قامت قوات الأمن المغربية، أمس، بتوقيف 11 شخصا مع اتساع رقعة الاحتجاجات التي اجتاحت مختلف المدن المغربية، في وقت لم تخرج عن طابعها السلمي. وأضحت رمزية الشاب المغربي بائع السمك، محسن فكري، عامل تجنيد للشارع ولقوى المعارضة المغربية، فيما لايزال النظام السياسي المغربي يبحث عن البدائل الكفيلة باحتواء أزمة تجاوزت في جوهرها مقتل الشاب، وساهمت تصريحات وزير الحكومة عبد الإله بن كيران في تأجيج الوضع. راسل وزير الداخلية محمد حصاد وزير العدل والحريات الرميد، طالبا فتح بحث حول عمليات الصيد غير القانونية في منطقة الحسيمة، تزامنا مع مقتل بائع السمك محسن فكري، للنظر في الظروف التي يتم فيها اقتناء السمك غير المرخص من الميناء، فيما ذكر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة أنه تمت إحالة 11 شخصا على قاضي التحقيق، من بينهم اثنان من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري إلى جانب رئيس مصلحة بمندوبية الصيد وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، بسبب التزوير في محرر رسمي والمشاركة فيه والقتل غير العمد. وأعطت السلطات، بطريقة ضمنية، تبريرا يناقض ما تم تداوله على مختلف صفحات التواصل الاجتماعي، من كون محسن فكري كان ضحية تجاوز من قبل أحد ضباط الأمن المغربي الذي أعطى أمرا بتشغيل آلة الضغط الموجودة داخل شاحنة النفايات، حيث أكد الوكيل العام أن معطيات البحث تشير إلى أن المرحوم فكري كان قد اشترى من بعض الصيادين بميناء الحسيمة حوالي نصف طن من سمك أبوسيف (اسبادون) المحظور صيده خلال الفترة الممتدة من 1 أكتوبر إلى 30 نوفمبر من كل سنة، بمقتضى قرار وزير الصيد البحري عدد 13-1176 بتاريخ 8 أفريل 2013، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام المغربية، وهو ما أدى إلى إعطاء أمر بإتلافها بعد حجزها، في وقت تمت الإشارة إلى أنه "لم يثبت من البحث المجرى في النازلة صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أي جهة، وهو ما يلغي فرضية القتل العمد، ويطوي عبارة: أطحن مو".
هاشتاغ "طحن مو" و"كلنا محسن فكري" تفجر مواقع التواصل واحتدم الجدل في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتوالى التساؤلات حول ما إذا كان هناك مسؤول ما أمر بتشغيل آلة الطحن في شاحنة النفايات، ما أدى إلى مقتل بائع السمك، حيث تم فتح العديد من الصفحات على "الفايسبوك"، ومن بينها "هاشتاغ" حمل اسم "اطحن مو"، من بين ما أتى فيه "بارطاجي يا مواطن أولا غايبدو اطحنو فينا واحد بواحد"، وآخر حمل اسم "كلنا محسن فكري" أتى فيه انتقاد لبعض وسائل الإعلام المغربية المحسوبة على النظام "وسائل الإعلام التابعة للنظام المستبد تروج أن وزارة الداخلية المغربية قائمة بدورها، ولحد الآن تم إحالة 11 عضوا س... يحاكمون بجريمة: القتل غير المقصود!!"، و"هاشتاغ" آخر يحمل الاسم نفسه تتصدره صورة شاحنة نفايات كتب عليها "خاص بطحن المغاربة". من جهة أخرى، تواصلت المظاهرات أمس، في الحسيمة مطالبة بإنزال العقاب بالمتورطين في مقتل محسن فكري الذي قتل سحقا في شاحنة للنفايات، رغم أن التحقيقات طالت مسؤولين محليين، وأن السلطات المركزية تسعى إلى احتواء الوضع الذي ينذر بانفجار، دفع المتابعين إلى الإشارة إلى احتمالات بروز شبح سيناريو البوعزيزي بتون، وأن روح الأخير كانت تخيم على الحسيمة، كما أوردته جملة من الصحف المصرية في عناوينها. وخرج آلاف المغاربة إلى الشوارع في مدينة الحسيمة لليوم الرابع على التوالي، وسط توقعات بأن الاحتجاجات ستستمر لحين معاقبة كل المسؤولين عن الجريمة، وأن المتظاهرين "يريدون ضمانات بعدم حدوث ذلك مرة أخرى". وعادت أعلام جمهورية الريف إلى الساحة مجددا بدل العلم المغربي، خلال المظاهرات السلمية في مختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى صور عبد الكريم الخطابي، رمز المقاومة في الريف. وقد شكلت الحسيمة الساحلية قلب الثورة ضد المستعمرين الإسبان في العشرينيات، كما أنها كانت مركز الاحتجاجات أثناء حركة 20 فبراير المغربية الموازية لحركات الربيع العربي في 2011. ويعتبر المراقبون أن الأجيال الجديدة بالمغرب تسير بسرعة أكبر من التعديلات الملكية التي تراقب الاقتصاد والمؤسسات الحيوية في البلد، دون نسيان التضييق على حرية الصحافة" وتجند الشارع المغربي الذي شكل عامل ضغط على الحكومة، حيث كشفت جنازة محسن فكري التي حضرها حوالي 40 ألف شخص، حسب وسائل الإعلام المغربية، رغم تدخل الملك محمد السادس وتكليفه وزير الداخلية بفتح تحقيق حول القضية لتهدئة الوضع، أن ذلك لم يكن بالكافي لحد الآن، خاصة أن منطقة الحسيمة مصنفة ضمن حاضنة العصيان على السلطة المركزية .