لم تصمد التعليمة الأخيرة التي أرسلتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم إلى النوادي المحترفة المتعلّقة بتسقيف الأجور أكثر من شهر، حتى بدأت التجاوزات والخروقات تظهر بشكل جلي لتؤكد أن القرار الذي رفعه رؤساء الأندية وتبنّته “الفاف” كان حبرا على ورق، بل الأكثر من هذا، فقد عرفت رواتب اللاعبين ارتفاعا قياسيا غير مسبوق، في ظل السباق المحموم لرؤساء النوادي على “تبذير” المال العام. لا يمرّ يوم حتى تطالعنا فيه وسائل الإعلام الجزائرية عن تعاقدات بالملايير وأجور بمئات الملايين، ويضاف إليه حصول كل لاعب، عند توقيع عقد جديد، على تسبيق لما لا يقل عن ثلاثة أشهر، كما هو الحال مع اللاعب يوسف بلايلي، الذي أجمعت المصادر على أن راتبه الشهري في فريقه الجديد اتحاد العاصمة لا يقل عن 450 مليون سنتيم، وأيضا عبد الرحمن حشود، الذي جدد تعاقده مع مولودية الجزائر مقابل 300 مليون سنتيم شهريا، وقبله اللاعب قورمي، الذي وقّع لذات الفريق، بنفس القيمة، والحارس فوزي شاوشي ب200 مليون، والحارس الجديد لشبيبة القبائل عز الدين دوخة ب220 مليون سنتيم والقائمة طويلة، دون أن يصدر تكذيب أو نفي من المعنيين بالأمر. وتحدثت مصادر عن لجوء بعض النوادي لتبرير الأموال الزائدة عن الحد الأقصى للأجور، باستحداث منح الإمضاء مجددا الذي كان معمولا به قبل تطبيق الاحتراف، في حين يفكر آخرون في تضخيم العلاوات والمنح كوسيلة أخرى. وكانت “الفاف” قد تبنّت قرار تسقيف أجور اللاعبين لموسم 2014-2015، عندما حددت مبلغ 120 مليون سنتيم كراتب شهري للاعبين الدوليين، و80 مليون سنتيم للاعبين الذين لا يملكون هذه الصفة، وراسلت النوادي المحترفة ال32 يوم 20 ماي الماضي لإشعارها بالقرار والتحذير من مغبة تجاوزه. ويأتي “تضخيم” أجور اللاعبين في وقت تعيش فيه الكرة المحلّية أسوأ مراحلها، ما يعكسه الغياب شبه التام للاعبين المحليين عن القائمة التي اختارها الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش للمشاركة في مونديال البرازيل، بينما لم يحقّق فيه أي ناد جزائري لقبا قاريا منذ أكثر من عشرية (آخر تتويج كان مع شبيبة القبائل كأس الكاف 2002)، وهو ما لا يهمّ أحدا مادام أن الأمر يتعلق بالمال العام وغياب أي آلية للرقابة والمحاسبة.