عندما حمل المنتخب الجزائري التاج الأفريقي الوحيد له سنة 1990، لم يكن أغلب لاعبي التشكيلة الحالية لمنتخب محاربي الصحراء قد ولدوا بعد، ما يؤكد غياب الخضر منذ فترة طويلة عن منصة التتويج، رغم الأجيال الرائعة التي مرّت على الجزائر بداية بجيل موسى صايب وعبد الحفيظ تاسفاوت وبلال دزيري، إلى جيل كريم زياني ومجيد بوقرة وعنتر يحيى ورفيق صايفي. وذهبت أجيال وجاء الجيل الحالي للمنتخب الجزائري، الذي يعتبره البعض أحد أحسن الأجيال التي عرفتها الكرة الجزائرية خاصة بعد التأهل التاريخي للدور الثاني من كأس العالم البرازيل 2014، ليبرهن بعدها رياض محرز بتتويجه بلقب أحسن لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ثم بلقب أحسن لاعب أفريقي قبل أيام فقط، ما ساهم بتعالي الأصوات المطالبة بالتتويج القاري الثاني في تاريخ الجزائر.
ولتحقيق هذا المطلب، عيّن الإتحاد الجزائري المدرب العائد جورج ليكينز، الذي تحدّث حصرياً لموقع FIFA.com عن حظوظ منتخبه في نهائيات الجابون التي ستنطلق السبت، قائلا: "منتخبنا بدأ يستعيد توازنه مقارنة بالبداية الصعبة في تصفيات كأس العالم، ونعلم أن منافسة كأس أفريقيا مختلفة تماماً عن المنافسات الأخرى. وما أظنه، أن الجزائر ستكون في المستوى خلال المنافسة القارية، فلا يمكنني أن أقدّم أي ضمانات بخصوص النتيجة، لكن بالمقابل سنفعل المستحيل لكي نكون فخورين بمستوانا ونفوز باللقب القاري."
ويعلم المدرب السابق لمنتخب بلجيكا في كأس العالم كوريا واليابان 2002 FIFA أن الفائز بدورة الغابون سيمثّل القارة السمراء في كأس القارات FIFA صيف هذا العام، لكنه لا يريد أن يحرق المراحل ويفضّل التركيز على المنافسة مباراة بمباراة، حيث قال "نريد الفوز بهذا اللقب والمشاركة في كأس القارات FIFA، لكن ما أحلم به الآن هو الفوز في أول لقاء أمام زيمبابوي، ثم الفوز على منتخب تونس القوي، فأظن أن هاتين المواجهتين هما الأهم في مشوار المنتخب الجزائري خلال بداية هذه السنة."
على غرار تصفيات كأس العالم، لم تكن القرعة رحيمة بالمنتخب الجزائري في نهائيات كأس أفريقيا 2017، حيث أوقعت الخضر في مجموعة واحدة مع صاحبي المركز الأول والثالث أفريقياً في التصنيف العالمي FIFA/Coca-Cola، فضلاً عن منتخب زيمبابوي الذي أقصى منتخب غينيا القوي في طريقه إلى الجابون، ولهذا يرى ليكينز أن المهمة لن تكون سهلة في الدور الأول.
وقال المدرب البلجيكي "مواجهة زيمبابوي هي الأهم في الدّور الأول، فالكل يركّز على مباراة تونس ويتحدث أيضاً عن السنغال، ونسوا التركيز على اللقاء الأول بمواجهة زيمبابوي. ولهذا، أقول يجب الحذر من هذا المنافس وهذه المباراة التي أعتبرها الأصعب،" قبل أن يضيف "أعرف منتخب تونس جيداً لأنني درّبتهم منذ وقت ليس ببعيد، فأعرف كل اللاعبين تقريباً، فهو منتخب قوي ويقدّم مستويات جيدة خلال الأشهر القليلة الماضية، وهي مباراة خاصة بالنسبة للبلدين بالنظر للتقارب الجغرافي بينهما، لهذا يركز عليها كثيراً المناصرون."
