يجمع أغلبية سكان جيجل أن ولايتهم ضاعت بين جغرافيتها وخصوصياتها التي تجمع بين الطابع الفلاحي والسياحي والبيئي وكذا الصناعي، ولم تحقق على مدار أربعة عقود منذ تاريخ ترقيتها إلى مصاف الولايات سنة 1974 الأهداف المرجوة، بما يعكس الثروات الطبيعية التي تزخر بها والمنشآت القاعدية الكبرى التي استفادت منها، والتي كلفت الدولة أغلفة مالية ضخمة، بل وأصبحت التنمية المحلية بها اليوم تدفع ثمن العزلة ونفاد العقار الموجه للبناء، بعدما دفعت ثمن الأزمة الأمنية وإفرازات النزوح الريفي الذي شهدته المنطقة خلال العشرية السوداء. عندما اتخذت الحكومة في شهر جوان من سنة 2009 قرارا بتحويل البواخر المحملة بالسيارات المستوردة من ميناء العاصمة نحو كل من ميناء مستغانم وجن جن، اعتقد الكثير من الجواجلة بأن هذه الخطوة من شأنها أن تزيل عنهم الغبن وتدفع بالحركية الاقتصادية للولاية التي لطالما حلموا بها إلى الأمام، إلا أنهم سرعان ما اكتشفوا بأن هذا النشاط وبغضّ النظر عمّا حققه من مداخيل إضافية للميناء وخلق مناصب شغل لمئات البطالين سيما من فئة السائقين، لم يكن يتلاءم مع طبيعة وخصوصية المنطقة التي تعيش العزلة، باعتباره سبّب ضغطا كبيرا على الطرقات، سيما الطريقان الوطنيان 43 و27 اللذان تعبرهما يوميا أعداد كبيرة من الشاحنات المحملة بالسيارات ومختلف أنواع المركبات المستوردة، إلى درجة أن أصبح يصعب السير بهما، كونهما يمثلان المنفذ الوحيد لسكان البلديات الشرقية على غرار الميلية وسيدي معروف والعنصر وسطارة أثناء التوجه لعاصمة الولاية، وكذا بالنسبة للمواطنين الراغبين في الدخول إلى الولاية أو الخروج منها نحو الولايات الشرقية والداخلية. وفي ظل غياب ميناء جاف ملحق لميناء جن جن ونقص المساحات المخصصة للتخزين التي تتلاءم وحجم الواردات من السيارات التي يتم تفريغها سنويا، والتي بلغت خلال السنة الماضية أزيد من 439 ألف سيارة من مختلف الأنواع والأصناف بما في ذلك الشاحنات والحافلات وعتاد الأشغال العمومية، لجأ بعض الوكلاء إلى استغلال أراضي ذات طابع فلاحي بعدما قاموا باستئجارها من مستثمرين، مثلما حصل ببلديات الأمير عبد القادر والقنار والشقفة، حيث تم تحويل عشرات الهكتارات من المساحات الفلاحية إلى حظائر للسيارات، في ظاهرة أثارت حالة من التساؤلات في أوساط المواطنين والمنتخبين، وأخذت حيزا زمنيا من الجدال داخل قاعة المداولات للمجلس الشعبي الولائي في دورته الأخيرة، حيث كشف مدير المصالح الفلاحية بالولاية بأن السلطات شرعت في متابعة 12 حالة تخص تحويل الطابع الفلاحي للأراضي قضائيا، وفق القوانين السارية المفعول.
محيط لسقي أراضي أكلها الإسمنت والقصدير وفي سياق متصل بالأراضي الفلاحية، يتساءل مهتمون بالقطاع على المستوى المحلي عن الجدوى من إنجاز محيط للسقي مثل الذي تجري آخر اللمسات به، والذي يمتد عبر سهول بلديات جيجل وقاوس والأمير عبد القادر والطاهير والشقفة إلى غاية القنار، الموجه لفائدة مساحة تقدر ب4885 هكتار، وكلّف خزينة الدولة 390 مليار سنتيم، باعتبار أن هذه الأراضي أصبحت تتقلص يوميا بفعل غزو الإسمنت، سواء بالطرق القانونية من خلال التحويلات التي تقوم بها السلطات لإقامة مشاريع تنموية ومرافق عمومية، على غرار ما حصل مع المزرعة النموذجية ”عدوان علي” بالمخرج الشرقي لعاصمة الولاية والتي تم تحويلها إلى قطب عمراني وإداري، أو من حيث الزحف المتواصل للبناءات الفوضوية، ولجوء الكثير من تجار مواد البناء إلى استغلال مستثمرات فلاحية كحظائر لبيع الإسمنت والآجر والحديد.. وغيرها، وأخيرا ما يحصل مع حظائر السيارات المستوردة.
