أحتاج من جنرالات الحروب في العالم الآن في هذه اللحظة أن يُسكتوا أصوات مدافعهم ورصاصهم، فهناك الكثير من الأمور المترتبة على صمتهم، منها: أن هناك ازدحاماً في الأرواح المغادرة كل يوم إلى السماء، وأن الأطفال يفزعون وهم يرضعون فيفلت الثدي من أفواههم فيسيل الحليب مجاناً على صدر الأم، وأصبحت كل ألعابهم أسلحة حربية من البلاستيك، وحتى أجهزتهم الإلكترونية ثلاثية الأبعاد كأنهم في حرب حقيقية. أسكتوا أصوات مدافعكم كي لا ترتجف في يد عجوز أرغفة الخبز التي يحملها كل يوم إلى عائلته التي تقيم على يمين الشارع الذي غدا ركاماً. في ذاك الشارع كانت ثمة مكتبة تبيع دواوين الشعراء الذين يكتبون عن الحرب، وكانت على تلك الشرفة تتكئ فتاة مراهقة يظن كل الشباب أنها تحبهم. ذاك الفتى الذي كان يشعر أنه المعني بالتفاتة شعرها، قطف لها خلسةً وردة من حديقة جارهم البخيل، ورمى الوردة نحو الشرفة، لكنها قبل أن تصل كانت الطائرة الحربية قد قصفت روحيهما معاً: الشاب والفتاة.. القطف والقصف.. الفناء الذي يتقاضى جنرالات الحروب رواتبهم بسببه. ما العمل الذي يمكن أن يقوموا به في ما لو انتهت الحروب.. هم لا يعرفون الرسم ولا يكتبون الشعر ولا يغرسون الورود التي يقطف الشاب منها خلسة لفتاة كان يعتقد أنها تسرح شعرها بالشمس لأجله. بعد رحيلهما اكتشفت أن الشاب لم يكن يسرق الورد فقط، بل ويسرق كتاباتي من الفيس بوك ويرسلها إلى صفحتها على أنه هو كاتبها. سامحت روحه، لكن لا أدري إن كان جاره البخيل قد سامحه لأن الجار رحل معه في القصف.. سينتظره هناك أمام عدالة السماء التي سيمثل أمامها قاطف الوردة.. وقاصف الأرواح..