استغل شاب يبلغ من العمر 35 سنة، حاجة معظم المطلقات لبدء صفحة جديدة ودخول القفص الذهبي من جديد، فراح يحيك لهن الخطط للاستيلاء على كل ما في جعبتهن من أموال، مستعينا بإعلان في الجرائد، ادعى فيه أنه ضابط في الشرطة، وقدّم نفسه في صورة المطلق الذي يبحث عن شريكة العمر مشترطا أن تكون موظفة ومطلقة مثله! هذا الشاب الذي ادعى أنه مطلّق وأب لطفلة، كان يتقدم لضحاياه من النساء العاملات المطلقات، بعدة عروض زواج بأسماء مختلفة، واعدا إياهن بالحب والحنان وبحياة مستقرة، إلى أن يأخذ منهن كل ما يملكن، ليكتشفن في نهاية المطاف عندما يقع الفأس في الرأس، أن فارس الأحلام لم يكن سوى محتالا. ولأن المتهم كان متمكن من فن الكذب والتمثيل، فقد رسم لنفسه صورة الإنسان الذي راح ضحية زواج فاشل وأنه يريد بناء حياته من جديد، وهو الذي يملك مسكنا مستقلا ويعمل ضابطا في سلك الشرطة، ناهيك عن كونه ابن عقيد في الجيش. واعترف المتهم أنه كان متأكدا من الوصول الى مبتغاه، على اعتبار أن هذه الصفات مطلوبة بكثرة في مجتمعنا، وتسيل لعاب كل فتاة وامرأة تبحث عن الاستقرار والمركز الاجتماعي خاصة إذا كان الرجل يملك مسكنا خاصا بعيدا عن العائلة. سلام فكلام فموعد فلقاء وكان سمير بعد أن يتأكد من أن ضحاياه وقعن في شباكه يبدأ في مطالبتهن بالأموال تحت ذريعة وقوعه في ضائقة مالية تزامنا مع حلول مواعيد تسديد أقساط عش الزوجية، وعلى الضحية التي ينوي الاقتران بها أن تشاركه في كل شيء حلوه ومره. وبدون أي شعور بالندم، يقول سمير في محاضر السماع إنه كان يحصل منهن على كل ما يريد بسهولة وأنه بعد أن يتأكد من أنه أفرغ جيوبهن يطالبهن ببيع سياراتهن ومجوهراتهن. لكن ليس في كل مرة تسلم الجرّة. طبيبة تفجّر القضية إذ في إحدى مغامراته الاحتيالية، وبعد أن كادت تفقد كل ما لديها، انتبهت ضحية من ضحاياه وكانت طبيبة بمستشفى بني مسوس بالعاصمة، أن عريس المستقبل يتماطل في إبرام عقد الزواج وتنفيذ وعوده، ولا يتوقف عن طلب المال، فتقدمت بشكوى قضائية أودعتها ضد ضابط في سلك الأمن، منتصف شهر جانفي الماضي. تضمنت الشكوى أنها لا تعرف عن فارس الأحلام المحتال سوى أنه يدعى “محمد” وأنه نصب عليها وسلبها أموالا، قائلة: “تعرفت على المتهم بعد نشره عرض زواج بإحدى الجرائد اليومية الخاصة، حيث وعدني بالزواج بشرط ملاقاتي ولو لمرة واحدة، وعندما اتفقنا على موعد اللقاء والمكان الذي كان على مستوى بلدية القبة، حضر برفقة شخص آخر، قال لي بأنه سائقه الشخصي”. وتضيف الشكوى: “تحدثنا لعدة ساعات وقال لي إنه ضابط شرطة، وأنه ابن عقيد، وعندها تبادلنا أرقام الهواتف، وبعد فترة من الزمن توطدت العلاقة، أين راح يضغط عليّ لأعطيه مبلغ 12مليون سنتيم لتسديد أقساط عش الزوجية، وبعد ذلك طالبني بمبلغ إضافي بقيمة 8 ملايين”. وعندما أخطرته الطبيبة بأنها لا تملك هذا المبلغ حاليا، طلب منها أن تسلّمه مجوهراتها، موهما إياها أنه بحاجة ماسة لهذه الأموال وفي أقرب الآجال، وعندما رفضت ذلك حاول الاستيلاء على سيارتها، إلا أنها منعته، وبعد فترة زمنية راحت تطالبه بأموالها، إلا أنه كان يماطل ثم يتهرب من موضوع الزواج وحتى من إعادة أموالها، مما دفع بها لإيداع شكوى قضائية ضده، لتبدأ تحريات الشرطة حول القضية بالبحث عن أي معلومة لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بها. وبالتحري في هذا الملف، قررت الشرطة التوجه لمقر جريدة نشرت إعلاناته، وتحصلت على كل المعلومات الخاصة بهذا الشاب الذي ينحدر من بلدية الرويبة بالعاصمة، ليتم توقيفه وبحوزته مبلغ 124 ألف دينار. وبسماع أقواله، اعترف بأنه احتال على عشرات المطلقات وبنفس الطريقة، وكان يختار ضحاياه بعناية تامة، حيث كن أغلبهن من المطلقات العاملات وممن يملكن سيارات وحسابات بنكية، وكان ينشر إعلانا بالجرائد لتسهيل عملية الإيقاع بهن، حيث أكد أنه قدم عدة عروض بذات الجريدة تارة باسم سمير وأخرى باسم محمد، وكان يوهمهن بعد أول لقاء به، بأنه ضابط في سلك الشرطة وابن عقيد، ليتم بذلك استدعاء ضحاياه اللواتي سلب إحداهن مبلغ 62 مليون سنتيم، بعد أن ابتزّها بنشر صورها معه، في حين صرحت إحدى الضحايا بأنها تعرفت عليه بعد أن قامت هي بنشر إعلان عرض الزواج بذات الجريدة، فاتصل بها وبعد أن توطدت العلاقة بينهما سلبها 73 مليونا.