جيجل الفلاحية تستهلك فلفل وطماطم أدرار! ومن بين المفارقات التي برزت خلال السنوات الأخيرة هو تخلي الكثير من الفلاحين عن خدمة أراضيهم، ما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي في أسواق المنطقة التي غزتها خضروات المناطق الصحراوية، على غرار تلك التي يتم جلبها من ولاية أدرار، سيما ما تعلّق بالفلفل بنوعيه والطماطم، رغم أن جودة الخضروات المحلية، كانت محل اهتمام العديد من المتعاملين الاقتصاديين الأوروبيين في وقت سابق، والذي وصل إلى حدّ خوض بعض الفلاحين لأول تجربة لهم في مجال التصدير مع مطلع العشرية الماضية. لكن سرعان ما تحوّلت كل تلك التجارب إلى رماد، خصوصا بعدما تيّقنوا بأنه من المستحيل تطوير المنتوج في ظل معاناتهم مع غلاء مختلف المواد الأولية، والخسائر التي يتكبّدونها سنويا جراء الفيضانات ومختلف الأمراض، ليكون المواطن الجيجلي هو الضحية الأول في خضم كل هذه المتغيرات، لدرجة أن بعض باعة الخضروات والفواكه يلجأون إلى استمالة عواطف الزبائن، من خلال عرض مختلف المنتوجات بالقرب من المزارع، على غرار تلك المتاخمة للطريق الوطني 43، وإيهامهم أنها منتوجات محلية، لكن تبين أن معظمها قادم من الصحراء والمناطق الداخلية.
برامج تنموية رهينة قرارات وزارة الفلاحة ولعلّ أكبر انشغال أضحى يشغل المسؤولين المحليين يكمن في كيفية ضمان تجسيد مختلف المشاريع التنموية في آجالها، بالنظر إلى العراقيل التي تعترضهم فيما يتعلّق بمشكل نقص العقار الموجه للبناء والناجم عن تشبّع المناطق العمرانية والاحتياطات العقارية العمومية، ما دفعهم في كل مرة لتوجيه ملفات إلى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بغرض طلب الاقتطاع من الأراضي ذات الطابع الفلاحي والغابي. وكثيرا ما يستغل والي الولاية، علي بدريسي، فرصة انعقاد اجتماع أو مناسبة ما للحديث عن مشكل العقار الآخذ في التفاقم، حيث تبقى عشرات المشاريع، سواء السكنية منها أو المتعلقة بإنجاز مرافق عمومية وتربوية، رهينة القرارات التي ستصدرها وزارة الفلاحة في هذا الشأن، والتي غالبا ما تستغرق وقتا طويلا، بل ووصل الأمر إلى حدّ توقف أشغال بعض المشاريع بعد انطلاقها عقب إعتراض قطاع الغابات، كما حصل بمنطقة التوسع العمراني ”مزغيطان”.
