قال زيد بن عمر: سمعتُ طاووسًا يقول: بينا أنا بمكّة إذ دُفْعتُ إلى الحَجاج بن يوسف، فثنى لي وسادًا فجلستُ؛ فبينا نحن نتحدّث إذ سمعتُ صوت أعرابي في الوادي رافعًا صوته بالتّلبية، فقال الحَجاج: عليَّ بالمُلبِّي، فأتيَ به، فقال: مَن الرّجل؟ قال: من عامة النّاس، قال: ليس عن هذا سألتُك! قال: فعَمَّ سألتني؟ قال: من أيّ البلدان أنتَ؟ قال: من أهل اليمن، قال له الحجاج: فكيف خلفت محمد بن يوسف؟ يعني- أخاه- قال: خلَّفته عظيمًا جسيمًا خرَّاجًا ولاَّجًا- أي عظيم الاحتيال- قال: ليس عن هذا سألتُك! قال: فعمَّ سألتني؟ قال: كيف خلفت سيرته في النّاس؟ قال: خلفتُه ظلومًا غشومًا عاصيًا للخالق، مُطيعًا للمَخلوق! فازْوَرَّ من ذلك الحجاج، وقال: ما أقدمَك على هذا وأنتَ تعلَم مكانته منّي؟ فقال له الأعرابي: أفتراه بمكانةٍ منك أعزَّ منّي بمكانتي من اللّه تبارك وتعالى، وأنا وافدُ بيته، وقاضي دينه، ومُصَدِّق نبيَّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فوَجَم لها الحَجاج ولم يُحْر له جوابًا- أي يردَّ عليه- حتّى خرج الرجل بلا إذن!