضاعف فيه الحسنات، وتُقبل فيه الطيّبات، ويُعفى فيه عمل ما مضى من الذّنوب والسّيِّئات، إذا أقبل، أقبلنا على اللّه بأيدي متوضئة طاهرة، وقلوب عامرة بذِكر اللّه والدّعوات. -إيقاظ أهله: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يترك أحدًا من أهله يستطيع القيام للعِبادة والسّهر للإحياء والقوّة على ذلك إلاّ أيقظه، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: ‘'كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخلط العشرين بصلاة ونوم. فإذا كان العشر، شمَّر وشدّ المئزر فيسهر ليله، ويطوي فراشه ويودّع النّوم”. -الإكثار من الدُّعاء: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “للصّائم دعوة عند فطره لا تُرَدّ”. -الابتعاد عن التّنازع والخصام: قال صلّى اللّه عليه وسلّم: ‘'خرجتُ لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفِعَت'' رواه البخاري. -كثرة تلاوة القرآن: فإن كنت تختمه كلّ أسبوع مرّة في الأيّام العشرين الأولى من رمضان، فاختمه كلّ ثلاث ليال في العشر الأخيرة من رمضان، وإن كنت تختمه كلّ ثلاثة أيّام، فاختمه في العشر الأخيرة في كلّ ليلة مرّة. -الاغتسال ولبس الجديد من الثياب: يُروى عن السّلف أنّهم كانوا إذا دخلت اللّيالي العشر، اغتسلوا في كلّ ليلة، وخصُّوا اللّيالي الوترية بثياب جديدة. فكان الإمام مالك رضي اللّه عنه، فيما يرجّح عنده أنّه من ليالي القدر، فيغتسل ويتطيّب ويلبس حُلّة لا يلبسها إلى العام القادم من شهر رمضان، وكان غيرهم يفعل مثل ذلك”. أنشر على