تشكل الزيارة التي يباشرها وفد كبير من هيئة "ميديف" الفرنسية الممثلة لرجال الأعمال الفرنسيين للجزائر، اليوم، مؤشرا على إرادة الهيئة التموقع في السوق الجزائري، حيث تعد الزيارة الأهم من نوعها منذ سنوات، بالنظر إلى ترؤسها من قبل الرجل الأول، بيار غاتاز، إلى جانب حضور رئيس "ميديف" الدولية، والبرنامج المكثف المسطر خلال يومين. ووفقا للبرنامج المسطر، فإن الوفد الفرنسي يصل اليوم ليلا، ليشرع في أشغاله غدا، إذ يستقبل رئيس الوفد غاتاز من قبل الوزير الأول أحمد أويحيى، فضلا عن تنظيم سلسلة من اللقاءات مع عدد من الوزراء، من بينهم وزير الصناعة يوسف يوسفي والنقل والأشغال العمومية عبد الغني زعلان والموارد المائية حسين نسيب، كما يستقبل الوفد في ولاية الجزائر من قبل والي العاصمة عبد القادر زوخ، يتم خلاله استعراض مشاريع تنمية العاصمة. كما تتضمن الزيارة أيضا تنظيم ورشات عمل حول عدد من القطاعات، منها الطاقة والبيئة والمنشآت القاعدية والنقل وأنظمة المعلومات، يتخللها لقاء مع الطلبة في المدرسة العليا الجزائرية للأعمال. على صعيد متصل، ستعرف زيارة "الميديف" لقاء بين منتدى رؤساء المؤسسات و"الميديف"، يتخللها لقاء ثنائي بين رئيس المنتدى علي حداد وغاتاز، والتوقيع على مذكرة تفاهم لتشكيل مجلس أعمال مشترك، كما يلتقي رئيس "الميديف" أيضا رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نغزة قبل مغادرته الجزائر، إذ أن غاتاز الذي يترأس التنظيم الفرنسي منخرط في منظمة "بيزنسماد" المنظمة الإقليمية التي تترأسها الكنفدرالية. ويتواجد غاتاز في آخر منعرج له على رأس "الميديف"، بعد تعديل القانون الداخلي عام 2015، حيث فرض القانون الجديد عهدة واحدة لرئيس "الميديف". وتنتهي عهدة غاتاز المقدرة بخمس سنوات في جويلية المقبل، حيث يتطلع غاتاز إلى ترؤس منظمة أرباب العمل الأوروبية "بيزنس أوروبا"، لذلك يقوم بشحذ دعم تنظيمات أرباب العمل العضو في المنظمة العالمية لأرباب العمل. وواجه غاتاز ضغوطا مع وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإيليزيه للرحيل قبل انتهاء العهدة ولكنه رفض، حيث كانت مواقف غاتاز لا تساير توجهات الحكومة فيما يتعلق بعدد من المشاريع منها إصلاحات قانون العمل. وتبرز عدة أسماء لخلافة غاتاز من بينهم فيفيان شان ريبيرو رئيسة مجموعة "سانتاك"، وحتى جون دومينيك سينار رئيس مجموعة "ميشلان"، فيما يعول غاتاز على العودة بعد نهاية العهدة إلى مؤسسته "راديالي" المنتجة للأجزاء الإلكترونية الموجهة للطيران، إلى جانب رئاسة "بيزنس أوروبا"، خاصة بعد أن نال دعم "بيزنسماد" في أعقاب لقائه بباريس مع رئيسة المنظمة سعيدة نغزة، ويرتقب أن يتم اختيار رئيس "بيزنس أوروبا" في جوان المقبل. وأيا كان مستقبل رئيس "الميديف"، إلا أن الزيارة التي تقود الوفد والتحضير لإبرام اتفاقيات اليوم مع منتدى رؤساء المؤسسات ولاحقا مع الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية ينم عن توجه جديد للباترونا الفرنسية، بالتوازي مع خيارات الحكومة الفرنسية التي ترغب في إعادة توظيف الاقتصاد لضمان تموقع فرنسي بعد الاختراق الصيني المعتبر في شمال إفريقيا، مهددا عرض الفرنسيين في المنطقة ككل، حيث تظل الصين منذ سنوات أهم ممون للسوق الجزائرية، في ظل تراجع فرنسي على أصعدة عديدة. وإن كان هناك نشاط فرنسي في مجالات متعددة، على غرار النقل والخدمات والبنوك والتأمينات، إلا أن الفرنسيين يستشعرون الخطر من تحد صيني تركي مزدوج في السوق الجزائري بالخصوص. وقد دفعت الانتقادات المتكررة للجانب الفرنسي بالتردد والتحفظ رغم المزايا التي منحتها السوق الجزائرية للشريك الفرنسي بباريس إلى مراجعة بعض من توجهاتها، على غرار دخول شركات وعلامات مثل "رونو" ثم "بيجو" بمشاريع تركيب سيارات وتوسيع نشاط "لافارج".