المسابقة الوطنية لحفظ وترتيل القرآن الكريم لنزلاء المؤسسات العقابية: إختتام الطبعة ال15 في أجواء روحية مميزة    في يوم الأرض.. الاحتلال الصهيوني يستولي على 46 ألف دونم في الضفة الغربية سنة 2024    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    مركز التكفل النفسي الاجتماعي ببن طلحة: إفطار جماعي وتقديم ملابس عيد الفطر لأطفال يتامى ومعوزين    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لإنتاج الحليب بجنوب البلاد    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    تطبيق رقمي لتحديد التجّار المُداومين في العيد    مكسب جديد للأساتذة والمعلمين    تعيين نواب من العهدات السابقة في اللجنة الخاصة    الرجال على أبواب المونديال    هذه رزنامة امتحاني البيام والبكالوريا    2150 رحلة إضافية لنقل المسافرين عشية العيد    التبرع بالدم.. سمة جزائرية في رمضان    الحماية المدنية تدعو إلى الحيطة    سوناطراك: حشيشي يستقبل الأمين العام لمنتدى لدول المصدرة للغاز    عجّال يبحث سبل تعزيز التعاون مع سفير جنوب إفريقيا    فرنسا.. العدوانية    هذا موعد ترقّب هلال العيد    الجيش الوطني الشعبي: القضاء على إرهابيين و خمسة آخرون يسلمون أنفسهم خلال أسبوع    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    تساقط الثلوج على مرتفعات وسط وشرق البلاد ابتداء من مساء السبت المقبل    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    الجزائر تشارك في الطبعة ال 12 من الصالون الدولي للسياحة بكرواتيا    بلمهدي يستقبل المتوجين في المسابقة الوطنية لحفظ القرآن والمسابقة التشجيعية لصغار الحفظة    المرصد الأورومتوسطي: استشهاد أكثر من 103 فلسطينيا واصابة 223 اخرين يوميا منذ استئناف العدوان على غزة    فلسطين: الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيمها لليوم ال60 على التوالي    اللقاء بسفير المملكة لدى الجزائر فرصة لتأكيد "ضرورة تعزيز التعاون والشراكة"    فوز المنتخب الوطني على الموزمبيق "رسالة واضحة للمشككين"    عرض فيلم زيغود يوسف    محرز فخور    صادي سعيد    "الطلاق" موضوع ندوة علمية    ملابس العيد.. بين بهجة الموديلات ولهيب الأسعار    سوريا تواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة    "أطباء بلا حدود" تطالب بمرور المساعدات الإنسانية لفلسطين    الفساد يستشري في المغرب ويهدّد مفاصل الدولة    الجمعية الوطنية لتربية المائيات تطالب بلقاء الوصاية    دورية تفتيشية لمكاتب صرف منحة السفر    خط السكة العابر للصحراء.. شريان تنموي وثقل إقليمي    حلوى "التمر المحشي" على رأس القائمة    حققنا فوزا مهما لكننا لم نضمن التأهل بعد    برامج ومسلسلات ومنوعات اختفت    أغلب رواياتي كتبتها في رمضان    حساب رسمي لوزارة الدفاع الوطني على "إنستغرام"    الأرجنتين تدكّ شباك البرازيل برباعية    بيتكوفيتش: لم نتأهل بعد إلى المونديال وراض عن الأداء    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شوال السبت القادم    طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري    الجزائر تندد    استشهاد 17 فلسطينيا خلال استهداف منازل وخيام لنازحين    فرسان صغار للتنافس بمساجد قسنطينة    الدعاء في ليلة القدر    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    غزة تُباد..    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استنكار متواصل.. وانتظار لنتائج التحقيق
نشر في الخبر يوم 03 - 04 - 2021

