يتعرض لاعب ريال مدريد كريم بن زيمة هذه الساعات إلى حملة عدائية غير مسبوقة، من طرف الطبقة السياسية الفرنسية، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي أشار فيها إلى أن عدم استدعائه إلى منتخب فرنسا للمشاركة في بطولة أمم أوروبا 2016، جاء بسبب “عنصرية فرنسا”. تتحامل الطبقة السياسية الفرنسية على اللاعب كريم بن زيمة، الذي ينحدر من أصول جزائرية، وفضل أبطالها التركيز على تصريحاته بدل المتاعب التي تتعرض لها فرنسا، بسبب التهديدات الأمنية واحتجاجات العمال، وأخيرا هاجس الفيضانات التي قطعت الكهرباء عن الفرنسيين. وتناست “فرنسا الديمقراطية” وحرية التعبير عندما يتعلق الأمر بانتقادات توجه لها تحمل طابعا عنصريا، وراحت توجه سهامها إلى بن زيمة، بعدما أدلى بتصريحات حول سبب عدم استدعائه إلى منتخب “الديوك” في إطار حرية التعبير التي تقدسها فرنسا، وأخرجت الطبقة السياسية مخالبها على اختلاف ميولاتها دفعة واحدة لتنتقد بن زيمة، منددة بتصريحاته التي مست فرنسا في الصميم وسرعان ما تناست فرنسا مبادئها والقيم الجمهورية، التي تدافع عنها بإعلانها الحرب على بن زيمة لأنه ببساطة عبر عن شعوره بصدق كلاعب شاب قرر طواعية الانتماء إلى فرنسا ودافع عن موقفه، وفق ما تقتضيه قواعد حرية التعبير في رده على أسئلة لم يخترها. وبشنهم حملة شرسة جديدة ضد بن زيمة، يكون الساسة الفرنسيون قد أسقطوا القناع عن وجوهم وأخرجوا مكبوتاتهم الحقيقية حيال المهاجرين وأبنائهم، وكأن بن زيمة تحول إلى الهاجس الأول الذي يتعين مواجهته لإنجاح “يورو 2016” وليس تنظيم داعش ولا الاحتجاجات العمالية ولا حتى الفيضانات. وعوض توجيه سهامها إلى الحكومة بقيادة الوزير الأول مانويل فالس، بسبب الشلل الذي يصيب فرنسا، دعت المسؤولة والنائب عن حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف ماريون ماريشال لوبين في تغريدة نشرتها على موقع “تويتر” بن زيمة للعب لمنتخب “بلاده الجزائر”. وأقل ما يقال أن المسؤولة في حزب “الجبهة الوطنية” تحركت في كل الجبهات الإعلامية، كما على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذه القضية ونشرت ماريون ماريشال- لوبين (26 عاما)، وهي أصغر نائب في تاريخ فرنسا، تغريدتين في حسابها على “تويتر” تعلق فيهما بسخرية واستهزاء من تصريحات مهاجم ريال مدريد. وكتبت في التغريدة الأولى: “لقد ولد وتربى بن زيمة في بلادنا، وأصبح مليونيرا بفضل فرنسا التي صار يبصق عليها. هذا أمر معيب”. وفي الثانية، كتبت مقولة منسوبة لبن زيمة هي “الجزائر بلدي وفرنسا للجانب الرياضي فقط”، معلقة: “إذا كان غير سعيد، فليذهب للعب لمنتخب بلاده”.. وتناست المسؤولة الشابة، دور بن زيمة في نتائج منتخب فرنسا في السنوات الأخيرة، مثلما تجاهلت، أن الإعلام الفرنسي لا يتحدث عن الأصول الجزائرية للاعب بن زيمة عندما يصنع أفراح ريال مدريد وأخرها لقب رابطة أبطال أوروبا، أو يصنع أفراح منتخب فرنسا بفضل أهدافه، بل تلح على اعتبار بن زيمة لاعبا فرنسيا. وإذا قال بن زيمة أن قلبه يميل إلى الجزائر، فهذا يعني أن الساسة في فرنسا فشلوا في إدماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي واختيار هؤلاء اللعب لمنتخب فرنسا فمرده اعتبارات فنية فقط، كما أن المال الذي يجنيه بن زيمة ليس أكثر، ما يحصده اللاعبون الفرنسيون الآخرون، وبالمقابل، فإن صورة بن زيمة خدمت كثيرا الكرة الفرنسية في الخارج وجلبت لها سمعة كبيرة لا تقدّر بثمن. كانتونا.. الوحيد ضد الجميع وواصل اللاعب الفرنسي السابق إيريك كانتونا حملة دفاعه عن مهاجم ريال مدريد، كريم بن زيمة رغم حالة الجدل الدائرة عقب تصريحات الأخير تجاه مدرب المنتخب، ديدييه ديشامب، مؤكدا أنه كان “شجاعا” ومن الطبيعي أن يتصرف ك”مواطن فرنسي”. وشارك كانتونا نفسه في حملة التصريحات الجدلية عندما ألمح، قبل مقابلة بن زيمة، أن مهاجم ريال مدريد ولاعب وسط نيس، حاتم بن عرفة، لم يتم استدعاؤهما بسبب أصولهما المغاربية. ولكن اللاعب السابق لمانشستر يونايتد الإنجليزي في بداية التسعينيات، أعرب في مقابلة مع جريدة (ليبراسيون) عن شكوكه حول “استقلالية القرارات داخل عالم الرياضة عن الجانب السياسي”. وبخلاف كانتونا، بدا الممثل الفكاهي المغربي الأصل، جمال دبوز، وكأنه خشي عن مستقبله المهني في فرنسا بتراجعه عن دعمه للاعب بن زيمة وبن عرفة، وقال في تصريح صحفي جديد، إنه لم يكن يتوقع أن تأخذ تصريحاته كل هذا البعد، وذكر أنه مواطن فرنسي قبل أن يكون فكاهيا مقدما اعتذاراته عن كلامه.وقال إن الوقت ليس للجدل وإنما لتشجيع المنتخب الفرنسي، معربا تأييده للمدرب ديشامب.