يركز الصالون الدولي للكتاب في دورته ال23 على الثقافة الإفريقية، ويقدم، من خلال جناح “روح البناف”، ندوة بعنوان “احك لي عن إفريقيا” ضمن برنامج الزمن والقارة. وقد شارك كل من الباحث الجزائري عبد الرحمان خليفة وفؤاد سوفي في تقديم ورقتين: الأولى في موضوع تاريخ إفريقيا العام، والأخرى بعنوان “حين ساندت إفريقيا الثورة الجزائرية”. تحدث الباحث عبد الرحمان خليفة بالأرقام عن تاريخ إفريقيا العام، مفندا كل النظريات التي تحاول التعتيم على تاريخ القارة السمراء، وقال في هذا الإطار إن الأدلة التاريخية تؤكد على أن إفريقيا تعتبر “مهد الإنسانية” وقد تعرضت عبر التاريخ إلى محاولات عدة لمحو تاريخها والاستيلاء على ثوراتها، مشيرا إلى أن هناك العديد من الاكتشافات تؤكد أن تاريخ القارة السمراء يمتد إلى ملايين السنوات، منها اكتشافات عثر عليها في الجزائر مؤخرا في ولايتي الجلفة والبيض، حيث تم العثور على آثار عمرها 4 ملايين عام. وعن تسمية “إفريقيا”، أشار الباحث إلى أن اسم “أفري” يطلق على العديد من البشر الذين كانوا يعيشون في شمال إفريقيا بالقرب من قرطاج. ويمكن تعقب أصل الكلمة إلى الفينيقية أفار بمعنى غبار، إلا أن إحدى النظريات أكدت عام 1981 أن الكلمة نشأت من الكلمة الأمازيغية “إفري” أو “إفران”، وتعني الكهف، في إشارة إلى سكان الكهوف، ويشير اسم إفريقيا أو إفري أو أفير إلى قبيلة بني يفرن الأمازيغية التي تعيش في المساحة ما بين الجزائر وطرابلس. كما أشار الباحث إلى أن بداية كتابة أولى صفحات التاريخ بدأت في إفريقيا منذ 3300 قبل الميلاد تقريبًا في شمال إفريقيا مع ميلاد الحضارة الفرعونية في مصر القديمة، وقدم عدة أدلة مصورة تؤكد على عراقة التاريخ الإفريقي، منها تحف فنية من أشكال لحيوانات في نطاق الطاسيلي، ويلاحظ أيضا لوحات ما قبل التاريخ في الصخور وغيرها من المواقع الأثرية القديمة التي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث عندما كان المناخ المحلي رطبا بكثير مع تواجد السافانا بدلا من الصحراء. وتتنوع الصور الموجودة بين صور لعمليات رعي الأبقار وسط مروج ضخمة وصور لخيول ونقوش لأنهار وحدائق غناء وحيوانات برية ومراسم دينية وبعض الآلهة القديمة. وُجدت حفريات تنتمي إلى أواخر الحقبة الترياسية في جميع أنحاء إفريقيا، إلا أنها أكثر شيوعا في الجنوب والشمال. ويعتبر ظهور علامات الانقراض من الأحداث أن أطوار الحياة في إفريقيا خلال هذه الحقبة الزمنية لم تتم دراستها دراسة وافية. وفي موضوع إفريقيا والثورة الجزائرية، أشار الباحث فؤاد سوفي إلى أن الأمر يمكن تلخيصه في مقولة زعيم ثورة جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا: “الجزائر كانت وستبقى قلعة الثوار والأحرار”. فعندما انتقلت حرب التحرير الجزائرية كانت معظم البلدان الإفريقية تحت الاستعمار، وكان واضحا أن الاستعمار لن يتنازل عن مناطق كثيرة منها: أنغولا، جنوب إفريقيا وناميبيا، واعتبرت جبهة التحرير الوطني باستمرار أن عملها التحرري جزء مكمل وله تأثير متبادل من أجل تحرير إفريقيا ككل، حيث وصل صدى الثورة الجزائرية إلى أقصى جنوب القارة الإفريقية التي كانت دولها تعاني تبعات نظام التمييز العنصري الذي فرضته الأقلية البيضاء على الأغلبية السوداء، صاحبة الأرض، وصولا إلى أمريكا اللاتينية وتأثر الزعيم الثوري تشي غيفارا بمبادئها وانتصاراتها التي حققتها على أكبر قوة عالمية آنذاك.