مرت ثلاثة أيام على الحادث الأليم الذي روع أكثر من ثماني عائلات جزائرية فقدت أبناءها في محطة للصرف الصحي بسجن وادي غير ببجاية، وأبى الحزن أن يفارق الجميع. فلا تزال مراسم تشييع الضحايا إلى مثواهم الأخير متواصلة في مختلف ولايات الوطن وفي أجواء جنائزية يملؤها الكثير من الأسى، خاصة أن ما حدث في سجن بجاية هو أقرب إلى فيلم رعب منه إلى حادث مأساوي.
عددهم سبعة، وهم حراس المؤسسة العقابية وادي غير، وثامنهم نزيل بالسجن.. هم ضحايا الغرق في محطة للصرف الصحي. كيف وقعت الحادثة بالتمام؟ لا أحد يدري، حيث أحيط بها صمت رهيب ومنع الجميع من الكلام والتصريح.
كانت الساعة منتصف النهار لما وصلنا إلى محيط سجن وادي غير. ساعتان مرتا على الواقعة، رجال الدرك منعوا المراسلين الصحفيين من العمل والتصوير بمبرر تلقي تعليمات من قبل النائب العام، وطلبت رخص استثنائية لكل صحفي يرغب في التصوير.
معلومات أفادت بأن رجال الحماية المدنية تمكنوا من انتشال سبع جثث من قاع المحطة، وعلمنا من مصادرنا أن الأمر يتعلق بستة من أعوان الأمن بالسجن ومسجون واحد، وما هي إلا لحظات حتى خرجت سيارة إسعاف من داخل السجن بصوت منبهاتها المزعج، علمنا بعدها أنها تحمل الضحية الثامنة.
أعوان الحماية المدنية وأفراد الدرك الوطني الذين نسترق منهم بعض المعلومات غير الكافية أكدوا لنا (وقتذاك) أن المشهد مهول ولم يستبعدوا العثور على جثث أخرى داخل المحطة. أخبرنا أحدهم أنهم بصدد تفريغ المحطة كلية من المياه المستعملة للتأكد من عدم وجود جثث أخرى، لكن مؤشرات نهاية العملية بانت للعيان لما شوهد أفراد فرقة الغطاسين يخرجون من محيط السجن وقد تخلصوا من ثياب العمل.
الوضع كان مريبا بمحيط السجن الذي يعد الأكبر في ولاية بجاية، لما شوهدت العشرات من سيارات نقل أفراد مكافحة الشغب لتأخذ أماكنها في زوايا متعددة من السجن. بعض الألسنة الراسية بالضفة المقابلة للطريق الوطني رقم 12 المحاذي للسجن تتحدث عن إجهاض محاولة فرار جماعي للمساجين، لكن سرعان ما تم دحضها لما بدأت عائلات الضحايا تتدفق إلى مكان الحادث، لتؤكد أن الأمر يتعلق بحراس السجن.
حاول رجال الدرك الوطني إبعاد بعض المواطنين الفضوليين من جانب السجن، لكن حساسية الوضع وحالة الغضب والاستنكار التي نالت من أفراد بعض العائلات من العمال والمسجونين دفعتهم إلى التراجع، خاصة أن لا أحد من أفراد العائلات الحاضرة يدرك الحقيقة، فالكل يعتقد أن ابنهم ضمن المتوفين والبعض الآخر يصرّ على السرعة في نشر القائمة، وهو ما تجنبه أعوان السجن الذين حملوا كل شيء على ظهر النائب العام الذي لم يتعرف عليه أحد في عين المكان. والي بجاية، أحمد معبد، هرع إلى موقع الحادثة لمعاينة الوضع قبل أن يتلقى اتصالا عاجلا مطالبا إياه بالتوجه بالسرعة القصوى إلى مطار الصومام عبان رمضان، حيث أبلغ بقدوم وفد وزاري بأمر من رئيس الجمهورية.

