أعلن رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيبش إن المجلس وجه خطبة موحدة، إلى كل مجالسه الجهوية ولكل الأئمة، حتى تتلى في جميع المساجد بفرنسا قبل صلاة الجمعة، وذلك على خلفية الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي هزت باريس. وورد في تقديم هذه الخطبة أنه "على غرار كل المواطنين الفرنسيين، نحن أهداف محتملة لهذا النوع من أعمال القتل الأعمى"، و"لأن هذه الأعمال الإجرامية تم ارتكابها من قبل أبناء فرنسا الذين يدعون الإسلام ويعتبرون أنفسهم كشهداء منخرطين في جماعة جهادية"، "فمن البديهي أن مجموع مسلمي فرنسا يدينون بدون أي لبس الاعتداءات الدموية".
وأكدت الخطبة أنه من الطبيعي في ظل هذه الظروف أن يظهر المسلمون مواقفهم الرافضة للإيديولوجية التي تغذي المتورطين في هذه الأعمال الإجرامية.
يقر المجلس في الخطبة أنه أمام الخلط الذي يمكن أن يعرض المسلمين لموجة جديدة من الأعمال المعادية للمسلمين "يجب ألا يملوا من تكرار، وبصوت مرتفع، أن الإسلام الأصلي بعيد بسنوات ضوئية عن إيديولوجية الكراهية لهؤلاء المجرمين الإرهابيين".
وتدعو الخطبة المسلمين في فرنسا إلى "مواصلة التأكيد على أن رفضهم بدون لبس لكل أشكال العنف أو الإرهاب، التي تنفي ضمنيا قيم السلام والأخوة التي ينص عليها الإسلام".
ويؤكد المجلس في هذه الخطبة أن "هذه الجماعات الإرهابية التي زرعت الرعب في العالم، ما هي إلا تجسيد لإيديولوجية لفرقة منشقة قاتلت الرسول" وأسماها ب"خوارج العصر الحديث".
تستدل الخطبة بحديث للنبي محمد، اعتبرها المجلس وصفا لهؤلاء المتطرفين جاء فيها: (( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين؛ كما يمرق السهم من الرمية)).
وتشرح الخطبة تمكّن المتطرفين من تجنيد الشباب في جميع مناطق العالم لخدمة "مشروعهم الهدام"، بكونهم يقدمون "قراءة تضليلية" لمضامين نصوص دينية.
ودعا المجلس في هذه الخطبة لأن يتحمل المسلمون مسؤوليتهم على أن تكون قراءة النصوص الدينية من علماء يملكون العلم والحكمة. وأثار بشأن هؤلاء الإرهابيين قول الخليفة الرابع علي بن أبي طالب بحقهم: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الأَرْضَ فَلا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلا أَرْجُلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ".
"الجهاد في النفس: بالتربية وتنقية الروح"، "الجهاد بالفكر: عن طريق الجهد الفكري بهدف خدمة الإنسانية"، "الجهاد بالكتابة: بنشر مؤلفات ذات منفعة عامة، كتابة مقالات تنويرية تواجه الاتهامات الخاطئة للإسلام والمسلمين"، "الجهاد بالمال: بالإنفاق في الأعمال الخيرية والمساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية".
وتوضح الخطبة أن الإسلام لا يسمح باللجوء إلى حمل السلاح إلا إن اقتضت الضرورة ذلك، في حالة الدفاع عن النفس عند التعرض لهجوم من قبل الأعداء.
وتذكر الخطبة بالمكانة التي تحظى بها الحياة في الإسلام، مستعرضة في هذا السياق الآية التي تقول "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".
وفي الختام شددت على تمسك المسلمين في فرنسا بقيم الجمهورية، وانخراطهم الكي فيها. ودعت "للوطن فرنسا بالحماية والمباركة"، كما عبرت عن تمنيات المسلمين لها ب"السلام والأمن والازدهار".