لم تستسلم القاهرة للأحداث المأساوية التي ضربت منطقة العريش و خلفت مئات القتلى،كانوا ساجدين في جامع الروضة،لم ترفع الراية البيضاء في وجه الإرهاب،و توجهت مصر إلى الرد بالفن و الموسيقى و الإبداع، تحت قبة قاعة المنارة بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية،حيث كان لقاء الأمل بفرحة الفوز بجوائز الفن السابع،في ختام فعاليات الدورة التاسعة و الثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي، وسط حضور بارز لنجوم من هوليود، تقدمهم النجم نيكولاس كيج و النجمة هيلاري سوناك و النجم أدريان بارودي، الذين جعلوا من ليلة الختام مبهرة و عالمية ،بعد إن التف الجميع حول شعار الحفل"الفن لغة السلام"،و كانت البداية بالوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا حادث مسجد الروضة، و تحية روح الفنانة المصرية شادية التي رحلت عن هذا العالم قبل ثمانية و أربعون ساعة من حفل الختام. القاهرة ... الفن يليق بك من أجل مصر تنازل وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، عن البرتكولات،و لم يجلس في الصف الأول، كما هو متعارف عليه، حيث اختار الجلوس في الخلف،و لم يدلى بدله في فعاليات المهرجان و لم ينل شرف تعزية ضحايا الأحداث، فبالكاد كان دوره رمزيا جدا، و تمثل في تسليم جائزة لأحد الفائزين دون أن يلقى كلمة، فقد فتح حفل الختام أبواب التعبير فقط أمام السينمائيين و الفنانين و ضيوف القاهرة، للحديث عن الإنسانية وتعزية الضحايا، للتأكيد على أن صوت التفجيرات لن يهزم الفن و الفرح،لهذا تصدرت خشبة المسرح عبارة" سنحارب الكراهية .. حب الغير وحب الحياة .. ولنا في الفن حياة .. الفن يرتقي بالمشاعر؛ فالفن حرية .. حرية في الاحساس .. حرية في التعبير" رافقتها لوحة فنية راقصة، مصحوبة بموسيقى عمر خيرت،هكذا كانت رسالة مهرجان القاهرة في الختام : "لن نتوقف عن حب الحياة"، وعلينا أن "نرفض الإرهاب وندعو للسلام بالفن والأقلام وعزف الأنغام"،و لكي تكتمل الصورة الجميلة، صعدت على خشبة المسرح الفنانة أنغام لتغازل الأمل و التفاؤل، بصوتها العذب. السينما على محك دورة الجدل و السياسية أولى مهرجان القاهرة السينمائي "من 21 إلى 30 نوفمبر2017"، اهتماما كبير بتوجيه رسالة السلام و الأمن، وقد طغى ذلك الهم على ختام فعاليات المهرجان،و غطى على نكهة الجوائز و السينما،في هذا الحفل الذي جمع كبار النجوم،حيث كان الهدف إبهار العالم بمصر،على امتداد البساط الأحمر،و الديكور و الإضاءة والملابس و حتى طبيعة النجوم، الذين صعدوا إلى المنصة و كانت منهم الفنانة يسرا و الفنان حسين فهمي و نيلي كريم و محمود حميدة، و هم نجوم الصف الأول في السينما المصرية بلا منازع. وسط هذه الأجواء التي ميزها اللون الأسود لفساتين نجمات الحفل، كانت إطلالة المتوجين بالجوائز الأقل وميضا، منذ إعلان نتائج مسابقات المهرجان، التي بدأت بجائزة مؤسسة نادين شمس للفيلم القصير، التي أقيمت على هامش المهرجان،وفاز بها فيلم "العاشق" لمحمود خليل حسين، و المسابقات الموازية الثلاثة منها "سينما الغد التي أشرف عليها الناقد حمد عاطف وعادت جائزة يوسف شاهين لأحسن فيلم قصير لفيلم"بلا سقف"من إخراج سينا سليمي، و مسابقة "أسبوع النقاد" و مسابقة "آفاق السينما العربية" التي تولى إدارتها الناقد أحمد شوقي و فاز بجائزتها الأولى فيلم"إصطياد الأشباح" للمخرج الفلسطيني رائد أنطوني. لم نشعر بمرور الفائزين لسرعة العرض،حتى أن إعلان اسم الفائز بجائزة الاتحاد الدولي للصحافة الفنية "الفيبريسي" لأحسن فيلم شارك في المسابقة الدولية،كان كمرور الكرام،في مقابل ذلك غلبت التعازي و مشاعر الحزن التي رافقت كلمة النجم حسين فهمي تحية لروح ضحايا أحداث العريش،و لم يبرز إلا القليل من تقرير رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية قبل أن يتم تسليم جوائز المسابقة الرسمية التي ذهبت جائزة الهرم الذهبى، لفيلم "المتطفل" إنتاج إيطالى سويسرى فرنسى. و الجائزة الفضية لفيلم "قتل عيسى" إخراج لورا مورا والفيلم إنتاج كولومبيا والارجنتين، بينما ذهبت جائزة الهرم البرونزى لفيلم "نينا" إخراج يوراج ليهوتسكى وهو إنتاج سلوفاكيا والتشيك.
