لم يفق لبنان بعد من صدمة الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري من منصبه، حتى دخل في دوامة شكوك حول مصيره في المملكة السعودية، لاسيما بعد تأخر عودته منها إلى بيروت، فضلا عن إعلانه استقالته بشكل مفاجئ و بإيعاز كامل من الرياض، وهو ما أثار ربكة في الوسط السياسي اللبناني، وأدخل القوى السياسية والطائفية في حمى التكهنات حول مصير البلاد و تحليلات وإشاعات عن قرار إقليمي ودولي بإدخال لبنان في حرب طائفية أو حرب إسرائيلية متوقعة ضد حزب الله . فتيل الشكوك بدأ من مواقع التواصل الاجتماعي حينما تداول نشطاء صورة "سلفي" لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، و قارنوها بصور فندق بالرياض يُحتجز الأمراء الموقوفون فيه ، وأكدوا التطابق بين ديكور صورة السيلفي وديكور الفندق ، في تكهنات بإمكانية احتجاز الحريري في السعودية ووضعه تحت الإقامة الجبرية. فيما تداول الإعلام اللبناني تحليلات حول زيارته الخاطفة إلى أبو ظبي أمس الثلاثاء ، وإجرائه مباحثات مع ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قبل أن يعود إلى الرياض مباشرة، المحللون رأوا أن غموض تحركات الحريري في المملكة و خارجها، يحيل إلى مؤشرات باحتمال اعتقاله إلى جانب الأمراء الموقوفين باعتباره مواطنا سعوديا، ومحسوبا على الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وفي ذات السياق ، ذهب المغرد الخليجي الشهير "مجتهد" في تعليقه حول استقالة الحريري ، إلى أن السبب الحقيقي لذهابه للرياض هو" حشره مع الأمراء ورجال الأعمال الذين أوقفتهم لجنة مكافحة الفساد مساء يوم السبت الماضي على خلفية تهم متعلقة بالفساد" على حد تعبيره. وفي الوقت الذي نفى فيه تيار المستقبل كل ما تم تداوله بهذا الشأن مطمئنا أنّ الحريري في الوقت القريب سيدحض هذه "المزاعم" ، أكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة أن الحريري سيعود، لافتا إلى أنه على اتصال متواصل معه ، وأن آخر مرة حادثه فيها كانت يوم الإثنين الماضي، دون أن يحدد الأسباب التي تمنعه من العودة أو أن يورد مزيدا من التفاصيل حول إقامته في السعودية. وفي الشارع اللبناني ، يحضر نشطاء في المجتمع المدني لتحركات جماهيرية من أجل المطالبة بعودة الحريري إلى لبنان فوراً، ومناشدته للرجوع عن الاستقالة نظرا إلى حساسية الأوضاع العامة والإقليمية في المنطقة، كما دعت المجموعات المدنية المستقلة الشعب اللبناني بإطلاق هاشتاج اليوم الأربعاء الساعة السادسة مساء تحت عنوان "بدنا الرئيس". وبين نفي وتأكيد وشكوك وتكهنات، تبقى وضعية الحريري في السعودية غامضة، ويبقى مصير لبنان في ظل التداعيات الجديدة معلقا على كف عفريت.