لا يزال تمثال "عين الفوارة" بسطيف قائما على مفترقات الجدل تماما مثلما هو راسخ منذ أكثر من قرن على مسافة واحدة بين ثلاث ديانات سماوية الإسلام والمسيحية واليهودية. وسط مدينة معروفة بطابعها المحافظ ، تتربع منحوتة لمرأة عارية من الرخام والمرمر تجلس فوق صخرة ، وتعلو منبع " عين الفوارة" في مواجهة كومة من التناقضات يتجاذبها الاعتداد والتقديس أحيانا، والتحريم والامتعاض أحيانا آخرى. أيقونة المدينة تتعدد الروايات حول بناء هذا التمثال الشهير بعاصمة الهضاب العليا سطيف، لكن تتفق كلها حول الزمان والمكان، إذ شُيدت النافورة في عهد الاستعمار الفرنسي سنة 1899 في مخطط لترميمها، وكان ذلك على يد النحات الفرنسي "فرانسيس دو سانت فيدال"،ونُصب التمثال بين المسجد العتيق، المعبد اليهودي، والكنيسة. لكن أسطورة واحدة تقص حكاية المنبع، فكلّ عابر يرتشف رشفة من مائها لابد أن يتعلق بها ويعود إليها لا محالة، ولهذا يتوافد عليها الزوار يرتشفون من مائها طمعا بعودة جميلة إلى المدينة وماءها العذب الذي لا ينضب منذ مئات السنين.
الصنم المنبوذ ولأنها تجلس على حافة التناقضات دوما، بقيت منحوتة "عين الفوارة" محط تهديد ووعيد المحافظين، فضلا عن عمليات تخريب طالتها وخربت أجزاءها، فامتدت إلي " الفوارة " يد العشرية السوداء سنة 1997 حينما فُجر التمثال بقنبلة، غير أنه رُمم في أقل من 24 ساعة، فيما عبث شاب بها بأن شوه ملامح وجه المنحوتة بمطرقة وإزميل، ناهيك عن دعوات أخرى بإزالة التمثال بحجة أنه خادش للحياء و مناف للأخلاق العامة السائدة في المجتمع الجزائري.