القاهرة تخطف نيكولاس كيج من دبي بانتهاء مراسم إعلان النتائج، وتوزيع الجوائز، حانت اللحظة التي انتظرها الجميع، والمتمثلة في تكريم "أيقونات" حفل الختام، والمهرجان،و صعدت الفنانة نيللي كريم لتسليم جائزة تكريم النجم الكبير أدريان برودى، هذا الأخير ألقى كلمة بدأها ب"السلام عليكم"و سط فرحة عارمة لدى الجمهور،ثم قال:"انا متأثراً للغاية"، لم يستطع أن يحبس دموعه، وهو حزين للغاية حيال ما أصاب الشعب المصري في الأيام القليلة الماضية". بعدها صعد الفنان محمود حميدة إلى خشبة المسرح لتسليم النجمة هيلاري سوانك جائزة التكريم،قبل أن تسجل هي الأخر مشاعر الحزن و التعاطف مع الشعب المصري.
ظل الحفل حاملا مشاعر الحزن رغم أضواء الفرح و البهجة،و ما إن اعتلت النجمة يسرا خشبة المسرح لتهدي جائزة التكريم الدولية للنجم نيكولاس كيدج، حتى تغيرت الملامح،فقد عرف نيكولاس كيف يوقع حضورا أكثر تميزا في القاهرة،بعد أن نجحت إدارة مجموعة قنوات"دي أم سي"،في أن تخطف النجم من مهرجان دبي بعد كان، مبرمجا الأسبوع القادم كضيف شرف لمهرجان دبي السينمائي،و قد صنع نيكولاس الفرق على جميع المقاييس في القاهرة، خصوصا من خلال كلمته القوية التي قال فيها :"مرحبا السلام عليكم ،سعيد جداً بالعودة إلى مصر، وسوف ابتسم، جئت من لاس فيجاس التي مرت أيضاً بظروف صعبة للغاية لكننا قادرون جميعاً على تجاوز الشدائد، ولن يتسلل الخوف إلى قلوبنا أبداً" .
2018 .. عام المنافسة الساخنة بعد الحملة الشرسة و الانتقادات اللاذعة التي شنتها الصحافة خصوصا المصرية،ضد إدارة المهرجان و على رأسها المحافظة ماجدة واصف،بات من الأكيد أن الدورة القادمة ستكون ساخنة و هي تستعد لإطفاء الشمعة الأربعون، وسط منافسة قوية من مهرجان الجونة و مهرجان مراكش الذي يستعد للعودة السنة القادمة ما يعني أن المجال لم يعد قابلا للخطأ،ليس فقط بالنسبة لمهرجان القاهرة بل بالنسبة لجميع المهرجانات الموجودة في المنطقة العربية منها مهرجانات الجزائر السينمائية،فقد استفاد القاهرة السينمائي من الدور الذي لعبته مجموعة قنوات"دي أم سي" لتحقق النجاح و الإبهار في حفل الختام،و هو ما لا يخفيه مدير المهرجان يوسف شريف رزق الله الذي قال:"دي أم سي لعبت دورا هاما في إنقاذ مهرجان القاهرة" ما يعني أن تكون "الدورة القادمة مهمة جدا و تحتاج إلى وقت كبير و ترتيبات و تفكير في أشياء جديدة لإدخالها في فعاليتها ،كي تكون دورة مميزة" على حد قوله.