هاء الرِّفعة: هي الهاء المضمومة في كلمة (عليهُ) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. الأصل أن تكون الهاء في (عليهِ) مكسورة، ولكن جاءت هنا مضمومة، والضمّ علامة الرّفع، والمَقام مقام رفعة، فكأن الرّفعة أصابت الهاء في (عليه) فكان من غير المناسب أن تبقى مكسورة، لأنّ الكسرة لا تناسب هذا الجو، لذلك تحوّلَت الكسرة إلى الضمّة علامة الرّفع، وانعكس الجو على حركة الهاء. والآية أيضًا تتحدث عن الوفاء بالعهد والبيعة، ولمّا كان الوفاء بالبيعة دليل على صدق المبايع، وعلوِّ همّته، ورفعة نفسه، وسمو خلقه، لذا جاءت الهاء مضمومة، وكأنّ علامة الرّفع جاءت من قوله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}. هاء الخفض: وهناك هاء أخرى في القرآن الكريم، تقابل هاء الرّفعة، وهي هاء الخفض، وهي الهاء الّتي دخل عليها حرف الجر {في} في قوله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ الَلهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}. فقد نصّ علماء القراءات والتّجويد على إشباع كسرة الهاء في قوله تعالى: ويخلد فيه مُهانًا فتقرأ هكذا “وَيَخْلُدْ فِيهِي مُهَانًا” بالإشباع مع أنّ الهاء في مثيلاتها يكتفى بكسرتها، فلماذا مَدّت الهاء هنا أكثر من حركتين؟ إن وراء الهاء سرًّا دفينًا وعجيبًا، وهو أنّ الّذي دعا إلى هذا هو السياق الّذي وردت فيه، فقد سبقها ذكر مجموعة من المعاصي والفواحش التي لا يفعلها عباد الرّحمن، ثمّ ذكرت الآيات ما يترتّب على هذه الكبائر من عقوبة، وهي العذاب المضاعف مهانًا ذليلاً خاسئًا..