بعد التناقص اليومي في عدد الحالات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد بالجزائر وتخفيف قيود الإغلاق والعودة التدريجية للحياة الطبيعية، يراهن الأطباء على "مناعة القطيع" للوصول إلى "صفر إصابة" ب "كوفيد 19"، لكن في الوقت نفسه يبقى الأمر مستبعدا بالنظر للعديد من التجارب التي يمكن أخذ العبر منها، حيث احتفلت بعض الدول بالوصول المؤقت إلى صفر إصابات وانخفاض عدد الإصابات لأدنى مستوياتها، إلا أن انتكاسة فاجأتها من جديد بسبب التهاون في اتخاذ الإجراءات الوقائية. يرى رئيس عمادة الأطباء وعضو اللجنة العلمية لمتابعة تفشي وباء كورونا البروفيسور بقاط بركاني، أن الوصول ل"صفر إصابات" في أية دولة أمر مستحيل، ما لم يتمتع الأشخاص بمناعة القطيع، ولحين وجود لقاح له، لأن الفيروس، حسبه، مثل أي مرض في العالم خلق ليعيش معنا، كما أن حدته تنخفض في بعض الأوقات وترتفع في أوقات أخرى، ومن الصعب، حسب محدثنا، تحديد مرحلة انخفاض منحنى الإصابات إلى أدنى مستوياته، لأن بعض الناس قد تتهاون في الإجراءات الاحترازية . وأكد الدكتور بقاط، في اتصال مع "الخبر"، على أن الحالة الوبائية في الجزائر مرضية، وخطورة الفيروس تلاشت، مذكرا بعدد الوفيات اليومي بكوفيد 19 "عدد الوفيات المسجلة بالفيروس ليست مخيفة وتضاهي الوفيات اليومية لحوادث المرور والمصابين بأمراض القلب". كما توقف بقاط عند الدخول المدرسي المقرر بتاريخ 21 أكتوبر بالنسبة للطور الابتدائي و4 نوفمبر للمتوسط والثانوي، وتزامنه مع وضعية صحية استثنائية، حيث قال "لسنا متخوفين من الدخول المدرسي، لأننا استطعنا السيطرة على انتقال العدوى، لكن أشدد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية من خلال ارتداء التلاميذ للكمامات، ويستثنى منها المصابون بالأمراض المزمنة المطالبين في هذه الحالة بإحضار شهادة طبية لإعفائهم من ارتداء القناع الواقي". وحذّر البروفيسور الجزائريين من التهاون في اتخاذ الإجراءات الوقائية من العدوى بعد الانحفاض المسجل في عدد الإصابات بالفيروس، لتجنب الانتكاسة والعودة لنقطة الصفر، مشددا على أن لا خيار إلا التعايش مع الفيروس إلى غاية استيراد اللقاح "نسعى لتحقيق حياة شبه عادية بعد السيطرة على الفيروس، شرط التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية، وأهمها التباعد الاجتماعي والجسدي وارتداء الكمامات وغسل اليدين باستمرار".
السيطرة على الفيروس أهم من "صفر إصابات" وحسب منظمة الصحة العالمية ليس بالضرورة الوصول ل"صفر إصابات"، بعد انخفاض حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ولكن الأهم هو استمرار السيطرة على انتشار العدوى، حيث قالت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج الصحية بمنظمة الصحة العالمية، إن هناك عدد من الدول حققت صفر إصابات وخفّضت إجراءاتها الاحترازية، مشيرة إلى أهمية تقييم المخاطر بشكل مستمر والتأكد من قدرة الدولة على استقبال الحالات المصابة بالمستشفيات وعلاجها. واستطردت: "علميا الجائحة بدأت تنحسر ولكن لا يعني ذلك أن نطمئن أن الفيروس اختفى". كما أكدت منظمة الصحة العالمية في العديد من المرات، أن العالم لم يقترب حتى الآن من مستوى المناعة ضد فيروس كورونا اللازم لتفعيل "مناعة القطيع"، والتي تعني امتلاك عدد كافٍ من السكان أجساماً مضادة لوقف تفشي الفيروس، حيث قال رئيس قسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، الدكتور مايكل رايان، إن سكان العالم لم يقتربوا بعد من مستويات المناعة المطلوبة لوقف انتقال هذا المرض، هذا ليس حلاً ينبغي أن نتطلع إليه". وتشير معظم الدراسات التي أجريت حتى الآن إلى أن حوالي 10% إلى 20% فقط من الأشخاص لديهم أجسام مضادة ضد كورونا.