أصبحت العاصمة التركية اسطنبول وجهة مفضلة لغالبية رجال الأعمال والتجار والبزناسية، لتحويل الأموال والتجارة، خاصة بعد اندلاع الحرب في سوريا وتضاؤل فرص الربح السريع بدبي، وتشير أرقام مصالح الجمارك إلى وجود العاصمة التركية في المرتبة الأولى من حيث تهريب العملة الصعبة بعد اسبانيا. وترجع أسباب اختيار العاصمة التركية كوجهة مفضلة للبزناسية، إلى فرص الربح السريع، خاصة فيما يتعلق بتجارة الذهب، بعد أن كانت اسبانيا وجهة لمن أرادوا اقتناء شقق وفيلات هناك لأسعارها المعقولة. سفريتان إلى اسطنبول مكنتنا من الاحتكاك بعشرات البزناسية والتعرف على سر تهافتهم على عاصمة العثمانيين بحثا عن مصدر رزقهم. بحي بايزيد الذي يعد معقلا للجالية الجزائرية في تركيا، خصوصا “الحراڤة”، يتجمع ألاف الجزائريين في فنادق تعتبر الأرخص هناك، إلا أن فندق “كاراصو” يشكّل استثناء، على اعتبار أن جل زبائنه جزائريون. والغريب في الأمر، أنه لا يمكن أن تجد لك غرفة هناك، لأن البزنانسية يأجرون الغرف بالسنة، وليس باليوم، ويتبادلونها فيما بينهم، كما أنهم يحظون بمعاملة طيبة من صاحب الفندق نظرا للهدايا التي يقدمونها له والمتمثلة في خراطيش “المارلبورو” و”الشمة”. “سامي”.. إمبراطور الذهب في تركيا ليس صعبا أن تعرف وجهة ألاف الأوروات التي تهرب من البلاد نحو اسطنبول، لأن لا أحد هناك يخفى عليه الأمر، لأن كل من يذهب إلى اسطنبول لابد أن يمر على سامي، تاجر الذهب التركي، الذي ذاع صيته بين الجزائريين على اعتبار أنهم أهم زبائنه على الإطلاق. داخل السوق المغطى أو “البازار الكبير”، يتواجد محل سامي للذهب والمصوغات. محل يتكوّن من طابقين يتم الولوج إليه عن طريق مصعد خاص. عشرات الحراس، معظمهم مموهين، وخزائن فولاذية تحرص بالكلاشنيكوف، باختصار هذا هو المحل الذي يحج إليه بزناسية الذهب الجزائريين، لدرجة أن صاحبنا أصبح يتقن اللهجة العاصمية، خاصة كلمة “ريڤل روحك” التي كثيرا ما يسمعها من الجزائريين لما يطلبون منه تخفيض الأسعار. ويكمن سر اختيار غالبية البزناسية لسامي، لجودة الذهب الذي يجلبه من ايطاليا، خاصة الماركات المعروفة، وكذا قدرته على تلبية كل الطلبيات في فترة قصيرة، علما بأنه يتعامل مباشرة بالأورو، ولا شك في أن 80 في المائة مما يخرج عبر المطار من الأورو يوجه إليه، لدرجة أنه أرسى بورصة خاصة بالذهب. الحدود البرية أفضل من المطار بعد تشديد الخناق على المطارات، ارتأى البزناسية لتهريب العملة عبر الحدود البرية، ومن ثم عبر مطار تونس على اعتبار أنه يسهل تمرير الملايين من هناك، ومن ثم توجيهها نحو مدن اسطنبول ودبي واسبانيا.