أما المنتخب السنغالي، فيعتبره ليكينز هو الأقوى في المجموعة، حيث قال"منتخب السنغال قوي ويلعب كرة جميلة، لهذا أريد الفوز بأولى المواجهتين قبل مواجهة أسود التيرنجا، لكي نصل لهذه المواجهة ونحن متأهلين مسبقاً. بصراحة، لا أرى أننا قادرون على الفوز أمام منتخب السنغال القوي، فالمواجهة ستكون غاية في الصعوبة، لهذا أريد ضمان التأهل مسبقاً."
يُجمع كل العارفين بخبايا المنتخب الجزائري أن مستواه الدفاعي تراجع كثيراً مقارنة بكأس العالم البرازيل 2014 FIFA، وهذا راجع لعدة أسباب من بينها اعتزال كل من مجيد بوقرة وابتعاد رفيق حليش وسعيد بلكالام من تشكيلة المنتخب بسبب نقص المنافسة، ليصبح هاجس الدفاع حديث العام والخاص في الجزائر.
وعن هذه النقطة بالذات، أجاب جورج ليكينز عن سؤال موقع FIFA.com، قائلاً "الكل يتحدث عن الدفاع وكيف سيظهر في الغابون، لكنني أرى الأمور بطريقة أخرى، فعلينا أن ندافع بطريقة جماعية وعدم منح الهدايا للخصم مع محاولة تسجيل الهدف الأول في المباريات. المهم ليس البحث عن الكرة في مناطق الخصم، بل يجب تفادي تضييع أربعة أو خمسة فرص سانحة ومنح الخصم ثلاثة هدايا، فبهذه الطريقة من المستحيل الفوز على المستوى العالي."
وأضاف "لستُ من المدربين الذين يفضّلون السيطرة على المباراة واللعب بطريقة هجومية بحتة، مع ترك المساحات في الدفاع، فهنا سيصعب علينا السيطرة على اللقاء، مقارنة باللعب بكتلة واحدة وحرمان الخصم من تطبيق طريقة لعبه مع البحث عن الحلول من الناحية الهجومية."
واكتسب جورج ليكينز خبرة أفريقية كبيرة عندما درّب الجزائر في 2003 ليعود بعدها لتدريب تونس وقيادتها في كأس أفريقيا 2015 بغينيا الإستوائية، ولذا يعرف جيداً أدغال القارة الأفريقية وما يلزمها من حنكة وخبرة لتجاوز الصعاب والفوز بالمباريات.
وبهذا الصدد، يقول البلجيكي "المنتخبات الأفريقية عامة تبدأ المباراة بكل قوة ومن دون أية حسابات، لكن مستواها يتراجع فيما تبقّى من مجريات اللقاء، وهذا ما يمنحنا الفرصة للعودة ومحاولة خلق الفارق في هذه الفترات بالذات. أمام نيجيريا مثلاً، لعبنا جيداً في الشوط الثاني، لكن لسوء حظنا أننا تلقينا هدفين في الشوط الأول، ولو طبقنا نفس الطريقة منذ بداية اللقاء لفزنا بالمباراة."
وقبل أن يختم المقابلة مع موقع FIFA.com، شدّد ليكينز على ضرورة التألق في الغابون، قائلاً "بإمكاننا تقديم بطولة في المستوى، فلدينا فريق شاب يملك إمكانيات كبيرة، وخليط بين اللاعبين المحترفين في الخارج وبعض اللاعبين المحليين الذين يلعبون في الدوري الجزائري. إذا كانوا في مستواهم المعهود ومنحناهم الثقة اللازمة، يمكننا تحقيق نتائج طيبة، لأنني أريد من اللاعبين أن يقدّموا 200 في المائة من إمكانياتهم، لكي نكون في المستوى خلال كأس أفريقيا."