لن تكون مهمة وزير المالية الجديد عبد الرحمان بن خالفة على رأس القطاع، سهلة بالنظر إلى الوضعية المالية التي تمر بها الجزائر جراء تراجع المداخيل الوطنية وعجز الخزينة والميزانيات القطاعية، ألجأت الحكومة إلى الاستنجاد بقانون مالية تكميلي بضبط النفقات العمومية والتخفيف من بعض المصاريف التي كانت تتحملها الخزينة العمومية. أزمة أسعار النفط التي انعكست بالنسبة للجزائر في شكل أزمة مالية، تفرض على وزير المالية الجديد عبد الرحمان بن خالفة، إيجاد الحلول للمعادلة التي أخلطت أوراق سابقه على رأس القطاع، على اعتبار أنه مطالب بخفض وترشيد الإنفاق العمومي من جهة، وضخ الأموال لصالح القطاعات لاستكمال البرامج المسطرة، فضلا عن عدم المساس بالتحويلات الاجتماعية والأموال التي تضخها الخزينة لدعم أسعار المواد الأساسية، من منطلق أن السلطات العمومية اعتبرتها أحد الخطوط الحمراء التي لا يمكن المساس بها. وعلى هذا الأساس، فإن الوزير الجديد مُطالب بتفعيل الإصلاحات المالية التي طالما دعا إليها بصفته خبير ومستشار مالي لتحسين أداء المؤسسات المالية والمنظومة المصرفية بشكل عام، في وقت أشار بن خالفة في أول تصريح له عقب تنصيبه إلى “مواصلة ديناميكية الإصلاحات التي يشهدها قطاع المالية” ووعد بتسريع وتيرتها، وبينما شدد على الدور الذي يلعبه قطاع المالية في عصرنة الإدارة العمومية وفي التنمية الاقتصادية وضرورة بذل المزيد من الجهود ل”الحفاظ على توازنات الميزانية للدولة دون المساس بالقدرة الشرائية للمواطن”، فإن تجسيد هذه الإصلاحات وجعل المنظومة المالية فعّالة من الناحية الاقتصادية تشكّل تحد بالنسبة للمسؤول الأول على القطاع. وبالموازاة مع تجسيد هذه التوازنات ميدانيا، فإن المسؤول الأول على قطاع المالية، مطالب ب«تحرير” القطاع، من خلال فتح المجال للاستثمار في مجال البنوك ومنح الاعتماد لمصارف أو فروع جديدة من أجل تحسين التغطية المصرفية التي تظل متأخرة، حيث يصل العجز إلى 50 في المائة، الأمر الذي يؤثر على تمويل المشاريع الاقتصادية عبر القروض البنكية. وتفرض الوضعية الحالية على وزير المالية أيضا إعادة النظر في منحة السياحة، حيث كانت الوزارة سابقا قد قابلت طلب رفعها بالرفض، من منطلق أن المنحة المقدّرة ب130 أورو موجهة للسياحة والترفيه، أي حوالي 15 ألف دينار، وهما ليسا من أولويات الخزينة العمومية، الأمر الذي من شأنه أن ينعش بطريقة غير مباشرة تجارة العملة في السوق الموازية من خلال ارتفاع الطلب عليها، في الوقت الذي تحاول السلطات العمومية مواجهة هذه الظاهرة واسترداد الأموال المتداولة على مستواها بالطرق الأمنية. ويعتبر تطبيق قانون النقد والقرض في إطار إنشاء شبابيك الصيرفة وتحويل العملة، كذلك، من أهم الملفات التي تنتظر الحل المرتبط بشكل خاص بمنح الوزارة الضوء الأخضر لفتح هذه الشبابيك، وقطع الطريق أمام التجارة الموازية، بالإضافة إلى تخفيف التعامل بالنقد وتفعيل الصكوك والبطاقات الائتمانية، التي تعد أحد أهم مطالب المتعاملين الأجانب للاستثمار في السوق الوطنية.