جاء ذلك على هامش المؤتمر الدولي لأمراض القلب الذي انطلقت أمس فعالياته بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، وتتواصل على مدى ثلاثة أيام، وهو المؤتمر الذي شهد مشاركة أكثر من 800 طبيب مختص وأطباء عامين وأطباء استعجالات. وقد حضر إلى جانب الأطباء الجزائريين الذين قدموا من مختلف أنحاء الوطن، خبراء في المجال من كل من تونس وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والولايات المتحدةالأمريكية. وعن انتشار أمراض القلب وسط الجزائريين وفي العالم، أكد البروفيسور بوعافية، رئيس الجمعية الجزائرية لطب القلب، أنها باتت أكثر انتشارا، وأن الجزائر تحصي سنويا 80 ألف إصابة جديدة من بين 18 مليون مصاب تحصيهم مختلف دول العالم. نصف الوفيات سببها القلب يحدث هذا في الوقت الذي تشكل وفيات المرض أكثر من 52 بالمائة من مجموع الوفيات عندنا وفي العالم، مقارنة مع وفيات السرطان التي لا تتعدى نسبة 14 بالمائة، “ما يعني أن أمراض القلب في بلادنا تقتل أكثر من كل السرطانات مجتمعة وكذا أكثر مما تجنيه سنويا حوادث المرور من ضحايا”، حسب بوعافية. إلى ذلك، يشير محدثنا بأصبعه إلى الأشخاص المدخنين الذين كما يقول “يؤذون أنفسهم، ويتسبّبون في إصابة الغير بأمراض القلب”. قوانين معطلة وعن عوامل الخطر التي من شأنها أن تساهم في الإصابة بأحد أمراض القلب، يقول البروفيسور شطيبي محمد، رئيس وحدة القسطرة بمستشفى البليدة، إنها متعددة ومنها التدخين، وخاصة السلبي منه حيث لا يحترم أصحابه خصوصية الأماكن العمومية، وبالتالي يتسببون في إلحاق الضرر بالغير، رغم أن الجزائر تملك قوانين رادعة تمنع ذلك لكنها غير مطبقة في الواقع، رغم أن تجارب أوروبية تشير الى نجاح العديد من الدول في تقليص عدد الاصابات بجلطات القلب بنسبة تصل إلى 30 بالمائة، وذلك من خلال منع التدخين وبصرامة في الأماكن العمومية. وإضافة إلى عامل التدخين تتضافر عوامل أخرى لتتسبب في مختلف أمراض القلب، منها داء السكري وارتفاع الضغط الشرياني. وفي هذا المجال، أكد البروفيسور نيبوش جمال الدين، رئيس مصلحة أمراض القلب بمستشفى بارني، أن 30 بالمائة من الجزائريين مصابين بداء ارتفاع الضغط الشرياني، إلى جانب 12 بالمائة يعانون من داء السكري، وكلهم معرضون للإصابة بأمراض القلب، ناهيك عن زيادة الأمل في الحياة بالنسبة للفرد الجزائري ما يجعله عرضة أكثر لعدة أمراض منها أمراض القلب، حيث لم يكن الأمل في الحياة بداية الستينيات يتعدى 46 سنة ليقفز إلى 78 سنة في 2014. احذروا السمنة وتعتبر السمنة أحد عوامل الخطر، خاصة أن نمط عيش الجزائري بات يعتمد على الأكلات السريعة الغنية بالدهون، في الوقت الذي لا يمارس أي نوع من الرياضة، ويقضي معظم ساعات يومه جالسا إما قبالة شاشة الكمبيوتر أو بالسيارة، إلى جانب عامل القلق الذي بات يميز يوميا حياة الجزائري، ناهيك عن عوامل أخرى ممثلة في العوامل الوراثية، حيث إن هناك عائلات تتوارث عبر أجيال إصابات القلب. شبكة أطباء للتكفل بمرضى القلب ويظهر أن أول قسم يقصده مريض القلب هو الاستعجالات التي عادة ما تشهد وفيات كثيرة لهؤلاء المرضى. وعن هذه المسألة أكد لنا الدكتور دحومان يوغرطة، اختصاصي أمراض القلب بمستشفى الثنية ببومرداس، أن 80 بالمائة من المترددين على الاستعجالات يشكون من أمراض القلب والشرايين، مضيفا أن دورهم كأطباء يتمثل في تشخيص الحالة وإسعافها عن طريق فتح الشريان بطريقة حقن خاصة، مضيفا أنه يعمل ضمن شبكة أطباء تم توزيعهم عبر الوطن من أجل التكفل بمرضى القلب. وحول المسألة ذاتها، يؤكد رئيس الجمعية الجزائرية لطب القلب على أهمية دور الطبيب العام في هذا المجال باعتباره أول من يستقبل الحالات، حيث قال إن الطبيب العام إذا تم تكوينه في مجال أمراض القلب “في إطار التكوين الطبي المتواصل” من شأنه أن يتكفل بعديد الحالات التي تصله، على أن تتم متابعتها فيما بعد من قبل أطباء أمراض القلب، وهو ما يدخل ضمن تكاثف جهود شبكة الأطباء. علما أن الجزائر تحصي ما بين 900 إلى 1000 طبيب مختص في القطاعين الخاص والعمومي.