هل يقع الطّلاق إذا ردّده الرّجل أو أسمعه لنفسه ولم تسمعه زوجته؟ نعم يقع ولو لم تسمعه زوجتُه، فقد نواه ونطقه وأسمعه لنفسه، وينبغي للرّجال معرفة أحكام الطّلاق فهو ليس لفظًا يقوله متى شاء دون تحَمُّل عواقبه، فهي مجرّد كلمة يقولها لكن تترتّب عليها آثار خطيرة. فإن كانت المرّة الأولى الّتي طلّقها أو الثانية يجوز له أن يرجعها ما دامت في العدّة، فإن انقضت عدّتُها بانت منه بينونة صغرى لا يرجعها إلاّ بعقد جديد ومهر جديد. وإن كانت المرّة الثالثة فإنّه لا يجوز له إرجاعها وتَحرم عليه حتّى تتزوّج زوجًا غيرَه بغير نيّة التحليل ثمّ يُطلّقها أو يموت عنها. هذا بيان للأحكام المترتّبة على الطّلاق حتّى لا يتلاعب به الرّجال. والله أعلم. والِدٌ قسّم ممتلكاته بين أبنائه الأربعة، ومَلَّكَ كلّ واحد منهم نصيبَه بعقد ملكيّة وليس هبة، مع إشهاد أربعة شهود، لكنّه يُطالب أحد أبنائه الأربعة بمبلغ كِراء مستودع أصبح من نصيبه ليَقسِم المبلغ بين أبنائه الأربعة، فهل يجوز له ذلك؟ إنّ الهبة من الأب لأبنائه صحيحة جائزة، إلاّ أنّ المطلوب من الوالدين التّسوية بين الأولاد في الهِبات والعطايا، لما في التّسوية من المحافظة على دوام المودّة بين الإخوة، والعون على برّ الأبناء بآبائهم، وقد سمّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم التّفرقة بين الأولاد جُورًا لما ينتج عنها من الفرقة والتّباغض والعقوق وقَطع الرّحم، كما في حديث النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدّق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمّي عَمْرَة بنت رَواحة: لا أرضى حتّى تُشهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانطلق أبي إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أفَعلْتَ هذا بولدك كلّهم؟ قال: لا، قال: “اتّقوا اللهَ واعدِلوا في أولادكم”، فرجع أبي، فردّ تلك الصّدقة، وفي رواية: فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “فلا تشهدني إذًا، فإنّي لا أشهد على جور” رواه مسلم. والهِبة لا يجوز للواهب الرّجوع فيها من غير عوض، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “العائد في هبتِه كالكلب يقيء ثمّ يعود في قيئه” رواه مسلم. باستثناء الأب إذا وَهب لابنه فإنه يجوز له أن يَرجع، ولا بأس إذًا بأخذ هذا الوالد كراء المستودع الّذي وهبه لك ليقسّمه بين جميع أولاده، على أن يأخذ من بقيّة أبنائه مثل ما أخذ منك تحقيقًا للعدل.