يلتزم رؤساء البلديات في الطارف الصمت في المنابر الرسمية التي تجمعهم مع الوالي، الذي يحمّل المنتخبين المحليين الجزء الأكبر من تنامي الاعتصامات والاحتجاجات التي أضحت كابوسا يلاحق السلطات المحلية يوميا. في كواليس هذه المنابر الرسمية يشكو هؤلاء الأميار “اليد القصيرة والعين بصيرة”، على اعتبار أنهم محدودو الصلاحيات المجمعة لدى رؤساء الدوائر، وجمود الحركة التنموية في مشاريعها المبرمجة ضمن قطاعات النشاط، مع تبرير ذمة مسؤوليتهم من الغليان الاجتماعي الذي يزداد ضراوة كل يوم، مع تمسك الفئات المحتجة بالتحاور مع الوالي دون غيره بما يعني، حسب مفهوم المنتخبين، أن فئات المحتجين يرفضون الحوار معهم ويتفهمون بأن انشغالاتهم ومطالبهم الاجتماعية والمهنية تتجاوز رؤساء البلديات ومجالسهم الشعبية المحلية. وفي إحصائية أمنية متتبعة لظاهرة تنامي واستفحال الاحتجاجات اليومية سجلت منذ بداية شهر سبتمبر الماضي إلى غاية 19 أكتوبر الجاري، أي في ظرف أقل من شهرين، اندلاع 41 حركة احتجاجية مست جميع بلديات الولاية، أي بمعدل احتجاج كل يوم، إذا ما استثنينا أيام الجمعة، وحولت ربوع الولاية إلى كابوس زرع الخوف وسط مستعملي الطرقات وموظفي وقاصدي مقرات البلديات والدوائر ومقر الولاية، واحتلت صدارة الانشغالات والمطالب السكن الريفي والاجتماعي، مياه الشرب، الكهرباء، التهيئة الحضارية، تطهير المحيط وإزاحة التعفن، والقمامات المنزلية وتهيئة الطرقات المتوحلة، إضافة إلى مشاكل النقل المدرسي، إلى جانب احتجاجات مهنية أخرى تخص فئة الناقلين الخواص والتجار والفلاحين والشباب المستثمر بالمؤسسات المصغرة. وتبقى مثل هذه الاحتجاجات اليومية تؤرق المسؤولين والمواطنين على حد سواء، ورغم فتح الإدارة لأبواب الحوار، فإن الظاهرة تتكرر مرة ثانية في الموقع الواحدة وللفئة الواحدة بمبرر أن المحتجين يتلقون وعودا جوفاء وتحركات صورية لامتصاص غضبهم دون الاستجابة لأدنى الانشغالات والمطالب.