مرت، أمس، الذكرى الثامنة لرحيل محيي الدين عامر، المدير الأسبق لمؤسسة “الخبر”، الذي وافته المنية يوم 12 فيفري سنة 2010، عن عمر يناهز التاسعة والخمسين عاما. ويُعد عامر أحد مؤسسي صحيفة “الخبر”، ومن الذين أعطوا لها نفسا جديدا خلال مرحلة ترؤسه لمجلس الإدارة. كان الراحل عامر محيي الدين رمزا إنسانيا فريدا، لا يزال من تعرف عليه عن قرب خلال تلك السنوات التي قضاها في “الخبر”، يذكر قدرته الفائقة على نسج علاقات إنسانية متينة، بفضل تواضعه الكبير. ترك بعد رحيله فراغا كبيرا في الأوساط الإعلامية. ينتمي محيي الدين عامر، إلى الجيل الأول الذي خاض تجربة الصحافة المستقلة عن قناعة، وكان من الذين احتضنوا الأفكار والقيم الكبرى التي ولدت من رحم أحداث أكتوبر 1988، كالتعددية الإعلامية، وحق الجزائريين في إعلام نزيه ذي مصداقية، وهو ما أوصله إلى خوض مغامرة إنشاء صحيفة “الخبر” كمؤسسة إعلامية مستقلة. خاض محيي الدين عامر مشواره الصحفي في القطاع العمومي، بيومية “المساء”، وكان من أبرز صحفييها خلال العهد الذهبي لهذه الصحيفة. ثم اقتنع بتجربة الاستقلالية والصحافة المستقلة، عملا بفكرة ضرورة السعي وراء مزيد من المهنية، وفرض القدرات المهنية الصحفية، التي لم تكن لتنمو إلا في فضاء مستقل يضمن هذه المهنية. تقلد المرحوم عدة مناصب منها منصب رئيس القسم السياسي، ورئيس قسم الإشهار لعدة سنوات، ثم عيّن في منصب رئيس مصلحة، وبعدها مسؤول المفتشية العامة، وأخيرا منصب الرئيس المدير العام، إلى غاية سنة 2010. ويشهد الذين عملوا معه في كل هذه المناصب، أن الرجل كان ذا أخلاق عالية، وامتاز بطيبة كبيرة، وبقدرة على التواصل، ونسج علاقات إنسانية تكون هي أساس العمل. وبفضل مجهود صحافيين رواد أمثال، عمر أورتيلان وزايدي سقية وعثمان سناجقي وعامر محيي الدين، تحققت الأحلام، وتحولت “الخبر” إلى مؤسسة كبيرة، لها مكانتها في الفضاء الإعلامي الجزائري والمغاربي، وحتى العربي، ولا تزال إلى اليوم تحتفظ بهذه التقاليد التي أرساها جيل محيي الدين عامر، ومن سار معه على درب الاستقلالية والإعلام القريب من هموم المواطنين.