زارت لجنة الدفاع ببرلمان حلف الأطلسي الجزائر، أمس، في مهمة “استطلاعية” حول الوضع العام الذي يسود البلاد، وبحث نظرة الجزائر في كيفية حل النزاعات الدائرة في جوارها خاصة ليبيا ومالي، إلى جانب محاولة معرفة مدى استعداد الجزائر للمساهمة في حل مشكل اللاجئين. وسيمكث الوفد، وفق ما أفادت به مصادر برلمانية ل”الخبر”، إلى غاية يوم الخميس القادم. خلال جلسة امتدت لساعتين ونصف الساعة، بحث الوفد المكون من 10 نواب ينتمون إلى عدة عواصم كبرى في العالم، مع أعضاء لجنة الدفاع في المجلس الشعبي الوطني، مسائل متنوعة تخص الوضع الأمني في الجزائر، وتطورات الأوضاع في دول الجوار، وحاولوا جس نبض الجزائر حول إمكانية مساعدتها في حل النزاعات بالمنطقة. وتهدف هذه الزيارة، بحسب المحاور التي تمت مناقشتها، إلى إقامة حوار دائم مع الجزائر حول المسائل الأمنية التي تشغل حلف الناتو. ويظهر في الوثيقة التي سلمت إلى النواب الجزائريين، محور تحت عنوان “التركيز على التعاون العملي”، ينص على أن التعاون العسكري الذي يقيمه الناتو “يكون بغرض تحسين قدرات قوات الحلف وبلدان الحوار (منها الجزائر) للعمل سوية في المستقبل ضمن عمليات بقيادة الناتو”. ويشير أيضا في بند مكافحة الإرهاب والتهديدات الأمنية الجديدة، إلى تشجيع تقاسم المعلومات الاستخباراتية بشكل أكثر فعالية، بالإضافة إلى بند أمن الحدود الذي يستطيع الناتو من خلاله “إعطاء النصائح اللازمة فيما يتعلق بالإرهاب وبحظر انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة وعمليات التهريب”.
ومما يثير الانتباه في الوثيقة التي حصلت عليها “الخبر”، وجود بند يتعلق بالإصلاح الدفاعي، في محور “التركيز على التعاون العملي” دائما، وفيه أن من أولويات الحلف “تشجيع السيطرة الديمقراطية على الجيوش وتسهيل الشفافية في التخطيط الدفاعي ووضع الميزانية”. ومعلوم أن الجزائر معنية بهذه البنود لأنها انضمت إلى دول الحوار مع الناتو سنة 2000. وبحسب عضو لجنة الدفاع، رمضان تعزيبت، الذي حضر اللقاء، فإن نواب برلمان الناتو أبدوا حرصا على مدح التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، حتى أن إحدى النواب البريطانيات اعتذرت على عدم مساعدة الجزائر وتركها وحيدة زمن العشرية السوداء، كما سألوا عن إمكانية الاستفادة من المصالحة الوطنية في إيجاد حل للدول التي تعاني من أزمة الإرهاب حاليا. لكن تدخلات من نواب جزائريين اعترضت على هذه المقارنة، كون الإرهاب الذي عاشته الجزائر يختلف تماما عن ذلك الإرهاب الدولي الذي تعيشه سوريا والعراق حاليا. ولاحظ تعزيبت، الذي ينتمي إلى حزب العمال، تناقضا في خطاب النواب، فهم من جهة أوضحوا أنه ليس في وارد الحلف حاليا التدخل العسكري في ليبيا، إلا أنهم أشاروا في المقابل إلى عجز الحل السياسي عن استيعاب المشكل الليبي برمته، ولمحوا إلى رغبتهم في رؤية الجزائر تقوم بمزيد من الجهود للمساعدة في حل هذه الأزمة دون الإفصاح عن طبيعة الدور المراد لها، وهو ما اعتبره النائب رغبة في تغيير العقيدة الدبلوماسية الجزائرية التي ترفض التدخل في شؤون الغير. ويتكون برلمان الناتو من نواب ينتمون إلى الدول التي تشكل الحلف، وهو إطار تم تشكيله سنة 1955 ويهدف إلى المناقشة حول الأوضاع الأمنية في المناطق التي يتدخل فيها الحلف، ويحاول التأثير على القرارات التي يتخذها رؤساء الدول المشكلة له. وعلى الرغم من أنه إطار منفصل قانونيا عن الحلف، إلا أن نوابه المنتمين إلى لجان الدفاع في برلماناتهم الوطنية لهم قدرة على متابعة القرارات التي يتخذها مسؤول كل دولة داخل الحلف.