ما الذي حدث بالضبط؟

في انتظار نتائج التحقيق الذي فتحته الضبطية القضائية، الرواية المتداولة محليا والمستقاة تفاصيلها من داخل السجن وكما تم تقديمها لوزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود، أن الجهة المختصة في إدارة المؤسسة أمرت بتنظيف محطة الصرف الصحي بعد أن بدأت تفيض مياهها إلى السطح وتعبر أسوار السجن إلى المحيط الخارجي، وتم تكليف السجين الضحية المدعو "ب. محمد أمين"، المولود بتيجلابين في بولاية بومرداس، الذي تفصله خمسة أشهر عن مغادرة السجن الذي مكث فيه تسع سنوات، بالدخول إلى الحفرة والبد في العمل، وبعد أن أكثر من ساعة لم يظهر عنه أي خبر.. الحارس الذي رافقه انتابه الشك واستأذن زميلا له للدخول والبحث عن السجين، لكنه هو أيضا لم يردّ، فتقدم اثنان من الحراس ودخلا بدورهما ولم يخرجا، ثم تقدم اثنان آخران وتكرر المشهد إلى أن بلغ عددهم سبعة من الحراس، ليتقرر توقيف عملية البحث ليتم الاستنجاد بالحماية المدنية.
عقارب الساعة تشير إلى العاشرة وثمانية عشرة دقيقة لما وصل أول فريق للحماية المدنية إلى عين المكان، حيث وبمجرد أن حاول أحد الضباط التابع للحماية المدنية الاقتراب من الحفرة التي دخل منها الحراس تعرض للاختناق، ما دفع زملاءه لنقله إلى المستشفى في حالة حرجة، وكان لا بد من حضور فرقة الغطاسين المختصة في مثل هذه الظروف والتي ما إن وصلت حتى شرعت في استخراج الجثث واحدة تلو الأخرى في مشهد مروع جدا.
مدير الحماية المدنية لما سألناه عن سبب الاختناق، قال إن جميع الضحايا استنشقوا غازات سامة عبارة عن كبريتات الهيدروجين الخطيرة جدا، التي تؤدي إلى الموت السريع وتتولد من تعفن المياه المستعملة والتي لا تمنح أي فرصة لمن يستنشقها للنجاة منها.

رئيس الجمهورية يعزي عائلات الضحايا

في الساعة الثالثة والنصف عصرا، لما وصل الوفد الوزاري الذي ضم ثلاثة من أعضاء الحكومة يتقدمهم وزير العدل بلقاسم زغماتي، وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود ووزير الموارد المائية كمال ميهوبي، توجه مباشرة إلى الحفرة التي غرق فيها المسجون والأعوان السبعة.
وقال زغماتي في تصريح له إن الحادث مؤلم جدا وأنه حضر إلى بجاية حاملا معه تعازي رئيس الجمهورية لعائلات الضحايا ورسائل المواساة من أعضاء الحكومة، وأمر في الحين الضبطية القضائية بفتح تحقيق معمق وجدي حول ظروف وقوع الحادث المروع وتحديد المسؤوليات وقال إن النتائج ستعرض قريبا على الرأي العام. الخطاب التضامني نفسه عبر عنه وزير الداخلية الذي قال إن "ما حلّ هو قضاء وقدر".

غياب الاتصال.. فتح باب الإشاعة

خلافا لما كان منتظرا، ورغم الهول الكبير والضجة العارمة التي رافقت الكارثة لم يكلف أي مسؤول ببجاية نفسه عناء تنظيم ندوة صحفية، عكس ما يحدث في كثير من ولايات الوطن وآخرها بيان محكمة عزازڤة، لكشف تفاصيل ما حدث، وهو الصمت الذي ألهب مواقع التواصل الاجتماعي، حيث الكثير منها تحدث عن محاولة فرار جماعية فاشلة وأخرى تعكس الرقم المعلن في عدد الضحايا، ولحسن الحظ تبينت بعض الحقائق بعد الكشف عن قائمة الضحايا من ولاية جيجل وليس بجاية، حيث تبين أن أغلبية المتوفين من أعوان الأمن، رحمهم الله جميعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.