أكواخ العشرية السوداء وأكواخ اليوم وفي وقت تبقى إفرازات العشرية السوداء تلقي بظلالها على التنمية المحلية، من حيث غياب التوازن بين الريف والمدينة، خاصة أن هناك العشرات من القرى والمشاتي الجبلية تظل في وضعية مهجورة سيما ببلديات إراقن وسلمى وتاكسنة والعوانة وزيامة منصورية ووجانة، بعدما شهدت نزوحا جماعيا تحت ضغط الإرهاب مع بداية التسعينيات، رغم المساعي التي تقوم بها السلطات دوريا في سبيل إعادة إعمار بعضها، فإن المئات من هؤلاء النازحين لازالوا يقبعون داخل بيوت قصديرية تنعدم بها شروط الحياة على ضفاف بعض المدن والتجمعات الحضرية، على غرار حوالي 200 عائلة تقطن بحي 40 هكتارا بأعالي مدينة جيجل في ظروف مأساوية. وبينما ينتظر هؤلاء موعد ترحيلهم إلى سكنات جديدة، في إطار برنامج القضاء على السكن الهش الذي باشرته السلطات قبل سنوات، فقد برزت مؤخرا العشرات من البيوت القصديرية الجديدة في مواقع مختلفة بضواحي عاصمة الولاية، مثلما هو الشأن بحي حراثن ومنطقة الكيلومتر الثالث، لكن هذه المرة تحت ضغط أزمة السكن التي استفحلت بالمناطق الحضرية والريفية على حد سواء، في ظل كثرة طالبي السكن بمختلف الصيغ والذين قدر عددهم بعشرات الآلاف.
ريفيون لا يستفيدون من السكن الريفي ويطرح المواطنون والمنتخبون عبر أغلبية البلديات الريفية العراقيل التي تواجه الآلاف من السكان في الاستفادة من السكن الريفي، بسبب عدم قدرتهم على استخراج شهادات الحيازة التي تعدّ ضرورية في ملفات الاستفادة، وأشاروا، في هذا الإطار، إلى أن الأمر يتعلق بالمناطق التي أدرجت ضمن الاحتياطات العقارية العمومية خلال عمليات المسح التي أجريت عليها من قِبل مصالح مسح الأراضي، حيث لم يتم مراعاة الاستقرار السكاني في تلك المناطق، ما جعل مواطنين ريفيين من الذين ظلوا محرومين من هذه الإعانات يستغربون للطريقة التي تتبعها السلطات العمومية في هذا المجال، والتي أصبحت تجبرهم على البقاء في بيوت ريفية قديمة بقراهم الأصلية أو النزوح نحو المدن والمناطق الحضرية بحثا عن سكنات اجتماعية، وهو ما يؤدي إلى خلق أزمة أخرى مرتبطة بتخلي النازحين عن نشاطاتهم الريفية المعاشية التي توفر لهم بعض المنتوجات الزراعية وتلك المتعلقة بتربية المواشي، وإرغامهم على الوقوف في طوابير للحصول على أكياس الحليب التي تشهد منذ أيام ندرة حادة.
أسعار الشقق أغلى من أليكانت الإسبانية وأمام أزمة السكن والنقص الفادح في العقار الموجه للبناء على مستوى الجزء السفلي للولاية، سيما على امتداد الشريط الساحلي تحوّلت المنطقة إلى فضاء خصب للبزنسة بالعقار، حيث برزت خلال السنوات الأخيرة العديد من الوكالات العقارية غير القانونية ولجوء الكثير من المواطنين، سيما من فئة الشباب، إلى دخول عالم ”السمسرة”، ما تسبّب في ارتفاع كبير في الأسعار، ووصل سعر المتر المربع بوسط المدينة إلى أزيد من 20 مليون سنتيم، في حين اعتبر بعض العارفين بخبايا العقار بأن أسعار الشقق بالمدينة فاقت تلك المطبقة في بعض المدن الأوروبية على غرار مدينة أليكانت الإسبانية، على اعتبار أن شقة متواضعة وفي حي يحاصره الناموس وروائح القاذورات بمدينة جيجل– كما قال المتحدث- بيعت مؤخرا بأزيد من مليار سنتيم. وبرر أصحاب بعض الوكالات العقارية هذا الغلاء برغبة الكثيرين من أصحاب الأموال في اكتساب عقارات بالمنطقة، لاستغلالها لقضاء عطلتهم الصيفية أو كرائها للمصطافين، وهو ما يفسر وجود آلاف السكنات والبنايات في وضعية مغلقة بباقي الفصول الأخرى، بما فيها شقق استفاد منها مواطنون في إطار السكن الاجتماعي وحوّلوها إلى فضاءات للبزنسة، مستغلين بذلك العجز الكبير الذي تعانيه الولاية في مجال المرافق السياحية ونقص الاستثمارات عبر مختلف مناطق التوسع السياحي التي تراجعت مساحاتها هي الأخرى بفعل زحف الإسمنت والبناءات الفوضوية، ما جعل السلطات تقترح إلغاء ثمان مناطق من مجموع 19 منطقة كانت قد أنشأت في السابق.
