إنّ التّنمية وفي كافة مناحي الحياة اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها أصبحت أمل كلّ الشّعوب وهدف كلّ الحكومات، بما فيها حكومات الدول الإسلامية. ولكن هذه الحكومات مطالبة بأن تجد لنفسها النّمط التّنموي الّذي يتلاءم مع معتقداتها ومبادئ دينها الحنيف، وذلك بأن تأخذ عن الآخرين كما أخذوا عنها بالأمس في عنفوان شبابها، تأخذ عنهم ما تنمّي به مصادرها الذاتية ولكن دون أن يخلّ هذا الأخذ ولا يمسّ جوهر ديننا الحنيف.. وعليه، فالإدارة العامة في الدول الإسلامية والّتي يوكل إليها النّهوض بأعباء التّنمية، مطالبة بأن تعي ذلك وتعمل من خلال أمر الإسلام ونهيه، تأخذ ما يناسب وتترك ما لا يناسب.. مطالبة بأن تأخذ عن الآخرين بقناعة وحذر وبصيرة. وبطبيعة الحال، هناك العديد من المهام الّتي تدخل في كنف تلك المهام الرئيسية، وهذه المهام تختلف عن الوظائف، فوظائف الإدارة هي نفسها وظائف الإدارة المعروفة ولكن بطابع إسلامي يتناسب مع نهج الإسلام ومبادئه السّمحة. فالتّخطيط مثلاً لابدّ أن يكون ذا صبغة إسلامية كوظيفة من وظائف الإدارة الإسلامية وكذلك التّنظيم وكذلك القيادة وكذلك القرارات وما إلى ذلك ما لا يحصى عدّه. يقول سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} الفاتحة:1-7، والمراد بالصِّراط المستقيم هو صراط المسلمين في عقيدتهم وشريعتهم وإدارتهم واقتصادهم ومجتمعهم، مستقيمًا في أدائه، مستقيمًا في سلوكه، مستقيمًا في نهجه، فهو غير صراط الضالين وهم النّصارى وغير صراط المغضوب عليهم وهم اليهود. وفي موضع آخر من القرآن الكريم، المعجزة الخالدة.