الجُرح واحد والدم واحد وفتنة وجدت أكثر من واحد ليُوقظها من سُباتها ويُشعل نيرانها ألحقت أضرارا بمناصري البلد الواحد، فرّقهم ملعب لكرة القدم وجمعهم مستشفى المدينة ذاتها، شهد حضور عائلتي الضحايا جنبا إلى جنب، ورسموا نفس مشاهد الآلام والحزن بقلوب جريحة وناقمة على من جعلهم يذرفون الدموع على حال ومصير أبنائهم. وقفت، صبيحة أمس، "الخبر" على حالة الغليان التي تعيشها مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي لقسنطينة، من طرف أصدقاء وعائلة مناصر شباب قسنطينة إيسيل عبد الجليل (26 سنة) الذي يرقد بالمصلحة منذ أسبوع، بعد تعرضه للدهس من طرف سيارة مجهولة، عقب لقاء الجمعة الفارط الذي جمع مولودية الجزائر بشبيبة القبائل، إضافة إلى توافد عائلة مناصر المولودية لزيارة ابنها بونجار عمر (20 سنة) الذي يرقد بنفس المصلحة، بعد تعرضه لاعتداء على مستوى الرأس. وجدت "الخبر" أفراد عائلة مناصر شباب قسنطينة إيسيل عبد الجليل الذي يمر بوضعية صحية حرجة في حالة غضب وغليان كبيرين، بسبب عدم القبض إلى غاية أمس على صاحب سيارة "بيكانتو" الذي دهست المناصر المذكور على مستوى حي الكلم الرابع، والفرار نحو وجهة مجهولة، رغم تقديم أفراد عائلته لشكوى رسمية ضد مجهول على مستوى الأمن الحضري لبومرزوق. ودعت عائلتا مناصري شباب قسنطينة ومولودية الجزائر كل السلطات المسؤولة عن كرة القدم الجزائرية إلى إيقاف الفتنة المشتعلة حاليا بين مناصري شباب قسنطينة ومولودية الجزائر، مؤكدين على أنها كرة قدم فقط، حيث شدد السيد بونجار سيد علي، عمّ مناصر مولودية الجزائر، على أن "الشعب الجزائري مسلم ويجب أن نكون كلنا إخوة ويدا واحدة، ويفترض أن ندخل إلى مدرجات الملعب لمتابعة المباريات في جو عائلي ثم المغادرة دون إثارة أي مشاكل". كما أشاد أب المناصر المذكور بحسن الضيافة التي حظي بها في مدينة قسنطينة ومن طرف أهلها، داعيا مسيري شباب قسنطينة ومولودية الجزائر إلى الصلح وفتح صفحة جديدة بين أنصار الفريقين. وإذا كانت الكرة مفرّقة لمحبيها من جموع الأنصار، فإن "مصائبها" كانت بالمقابل جامعا لعائلات هؤلاء، ولم يكن الغضب وهول ما حدث ليتغلّب على صوت العقل، فالقادم الذي يخشاه أولياء نزلاء المستشفى أهم من الماضي، وطي الصفحة اليوم أكثر من أولوية لقطع الطريق أمام ألسنة الفتنة التي يترجاها البعض من وراء الترويج للثأر والسقوط في جزئيات "أنت المسؤول وأنت البادئ بالاعتداء"، من أجل مصلحة أبناء البلد الواحد الذين وجدوا أنفسهم، مرة أخرى، ضحايا أشباه مسيرين ومسؤولين مغامرين، من هواة ورعاة الفتنة، عمدوا، بتهورهم وانعدام روح المسؤولية فيهم، إلى إسقاط حرف "القاف" قسرا من لعبة كرة القدم لتحويلها، مع سبق الإصرار والترصد إلى كرة دم ودموع وإهانة غير مسبوقة للجزائر. الفتنة كانت نائمة لعن الله من أيقظها.. موقف جمع عائلات جرحى الأنصار الجزائريين بغض النظر عن ميولات أبنائهم الرياضية.. لقناعة هؤلاء أن إطفاء نيرانها اليوم ومحاسبة من تسبب في إشعالها بالأمس، هو السبيل الوحيد لدفنها قبل الغد، فالفتنة أشدّ من القتل يا سادة، فهل من يقدّر العواقب يا ترى؟