بلارة.. هل يتحقق مشروع ”قطر ستيل” في حين فشل آخرون؟ وفي سياق الحديث عن الاستثمارات المنتجة للثروة، والتي فشلت ولاية جيجل في استقطاب العديد منها على مدار عقود من الزمن، رغم الأرقام المقدمة عن عدد المشاريع المعتمدة منذ عهد اللجنة التقنية الولائية في الثمانينيات إلى غاية لجنة المساعدة على ضبط العقار وترقية الاستثمار حديثة النشأة مرورا بلجنة ”الكالبي”، يتطلع المواطنون إلى رؤية منطقة بلارة الصناعية ببلدية الميلية تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها، وهي التي بقيت عبارة عن سهل غالبا ما يستغله شباب المنطقة كمتنفس لهم، حيث يتحوّل مع نهاية كل أسبوع إلى ملاعب في ممارسة كرة القدم يصل عددها أحيانا في التوقيت نفسه إلى أزيد من مائة ملعب ومقابلة بحكم شساعة الموقع الممتد على مساحة 523 هكتار، رغم اقتطاع 40 هكتارا، منها مؤخرا لإقامة مشروع محطة لتوليد الكهرباء بطاقة 1600 ميغاواط، في إطار تدعيم الشبكة الوطنية والمنطقة بالكهرباء، في حين يتخذ من بعض أجزائها موالون كمساحات للرعي، إلى جانب بعض العشاق الذين يقصدونها بحثا عن الخلوة. ولقيت الرغبة الأخيرة لمجمّع ”قطر ستيل” بإقامة مركّب للحديد والصلب بالمنطقة بالشراكة مع مجمّع ”سيدار”، وتقدّم المفاوضات في هذا الشأن، تفاؤلا كبيرا في أوساط سكان مدينة الميلية والولاية عموما، باعتبارهم سئموا من المشاريع الفاشلة التي لازمت المنطقة لأكثر من ثلاثين سنة، كون هذه الأخيرة كانت قد أنشئت مع بداية الثمانينيات بغرض إقامة مركّب الحديد والصلب ضمن الاستثمار العمومي، قبل أن يتم إلغاؤه تحت تأثيرات التحوّلات الاقتصادية، وإنشاء منطقة للتبادل الحر كبديل له بمرسوم تنفيذي تم توقيعه سنة 1997، والتي لم تتحقق هي الأخرى، لتلغى فيما بعد، حيث حلّت محلّها المنطقة الصناعية الحالية، وبين هذا وذاك استهلك الموقع مئات الملايير في منشآت وهياكل لم تستغل، بما في ذلك بعض المشاريع المكمّلة، على غرار محطة الفرز التابعة للشركة الوطنية للسكك الحديدية بمنطقة بازول، والتي أكل الصدأ أجزاء منها في ظل عدم استغلالها.
ولاية تحاصرها السدود وسكانها يشترون مياه الصهاريج ولعل من أكبر المشاريع التي تدعمت بها ولاية جيجل في السنوات الأخيرة هي تلك المرتبطة بقطاع الموارد المائية، حيث تتوفر حاليا على أربعة سدود توجد حيز الاستغلال، ويتعلق الأمر بكل من سدّ إراقن والعقرم وكيسير وبوسيابة، التي توفر طاقة تخزين إجمالية تقدر بأزيد من 400 مليون متر مكعب من المياه، في حين تجري الأشغال بسد تابوط المتاخم لبلديات تاكسنة وبني ياجيس وجيملة. وعلى الرغم من هذه الإنجازات التي تضاف إليها مشاريع التحويلات والشبكات، إلا أن سكان الكثير من التجمّعات السكنية يقومون بشراء مياه الصهاريج بغرض الشرب، مثلما هو حاصل بالمدن الكبرى على غرار جيجل والطاهير والميلية، التي تجوب شوارعها يوميا أزيد من 200 شاحنة لبيع المياه بسعر دينار للتر الواحد. ويرجع هذا– حسب المواطنين- إلى التذبذب الحاصل في توزيع المياه ببعض المناطق، في حين يشتكي آخرون من المذاق الرديء لمياه الحنفيات التي غالبا ما يستعملونها في مجال الغسيل والطبخ. واعتبرت ”الجزائرية للمياه” بأن الخدمات المقدّمة للزبائن ونوعية المياه ستعرف تحسنا كبيرا بعد استكمال مشروع إعادة تجديد شبكة التزود بأحياء مدينة جيجل، والتي تقوم بإنجازه شركة صينية بعد أن رصد له غلاف مالي يقدر ب260 مليار سنتيم، إضافة إلى مشاريع تجديد الشبكات على مستوى مدينتي الطاهير والميلية وتزويدهما انطلاقا من سدي العقرم وبوسيابة.
