خرج الصراع الخفي بين رئيسي الاتحادية والرابطة إلى العلن، وتسبب النقاش حول مستقبل بطولتي الاحتراف والهواة المطروح، أول أمس، على مستوى المكتب الفدرالي خلال "اجتماعه غير المتوقع"، في اندلاع "حرب" بين خير الدين زطشي وعبد الكريم مدوار، بعدما اختار رئيس "الفاف" البقاء في موقع "المعارض" و"المحارب" لكل من يختلف معه في الرأي والطرح، واختار فرض "حق الفيتو" على رئيس رابطة كرة القدم المحترفة بمنعه من إبداء رأيه، ما أثار حفيظة مدوار وجعله يثور ضد رئيس الاتحادية، الذي وجد في النهاية "الذريعة" لإخراج كل ما في جعبته من "حقد" تجاه ممثل الأندية المحترفة. اختيار رئيس الاتحادية "استفزاز" رئيس الرابطة، لمجرد طلب الأخير التدخل وإبداء الرأي في قضية مستقبل البطولة، كان سببا في حدوث ملاسنات بينه وبين عبد الكريم مدوار، كون الأخير لم يستسغ تعالي زطشي ومخاطبته بلهجة خلت من الاحترام، بل وطغى عليها طابع "الأمر"، وكأن الأمر لا يتعلق بفضاء قانوني (اجتماع المكتب الفدرالي) للنقاش وإبداء الرأي من أجل مصلحة الكرة، حيث ردّ مدوار بقوة على زطشي وبنبرة حادة، خاصة حين قال زطشي مخاطبا إياه وأمام أعضاء المكتب الفدرالي ورؤساء الرابطات: "لست هنا لإبداء الرأي، إنما للتصويت فقط، حول ما إذا كان علينا حسم مصير البطولة في هذا الاجتماع، أو رفع المسألة إلى الجمعية العامة"، فجاء رد مدوار بأكثر قوة، لردّ الاعتبار لنفسه أولا ولوضع زطشي عند حده، والقول له صراحة بأنه تمادى في تصرفاته غير الديمقراطية المبنية على تصفية الحسابات وعلى الضبابية. ثورة مدوار وردة فعله العفوية دفعت بالرئيس زطشي، بعد ملاسنات حادة، للبوح بما يخفيه في قلبه من ضغينة لرئيس الرابطة، فراح يلومه ويعاتبه على ما وصفه ب"اجتماعات جهوية مع الأندية المحترفة دون إشراك الاتحادية"، وأكد على مسامعه بأن ما قام به تصرف غير لائق، مشيرا "لقد اجتمعت مع رؤساء الأندية في الغرب ولم توجه الدعوة لأومعمر، عضو المكتب الفدرالي، ولا حتى لبهلول في اجتماع الشرق، ولم يحضر في الوسط أيضا خلال اجتماعك أي ممثل عن المكتب الفدرالي في الوسط، فهل تقبل يا عبد الكريم أن أجتمع كرئيس اتحادية بالنوادي المحترفة دون أن أوجه لك الدعوة؟"، ليضيف مدوار بأنه من حقه كرئيس للرابطة الاجتماع بالنوادي، مطالبا بحقه في الحديث خلال المكتب الفدرالي لتقديم الحلول ومقترحات الرابطة بشأن مستقبل البطولة قبل التصويت ب"نعم" أو "لا" على الذهاب إلى الجمعية العامة من عدمه للفصل في القضية، غير أن قول زطشي "لا" لمدوار بنبرة حادة، وتقزيمه بالقول أيضا "أنت هنا للتصويت وليس للحديث"، فجّر العلاقة بين الرجلين، وحوّل الصراع الخفي بينهما إلى صراع مُعلن. وتعالت أصوات زطشي ومدوار في قاعة الاجتماع بمقر "الفاف"، أمام تعالي أصوات أخرى للأعضاء الحاضرين وحركية صاخبة، واحدة بطلاها رئيسا الاتحادية والرابطة، وقد امتزجت بملاسنات وتلويح بالأيدي، وحركية أخرى متسارعة لفض النزاع بأياد تحاول التفرقة بين الرئيسين وأصوات متخلخلة تصب كلها في سياق التهدئة، وسط "معركة الشخصية" و"الزعامة" و"فرض المنطق" بين زطشي ومدوار، بعد أن قطع رئيس الاتحادية "شعرة معاوية" وكتب بنزعته الديكتاتورية ومنطق الضبابية الذي يلف فكره وقراره وإجراءاته وإستراتيجيته، نهاية عهد "الحرب الباردة"، وتدشين عهد "الحرب المفتوحة" بين "الفاف" والرابطة والنوادي، من خلال اجتماع رسمي للمكتب الفدرالي، قد يشكّل منعرجا حاسما للاتحادية ويحدد مصيرها أكثر، خاصة وأن زطشي وأعضاء مكتبه اختاروا التموقع في طرف "المعارضة" لكل الفاعلين في الكرة الجزائرية، سواء رابطة كرة القدم المحترفة أو وزارة الشباب والرياضة أو النوادي المحترفة أو حتى الجمعية العامة صاحبة السيادة أو الإعلام الرياضي، ممن ينتقدون ويعارضون التسيير الهاوي والعشوائي لكرة القدم الجزائرية، وسقوط أي نظرة استراتيجية عن المكتب الفدرالي الحالي ورئيسه، بخصوص كيفية إنقاذ البطولة على اختلاف أقسامها. ولم يكد الهدوء يعود إلى القاعة، عقب أجواء مشحونة كادت أن تعرف نهاية غير محمودة العواقب، حتى راح عضو المكتب الفدرالي، حكيم مدان، يصبّ الزيت على النار، بقوله، وهو يأخذ الكلمة، على خلاف عبد الكريم مدوار: "أنا مع موقف رئيس الاتحادية، وقد كان يتعين على الرابطة إشراك أعضاء المكتب الفدرالي، خلال اجتماعها مع النوادي المحترفة"، ما أفقد مدوار صوابه، وجعله ينتفض بقوة ضد حكيم مدان، وتعالت الأصوات وبدأت الأيدي من جديد في التلويح، وتبادل الرجلان الانتقادات، وكادت الأمور أن تتطور إلى مشادات بالأيدي بعد الملاسنات، قبل أن يتدخل أعضاء المكتب الفدرالي، من جديد، للعب دور الحكم أو "الدركي"، وفض النزاع الثاني بشق الأنفس، ليتواصل الاجتماع في أجواء مكهربة، وغادر رؤساء الرابطات الاجتماع بعد منتصف النهار، وبقي رئيس رابطة كرة القدم يستكمل بعض النقاط المتعلقة بديون النوادي المحترفة، مع أعضاء المكتب الفدرالي ورئيس الاتحادية ورئيس لجنة المنازعات، الأستاذ حمودة، الحاضر بدوره خلال الاجتماع.