تفتح محكمة الجنح بسيدي أمحمد بالعاصمة، بتاريخ 30 سبتمبر الجاري، ملف تضخيم فواتير استهلاك الكهرباء بمؤسسة سونلغاز، إضرارا بمؤسسات عمومية وخاصة، على غرار رئاسة الجمهورية، والمديرية العامة للأمن ومقرات للشرطة، وثكنات عسكرية، إضافة إلى مركز صكوك البريد بساحة الشهداء وشركة توزيع المياه للجزائر “سيال”. تعود خيوط هذه القضية الثقيلة لجانفي 2011، إثر معلومات وصلت الفصيلة الإقليمية الاقتصادية للدرك الوطني بباب الجديد، التي انطلقت في التحقيق مع ست مديريات تابعة لشركة توزيع الكهرباء والغاز، وهي الحراش، وبلوزداد، وجسر قسنطينة، وبومرداس، وتيبازة وبولوغين، التي تضمن فوترة الكهرباء لعدد كبير من الهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمواطنين العاديين. وبينت التحقيقات أن هذه المديريات ضخمت آلاف الفواتير على مدار سنوات، بعيدة جدا عن قيمتها الحقيقية، ما دفع بالمتضررين من هيئات حكومية ومؤسسات عمومية لإيداع شكاوي أمام المحاكم. وعن الأسباب الحقيقية وراء عملية التضخيم، فأكدت مصادر على صلة بالملف، أنها تعود أساسا إلى ضياع 30 في المائة من الطاقة الكهربائية، أي “الثلث” نتيجة سوء التسيير على مستوى الشركة، ما يوقع موظفي مصلحة الفوترة في ورطة، فالطاقة المنتجة لا تعادل الكمية التي يتم توزيعها والتي يتوجب فوترتها. ولسد هذه الثغرة المالية، يلجأ المسؤولون إلى سد العجز بتضخيم فواتير استهلاك الكهرباء لهيئات مدنية وعسكرية، تتكفل الخزينة العمومية بسد استهلاكها من الطاقة. تعليمات فوقية ووصل في البداية عدد الأشخاص المشتبه في تورطهم في الفضيحة، المعروفة ب«أيرون” الجزائر، ل 200 مسؤول، بينهم مسؤولو المديريات الجهوية الست الحاليين والسابقين ومديري الوكالات الفرعية ال36 وإطارات أخرى. واعترف البعض منهم، حسب مصادرنا، بتعمدهم تضخيم الفواتير بناء على تعليمات فوقية، هدفها تسجيل نتيجة جيدة في تخفيض نسبة الضياع التي تعد مؤشرا أساسيا في التنقيط للحصول على منحة النجاعة السنوية المدونة في عقد مبرم. لكن التحقيق سرعان ما أفضى إلى توجيه أصابع الاتهام ل27 إطارا، بتهم تتعلق بالتزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، وسوء استغلال الوظيفة، وكبّد المتهمون خسائر كبيرة للخزينة العمومية على مدار ست سنوات (2005-2010)، حيث تم تضخيم 6883 فاتورة بقيمة إجمالية فاقت 400 مليار سنتيم. وحسب ما كشفته الخبرة، يكون مبنى رئاسة الجمهورية المتضرر الأكبر من عملية التضخيم، التي تورطت فيها كل من وكالة بلوزداد وبولوغين، حيث فاقت الخسارة 514 مليون دينار.