أزيد من 20 ألف مليار لم تقض على التخلّف بالإضافة إلى المشاريع الكبرى الجاري إنجازها على مستوى الولاية في مجال الاستثمار العمومي الوطني، أو تلك المسجلة ولم تنطلق بها الأشغال بعد، على غرار مشروع تأهيل وتوسيع ميناء جن جن بغلاف مالي قدر بحوالي 30 مليار دينار، وإنجاز محطة لتوليد الكهرباء بالميلية ب288 مليار دينار، وكذا مشروع الطريق السيّار جن جن– العلمة، الذي رصد له غلاف مالي قدر ب160 مليار دينار ومشاريع أخرى قيد الدراسة، فإن ولاية جيجل استفادت ضمن البرامج القطاعية والمخططات البلدية للتنمية منذ سنة 1999 إلى يومنا هذا من غلاف مالي قدر بأزيد من 20 ألف مليار، 13 ألف مليار منها برمجت قبل سنة 2009، حيث وجهت خصيصا لإعادة تأهيل الطرقات وفك العزلة عن مختلف المناطق والتزود بالمياه الصالحة للشرب ومشاريع التهئية والتموين بالغاز الطبيعي والكهرباء.. وغيرها. وتشير مصالح الولاية إلى أن هذه البرامج ساهمت بشكل كبير في فك العزلة عن بعض المناطق وإخراجها من دائرة النسيان الذي لازمها لسنوات طويلة، باعتبارها رفعت من نسبة الربط بالمياه الصالحة للشرب إلى أزيد من 75 بالمائة، وشبكة الصرف الصحي إلى حدود 74 بالمائة، مع ارتفاع نسبة التزود بالكهرباء إلى 98 بالمائة وبالغاز الطبيعي إلى نحو 61 بالمائة، وتدعيم حظيرة السكن بحوالي 34 ألف مسكن جديد، إضافة إلى تسجيل ارتفاع في عدد المؤسسات التربوية في الأطوار الثلاثة والتي بلغت 527 مؤسسة، وكذا في المقاعد البيداغوجية الجامعية التي فاقت 24 ألف مقعد بعد إنجاز القطب الثاني بتاسوست.. وغيرها من المشاريع الأخرى. غير أن المواطنين كلما ارتفع عدد المشاريع التنموية ازدادت تطلعاتهم لتحسين وضعهم المعيشي أكثر، حيث غالبا ما يطرحون مشكل غياب التنسيق بين مختلف المصالح التقنية، ما يجعل بعض الإنجازات لا جدوى منها، على غرار ما يحصل بعديد أحياء مدينة جيجل التي استفادت من أشغال للتحسين الحضري، لكنها لم تعمّر طويلا، حيث تبعتها أشغال حفر لإنجاز أو تجديد شبكات أرضية، على غرار ما مع مشروع تدعيم شبكة الكهرباء وتجديد شبكة التزود بالمياه، ومستقبلا مع المشروع المبرمج على مستوى مدينة جيجل بغلاف مالي يقدر ب400 مليار سنتيم، والمتعلق بإعادة تجديد شبكة الصرف الصحي.
