أعلنت قيادة حزب جبهة التحرير الوطني عن استقالة أمينها العام الأسبق، عمار سعداني، من اللجنة المركزية قبل أشهر قليلة من المؤتمر ال12، في مؤشر على اعتزاله العمل السياسي. وأورد الحزب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، أن سعداني أبلغ الأمين العام بالنيابة، علي صديقي، في مكالمة هاتفية "بقرار الاستقالة من عضوية اللجنة المركزية للحزب"، كما طلب إعفاءه من كافة نشاطات الحزب، وأرجع سعداني قراره "لظروف عائلية خاصة". وأكد الحزب ما أوردته مواقع إلكترونية بخصوص تخلي الأمين العام الأسبق عن عضوية اللجنة المركزية التي التحق بها سنوات التسعين عن ولاية وادي سوف. وتتعلق الظروف العائلية المشار إليها إلى مرض أحد أفراد عائلته، حسب مقربين منه. وذكر مقربون منه أن الرحيل المفاجئ لرئيس أركان الجيش السابق، الفريق أحمد ڤايد صالح، عن المشهد، غداة تنصيب الرئيس الجديد للجمهورية، غيّر خطط الأمين العام الأسبق وبرنامجه وسرّع قراره بالانسحاب وإعلان اعتزاله العمل السياسي في عمر 70، بعدما كان يستعد للعودة للبلاد واسترجاع مقعده "الشاغر" في قيادة الحزب، والذي تركه إثر عملية انقلاب أبيض في نوفمبر 2016، ومباشرة الإعداد للمؤتمر العادي المقرر العام الجاري. واحتفظ سعداني، رغم خروجه من الجزائر إلى "المنفى الاختياري"، بتأثيره في الحزب، بحكم حصول الموالين له على الأغلبية في اللجنة المركزية التي أشرف على تشكيلها في مؤتمر 2015. وباستثناء الفترة القصيرة لمعاذ بوشارب على رأس الحزب، كان خلفاؤه من الموالين له. ويعد سعداني من المطلوبين للملاحقة من قبل أطياف في الحراك الشعبي، وتردد على نطاق واسع أنه كان مرشحا لولوج قائمة المطلوبين للعدالة الجزائرية، قبل الانتخابات الرئاسية لديسمبر الماضي للتحقيق معه في شبهات فساد، لطالما نفاها وتحدى خصومه أن يقدموا أدلة على تورطه في هذه القضايا. ونشر خصوم له بيانات ووثائق تفيد بامتلاكه عقارات بفرنسا وبريطانيا، مثل كثير من المسؤولين ورجال الأعمال الجزائريين، لكن لم تتحرك العدالة لمساءلته عن مصدر ثروته. وخلال مساره السياسي والنقابي الذي يمتد لحوالي أربعين سنة، جمع سعداني كثيرا من الأعداء على مستوى الحزب وأجهزة الدولة، بسبب مواقفه المثيرة للجدل وخصوصا توليه شخصيا كسر بعض المقدسات وتغيير قواعد الاشتباك بين مجموعات الحكم المتصارعة عبر تنفيذ عملية التحرش السياسي والإعلامي بخصوم الرئيس بوتفيلقة ورئيس أركان الجيش السابق، وتولى التهجم بالجنرال توفيق مدير دائرة الاستعلام والأمن السابق، والمعروف ب"رب الجزائر" في 2015، في مستهل عملية الإطاحة بالجنرال الذي انتهى بإبعاده عن القرار، ثم سجنه لاحقا. واتهم سعداني في حوار صحفي له في 2013 الجنرال توفيق بالاستقالة واتهمه بالفشل في حماية أمن البلاد، في إشارة إلى استهداف منشأة الغاز بتيڤنتورين، ثم عاود استهدافه في خطاب في تبسة في 2016، متهما إياه بتدبير عملية انقلاب على الرئيس السابق بالتحالف مع مجموعات مالية. وعلى مستوى حزب جبهة التحرير الوطني، يتهم كوادر الحزب الأمين العام الأسبق بقيادة مهمة تخريبية لحزب الأفالان، من خلال مراجعة عميقة لتركيبة الحزب، وإيديولوجيته من خلال تسليمه لمجموعات المال والبازار السياسي، والجاري محاكمتها حاليا، فيما تنتظر مجموعات أخرى المحاكمة. وجاء انسحاب سعداني من الحزب الواحد وسط غموض حول مصير الحزب الذي يستعد لتنظيم مؤتمره العادي، بعد اكتمال عهدة القيادة الحالي.