شهدت بعض متوسطات ومدارس ولاية وهران، مؤخرا، ظاهرة غريبة من شأنها إحداث انعكاسات صحية سلبية وخطيرة على مئات المتمدرسين، حيث ابتكر التلاميذ في العديد من المؤسسات التربوية طريقة جديدة تسمح لهم بتعاطي مادة كيماوية على طريقة الشيشة، من خلال استنشاق مسحوق مادة "الأميلا" التي يتم استعمالها لتحضير مشروب العصير، وذلك إما عن طريق الفم أو عن طريق الأنف. وقد انتشرت هذه الظاهرة الغريبة بشكل مقلق، لاسيما في المؤسسات التي تشهد اكتظاظا كبيرا، حيث استطاع بعض المستشارين التربويين والحراس المتوزعين على بعض المؤسسات المنتشرة عبر الولاية ضبط كميات متفاوتة من مادة "الأميلا" بحوزة التلاميذ وهم بصدد استهلاكها عن طريق الأقلام الجافة (معروفة بسُمكها) التي تستعمل في الكتابة على اللوحة، والتي تم مصادرة كميات كبيرة منها، باعتبار أن التلاميذ يقومون بخلع أنبوبة الحبر، وملئها بمسحوق هذه المادة الكيماوية ليتم تعاطيها عن طريق الفم، مثلما يتم استهلاك الشيشة، خاصة أن هذا المسحوق لديه العديد من النكهات، أو مباشرة من الأنف على طريقة تعاطي المخدرات الصلبة مثل الكوكايين.
وقد قام بعض المستشارين الذين تحدثت "الخبر" معهم باستدعاء أولياء أمور بعض التلاميذ لإخطارهم بالتصرفات التي يجنح إليها أبناؤهم، ومدى خطورتها على صحتهم ومشوارهم الدراسي، مؤكدين تفاجؤهم بهذه الظاهرة التي تفشت مؤخرا في أوساط تلاميذ بعض المتوسطات وحتى المدارس الابتدائية، وجهلهم الآثار التي تسببها هذه المادة لهؤلاء الأطفال الصغار والمفعول الذي يشعرون به عند تعاطيها، باعتبار أن هذا الأمر استعصى حتى على بعض أطباء الصحة المدرسية الذين استغربوا الظاهرة.
والخطير في الأمر، حسب الاستطلاعات التي قامت بها "الخبر"، أن استهلاك هذه المادة لم يكن حكرا على التلاميذ المعروفين بضعف مستواهم الدراسي، بل تعدت حتى إلى تلاميذ نجباء يحصلون في نهاية الموسم على نتائج دراسية ممتازة، الأمر الذي يستدعي دق ناقوس الخطر، حسب السيد مدني مدير متوسطة بحي ابن سينا الشعبي، الذي أكد ضبط بعض الحالات في مؤسسته، مضيفا أن مصالحه عمدت مؤخرا إلى تنظيم حملة تحسيسية داخل المؤسسة شاركت فيها مصالح الدرك الوطني والشرطة، لتوعية التلاميذ بعواقب تعاطي المخدرات واعتماد العنف والاستعمال المفرط للإنترنت وغيرها من الظواهر السلبية.
وأمام هذا الوضع الخطير، دعا السيد بلجنة العربي، مساعد رئيس جمعية أولياء التلاميذ بولاية وهران، في تصريح أدلى به ل"الخبر"، الجهات الوصية إلى فتح تحقيق مستعجل يشمل كل المؤسسات التربوية من أجل التعرف الدقيق على مدى انتشار الظاهرة في الميدان، بغرض اتخاذ التدابير اللازمة للحد منها، مُطالبا في الوقت ذاته "بتمكين المستشارين التربويين من ظروف العمل المناسبة حتى يتسنى لهم التحكم في المؤسسات التي يشرفون عليها، فضلا عن المتابعة الأسرية من خلال مراقبة الأولياء لسلوكيات أبنائهم، خاصة أن استهلاك هكذا مادة من شأنه تعريضهم لأخطار كبيرة".