الطريق الوطني 43 ومقر الولاية.. قبلة المحتجين وأكثر المشاكل التي يعانيها سكان الأحياء والقرى على مستوى الولاية، والتي ترصدها ”الخبر” يوميا، هي تلك المرتبطة بالعزلة وتدهور الطرقات، وكذا غياب التهيئة، حيث غالبا ما تنتهي شكاوى المواطنين باحتجاجات تحوّلت الطرقات، سيما الطريق الوطني 43 ومقر الولاية، إضافة لمقرات بعض البلديات إلى مسرح لها، في ظاهرة تفاقمت بشكل كبير خلال السنة الماضية، ووصلت إلى حدّ تسجيل خمسة احتجاجات ”غلق مقرات عمومية وطرقات” في يوم واحد، مع تنظيم حركات احتجاجية مختلفة في المكان والتوقيت نفسهما. في حين يرى المنتخبون أن أغلب شكاوى المواطنين التي تردّهم هي تلك المتعلقة بطلب الحصول على سكن، أو منصب شغل، وكذا الإعانات الاجتماعية المختلفة على غرار قفة رمضان ومنحة التمدرس. وأشار رئيس بلدية الطاهير، ثالث أكبر بلدية على مستوى الولاية، حفيظ بومحروق، في دراسة أجراها حول اهتمامات وانشغالات سكان البلدية- تحصلت ”الخبر” على نسخة منها- بأن 59 بالمائة من المواطنين الذين تم استقبالهم خلال السنة الماضية في إطار الموعد الأسبوعي المحدد من قِبل الإدارة، يطالبون بسكنات ومناصب شغل، وهو ما يمثل 1077 شخص من مجموع 1732 تم استقبالهم، في حين تمثل النسبة الأخرى مواطنون يطرحون إنشغالات مختلفة على غرار الطرقات والكهرباء والغاز والماء والتطهير والإعانات الاجتماعية.
العزلة متواصلة برا وجوا.. وطريق العلمة الحلم الأكبر غالبا ما يتساءل سكان ومنتخبو الولاية عن الأسباب التي جعلت المنطقة تتخبط في عزلتها على مدار سنوات، فالبعض يرجع ذلك إلى غياب إرادة سياسية من السلطات المركزية لفكّ العزلة عنها، وآخرون يعتبرون ذلك ناجما عن سلبية الجواجلة الذين لا يدافعون عن ولايتهم عكس ما يحدث في ولايات مجاورة وفق مقولة ”كل ولاية بأناسها”. ويتحدثون في هذا السياق عن مشروع توسيع الطريق الوطني 43، في شطره الرابط بين حدود الولاية وبلدية ملبو بولاية بجاية، والذي لم تنته به الأشغال بعد، على الرغم من مرور أزيد من أربع سنوات على انطلاقه. والأكثر من ذلك هو أن الفتح المؤقت للطريق خلال الصائفة الماضية تبعه غلق مطار فرحات عباس أمام الملاحة الجوية، بغرض إعادة تأهيل أرضيته في إطار مشروع ب150 مليار سنتيم، وبالتالي حرمان المواطنين من وسيلة نقل لطالما عوّضتهم معاناتهم الناجمة عن العزلة البرية، سيما أثناء نقلهم المرضى لمستشفيات وعيادات العاصمة، موازاة مع استمرار توقف نشاط نقل المسافرين بالسكك الحديدية في الخط الرابط بين جيجل وقسنطينة مرورا بمحطة رمضان جمال بسكيكدة، بعدما أعيد بعثه من قِبل الوزير السابق للنقل، عمار تو، في شهر أفريل من سنة 2009 بقطار جديد ذي الدفع الذاتي ”أوتوراي”. وأمام هذا وذاك يأمل سكان جيجل في أن يتحقق حلمهم الأكبر، والمتمثل في مشروع الطريق السيار جن جن- العلمة، الذي منحت صفقة إنجازه لمجمّع جزائري إيطالي، بمبلغ مالي يقدر ب160 مليار دينار، والذي يبقى ينتظر انطلاقته الفعلية، وكذا مشروع الطريق السيّار الذي سيربط الميلية بالطريق شرق غرب على مستوى منطقة ديدوش مراد، والذي أشار الوالي علي بدريسي بشأنه مؤخرا أنه استفاد من الدراسات.