لاتزال الاتفاقية التفاضلية بين تونسوالجزائر في الميدان التجاري، مجرد حبر على ورق، فرغم الاجتماعات المتكررة بين وزيري التجارة في البلدين، كان آخرها الزيارة التي قادت وزيرة التجارة نجلاء حروس منذ أسبوع إلى الجزائر، إلا أن كثرة الشروط وصعوبة الإجراءات حالت دون دخول المستثمرين الجزائريين إلى السوق التونسية. لم تتمكن عشرات الحاويات المحملة بمنتجات عصير الرويبة من دخول السوق التونسية، حيث ظلت هذه المنتجات داخل المخازن دون السماح بتوزيعها على مختلف المحلات ومعارض التسوق مثل “كارفور” و”جيون” وغيرها. وحسب المكلف بعمليات التصدير، محمد بن قوجيل، فإن السلطات التونسية تفتعل الكثير من العراقيل من أجل منع المنتوج من دخول تراب تونس لأسباب مجهولة، خاصة أن منتجات الرويبة التي تحتل الصدارة على المستوى الوطني والإفريقي برقم أعمال تجاوز 6 ملايير دينار جزائري، تحصلت على الكثير من شهادات الجودة منها شهادة 22000 التي تعتبر أول شركة عربية تتحصل عليها، زيادة على إيزو 2600، متعجبا في نفس الوقت من جدوى عدم اعتراف مصالح التجارة التونسية بنتائج التحاليل المخبرية والبيولوجية للعصير في الجزائر، حيث تطلب المصالح ذاتها أن يتم إعادتها أو التأشير عليها مرة أخرى، وهو الإجراء الذي يعطل تصدير المنتوج لأكثر من 20 يوما كاملة. من جهة أخرى، فضلت مصالح التجارة التونسية أن تفرض ضريبة بقيمة 25 في المائة على منتجات الرويبة كضريبة على الاستهلاك، زيادة على تصنيفها في خانة المشروبات الملونة وذات النكهة 22/02، في حين تؤكد كل التحاليل على أن منتجات الرويبة تتضمن نسبة عالية من الفواكه، ما يجعله مشروبا ممزوجا بالفواكه مصنفا ضمن خانة 20/09، وهي الإجراءات التي تجعل من منافسة المنتجات التونسية أمرا مستحيلا مع دخول شهر رمضان، الأمر الذي يوحي بوجود حاجز حقيقي لحصر المنافسة في السوق التونسية على المنتجات المحلية فقط، بدليل فرض ضريبة حتى على كميات قليلة دخلت كعينات للتراب التونسي، في وقت تدخل الكثير من السلع التونسية إلى الجزائر من دون أي قيود ولا حتى ضرائب، بدليل وجود أكثر من 1156 مستثمر تونسي في الجزائر بقيمة تبادلات وصلت إلى 1.7 مليار دولار. ومن أجل الاطلاع أكثر على تفاصيل هذه الإجراءات تحدثت “الخبر” مع المديرة العامة للتعاون التجاري والاقتصادي بوزارة التجارة التونسية، حشيشة سعيدة، حيث أكدت سعي السلطات التونسية إلى تسهيل دخول كل المنتجات الجزائرية، خاصة بعد لقاء وزير التجارة التونسي عمارة بن يونس الذي وصف العلاقات بالممتازة مع الجارة تونس. كما أفادت المتحدثة بأن الاتفاقية التفاضلية بين البلدين سوف تتطور لتصبح في مستوى الاتفاقية العربية الكبرى للتبادل الحر، ودعت في نفس الوقت الطرف الجزائري إلى التفاعل أكثر مع المقترحات التونسية التي تدعو إلى تطوير المعاملات، وهو ما لمسته “الخبر” بعدم تواجد أي مسؤول جزائري ممثلا في السفير الجزائري أو غيره من أجل الحفاظ على المصالح الجزائرية، في ظل انعدام ملحق اقتصادي يسهر على حل المشاكل التي يتخبط فيها المصدرون أو المستثمرون الجزائريون في تونس.