كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُبالغ في أخذ الأمراء بالعدل، وكان يقول “أحبّ النّاس إلى الله تعالى يوم القيامة وأدناهم منه مجلسًا إمام عادل، وأبغض النّاس إلى الله تعالى يوم القيامة وأبعدهم منه مجلسًا إمام جائر”. وكان عليه الصّلاة والسّلام يقول “ألاَ كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الّذي على النّاس راع وهو مسؤول عن رعيّته”، ويقول أيضًا “ما من عبد يسترعيه الله رعيّة، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيّته، إلاّ حرّم الله عليه الجنّة”. وكان عليه الصّلاة والسّلام يطلب من الأمير أن يحوط رعيّته دائمًا. وفي هذا يقول صلّى الله عليه وسلّم “مَن ولّيَ من أمر المسلمين شيئًا ثمّ لم يحطهم بنصحه كما يحوط أهل بيته فليتبوّأ مقعده من النّار”. وكان صلّى الله عليه وسلّم ينصح للأمير أن يتخيّر معاونيه من الرّجال الصّادقين بقوله “إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق إن نسيَ ذَكَّره، وإن ذَكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نَسِيَ لم يَذكُره وإن ذكره لم يُعِنه”. كما حذّر عليه الصّلاة والسّلام الأمراء من بطانة السُّوء (أهل النّميمة والوشاية) فقال “ما بعث الله تعالى من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلاّ كانت له بطانتان: بطانة تأمُره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشرّ وتحضه عليه، والمعصوم مَن عَصمه الله تعالى”. وكان صلّى الله عليه وسلّم يطلب من الموظّف المسلم الأمانة التامة. وقد لعن الرّاشي والمرتشي. وكان يقول “مَن استعملناه على عمل فكتمَنَا مخيطًا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة”. ولمّا استقرّ الأمر للرّسول صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة كتب الله على المسلمين الجهاد في سبيل نشر الدّعوة الإسلامية وذلك في السنة الثانية للهجرة المعروفة بسنة نصرة المسلمين ببدر الكبرى على الكفّار، بقوله تعالى في سورة البقرة {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. وأوّل غزواته صلّى الله عليه وسلّم غزوة بدر الكبرى حيث ارتفعت راية الإيمان على راية الشِّرك ثمّ تلتها غزوات وسرايا أخرى.. إلى أن تَكرَّم الله على رسوله بفتح مكّة المكرّمة.