يبدو أن وزارة الصناعة بقيادة آيت علي فرحات ستتخلف عن الموعد الذي قطعته أمام الجزائريين الراغبين في اقتناء سيارات جديدة، وهو التاريخ المرشح إلى التأجيل لأشهر أخرى بعد أن كان محددا نهاية السنة الجارية. يأتي هذا التأخير في الوقت الذي أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بالتعجيل في إصدار دفتر الشروط الخاص باستيراد السيارات الجديدة لمباشرة العملية في أقرب الآجال. بالمقابل، تعاني شركات إنتاج المعدات الكهرومنزلية والإلكترونية الأمرّين بسبب عدم إصدار دفتر الشروط المسير لهذا القطاع، حيث توقفت جميعها عن النشاط وأحالت جزءا كبيرا من عمالها على البطالة التقنية، وذلك بعد نفاد مخزونها من الأجزاء والهياكل المستوردة، نفس الشيء بالنسبية لدفتر الشروط الخاص بالسماح باستيراد العتاد المستعمل، الذي لم ير النور إلى يومنا هذا، رغم تقنين العملية في قانون المالية التكميلي لهذه السنة. وقالت مصادر عليمة في تصريح ل"الخبر" إن أسباب تأخر الانطلاق في منح الاعتمادات لوكلاء السيارات الجدد تعود بالدرجة الأولى إلى عدم تنصيب اللجنة المكلفة بمنح تراخيص اعتماد وكلاء السيارات الجدد بعد دراسة ملفاتهم، تطبيقا لما تضمنه المرسوم الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة. ففي الوقت الذي حدّدت وزارة الصناعة شهر سبتمبر كموعد لمنح اعتمادات وكلاء السيارات الجدد، لاتزال إلى غاية الآن تتأخر في تنصيب اللجة التي تشرف على عملية دراسة ملفات وكلاء السيارات الجدد، فيما تعمل على إعداد بوابة إلكترونية سيتم من خلالها إرسال ملفات الراغبين في الحصول على اعتمادات استيراد السيارات الجديدة. وتلزم المادة 41 من المرسوم الخاص بنشاط وكلاء السيارات الوزير المكلف بالصناعة بتنصيب لجنة مكونة من أعضاء ممثلين للوزارات المعنية بعملية استيراد السيارات والذين يتم اقتراح عضويتهم من طرف مسؤوليهم من الوزراء المكلفين بالتجارة، المناجم والمالية، إضافة إلى ممثلين اثنين عن وزارة الصناعة. وأوكلت إلى هذه اللجنة، حسب نفس المادة، دراسة الملفات المتعلقة بطلبات الحصول على الرخص المؤقتة والاعتمادات النهائية والحرص على احترام الالتزامات التي تعهد بها الوكيل، كما تبدي نفس اللجنة رأيها بخصوص سحب الاعتمادات في حال الإخلال بالبنود المتضمنة في دفتر الشروط. على صعيد آخر، أوضحت المصادر ذاتها أن الشروط التعجيزية التي تضمنها دفتر شروط استيراد السيارات الجديد ستسمح بعودة احتكار السوق مرة أخرى من طرف مجموعة محددة من وكلاء السيارات المعتمدين، من رجال الأعمال القادرين على حيازة عقود ملكية جميع مساحات عرض السيارات المطلوبة في مختلف ولايات الوطن. ولم يقتصر دفتر شروط استيراد السيارات على إجبار الوكلاء الجدد على حيازة عقود الملكية فقط، بل فرض عليهم توسيع المساحات المخصصة للعرض، وهما الشرطان، تقول نفس المصادر، اللذان يتنافيان وما هو معمول به في جميع الدول. من جهة أخرى، أكدت المصادر ذاتها أن دفتر الشروط الجديد عاد ليرسخ البيروقراطية من جديد، حيث يفرض على طالبي اعتمادات الاستيراد تقديم العديد من الوثائق التي يقدر عددها بخمس بالنسبة للاعتماد المؤقت وعشر وثائق أخرى بالنسبة للاعتماد النهائي. كما اشترط دفتر الشروط على الوكلاء الجدد تسويق علامتين تجاريتين فقط وهو ما سيضاعف عدد الوكلاء المتعاملين مع كل مصنّع أجنبي للسيارات، ما سيتسبب، حسب نفس المصادر، في رفع فاتورة استيراد قطع غيار السيارات. ورشّحت المصادر ذاتها أن تكون أسعار السيارات الجديدة المستوردة مرتفعة بالنظر إلى التكاليف الإضافية التي سيتحملها وكلاء السيارات الجدد، وهو ما سيهدر أموالا طائلة من العملة الصعبة، ويتنافى مع توجهات الحكومة التي دعت إلى التسيير الراشد والعقلاني لما تبقى من احتياطيات الصرف الجزائرية، بعد أن هوت إلى أقل من 60 مليار دولار نتيجة الأزمة المالية الحادة التي خلفتها جائحة كورونا.