روى البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما من أيّام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى اللّه من هذه الأيام- يعني أيّام العشر- قالوا: يا رسول اللّه ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال: ولا الجهاد في سبيل اللّه إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ثمّ لم يرجع من ذلك بشيء”، وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما من أيام أعظم ولا أحبُّ إلى اللّه العمل فيهنّ من هذه الأيّام العشر فأكثروا فيهن من التّهليل والتّكبير والتّحميد”، وروى ابن حبان في صحيحه عن جابر رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “أفضل الأيّام يوم عرفة”. ذ إنّ العمل في العشر من ذي الحجة من أفضل النِّعَم من اللّه عزّ وجلّ على عباده، وهي فرصة عظيمة يجب اغتنامها، وحريّ بالمسلم أنْ يخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن يحرص على مجاهدة نفسه بالطاعة فيها، وأن يُكثِر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السّلف الصّالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا- أي السّلف- يُعظِّمُون ثلاث عشرات: العشر الأخيرة من رمضان، والعشر الأوّلى من ذي الحجة، والعشر الأوّلى من محرم. ومن الأعمال الّتي يُستَحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيّام ما يلي: - أداء مناسك الحج والعمرة: وهو أفضل ما يعمل، يقول صلّى اللّه عليه وسلّم: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة” متفق عليه. والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، الّذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات. - الصيام: صيام هذه الأيام أو ما تيسّر منها- وبالأخص يوم عرفة- وهو من أفضل الأعمال الصالحة. فعن حفصة رضي اللّه عنها قالت: “أربع لم يكن يدعهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيّام من كلّ شهر والرّكعتين قبل الغداة” رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصحّحه. - التّكبير والتّحميد والتّهليل والذِّكر: قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} وقد فسّرت بأنّها أيّام العشر، وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما من أيّام أعظم عند اللّه ولا أحبّ إليه العمل فيهن من هذه الأيّام العشر، فأكثروا فيهن من التّهليل والتّكبير والتّحميد” رواه أحمد. - التوبة: والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب حتّى يترتّب على الأعمال المغفرة والرّحمة، قال صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إنّ اللّه يغار وغيرة اللّه أن يأتي المرء ما حرم اللّه عليه” متفق عليه. - كثرة الأعمال الصّالحة: من نوافل العبادات كالصّلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ونحو ذلك، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه عن ربّه: “ولا يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنّوافل حتّى أحبّه” رواه البخاري. - وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيّام بالإضافة إلى ما ذكر، منها: قراءة القرآن وتعلّمه، الاستغفار، برّ الوالدين، صلة الأرحام والأقارب، إفشاء السّلام وإطعام الطعام، الإصلاح بين النّاس، حفظ اللسان والفرج، الإحسان إلى الجيران، إكرام الضيف، الإنفاق في سبيل اللّه، إماطة الأذى عن الطريق، النّفقة على الزوجة والعيال، كفالة الأيتام، زيارة المرضى، قضاء حوائج الإخوان والصّلاة على النّبيّ المختار صلّى اللّه عليه وسلّم.. وغيرها.