يكمل نادي مولودية الجزائر غدا السبت عقده العاشر وقرنه الأول ليحتفل "عميد" الأندية الجزائرية لكرة القدم بمئوية تأسيسه، في وضعية معقدة بما أن الفريق العاصمي يتجه لإنهاء موسم 2020-2021 يوضع في طي النسيان، بسبب نتائجه المتذبذبة. ففي وقت كان أنصار أعرق نادي جزائري يمنون النفس الاحتفال بمئوية التأسيس بأجمل الطرق وأفخم التتويجات، اصطدموا بمرارة بالموسم الأبيض الذي خيب آمالهم وأفشل مخططاتهم الاحتفالية. وتمتعت المولودية بمكانة مرموقة بفضل تاريخها النضالي وشعبيتها على مستوى القطر الوطني، لتشكل قاطرة حقيقية لكرة القدم والأندية المحلية، عكس الزمن الراهن، سيما هذا الموسم الذي شهد تضييع التشكيلة العاصمية لكامل أهدافها لتخرج بعام صفري على طول الخط. فلم ينجح أشبال المدرب نبيل نغيز بالتتويج بلقب البطولة ولا برابطة أبطال إفريقيا ولا حتى بكأس الرابطة (أعيد اطلاقها هذا العام تعويضا لكأس الجزائر الملغاة)، ليخفق الجيل الحالي في مواصلة تشريف إرث ثقيل تركه الجيل الذهبي الذي كتب تاريخ مولودية الجزائر بأحرف من ذهب، خاصة عام 1976 الذي سجل علامة فارقة بتسيد المولودية للكرة الوطنية والقارية بفضل التتويج بالثلاثية، بطولة، كأس الجزائر وكأس إفريقيا للأندية البطلة. الفترة الذهبية تأسست المولودية الشعبية الجزائرية من طرف المرحوم عبد الرحمان عوف المدعو "بابا حمود" بأزقة القصبة العتيقة، في سياق سياسي-ثوري دعما للقضية الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، عبر توظيف اللعبة الأكثر شعبية عالميا وكذا بقية الرياضات. وانتظر الفريق إلى غاية موسم 1935-1936 للصعود إلى القسم الأول. لتشهد سنوات السبعينيات سيطرة المولودية على كرة القدم الوطنية ثم الإفريقية، بفضل أرمادة من اللاعبين الموهوبين، يتقدمهم الثنائي عمر بتروني و زبير باشي. وتعد سنوات عقد 1970-1980 الفترة الذهبية لمولودية الجزائر عقب الاستقلال، لثرائها بالألقاب والتتويجات. وطال صبر النادي لنصف قرن من أجل تحقيق أول لقب كبير وهو كأس الجزائر عام 1971، بقيادة المدرب علي بن فضة، على حساب الجار اتحاد الجزائر (2-0)، الاختصاصي في منافسة الكأس باعتبار خوضه لثالث نهائي تباعا تلك السنة. وفتح الفوز بهذا اللقب الأبواب للمولودية العاصمية من أجل المشاركة للمرة الأولى في الكأس المغاربية للأندية الفائزة بالكؤوس، التي احتضنها الملعب البلدي بالعناصر (20-أوت-1955 حاليا) بالجزائر العاصمة. وعقب عام واحد تمكنت مولودية الجزائر من انتزاع أول لقب بطولة وطنية في رصيدها، ليكون فاتحة لديناميكية حصد الألقاب، بما أن أصحاب الزي الأحمر والأخضر فازوا بكأس الجزائر 1973 ضد "الغريم" التقليدي كذلك اتحاد الجزائر (4-2 بعد الوقت الإضافي). وشهدت سنة 1976 ذروة أمجاد مولودية الجزائر، حينما نجح أشبال المدرب التاريخي عبد الحميد زوبا في اكتساح كل من وقف في طريقهم. فبعد خسارة الفريق في نهائي الكأس المغاربية، تدارك رفاق المدافع عبد الوهاب زنير بأفضل طريقة، بنيل ثلاثية تاريخية لم يتمكن لحد الآن أي ناد جزائري من تكرارها (بطولة-كأس الجزائر-كأس إفريقيا)، بفضل تشكيلة ثرية يقودها هجوم "ناري" متشكل من بتروني، باشي، بوسري وبن شيخ. ليتابع شبان المولودية كتابة أمجاد فريقهم، ففي العام الموالي أضحى "العميد" أول فريق جزائري يضع أقدامه فوق أرضية ميدان ملعب "سانتياغو بيرنابيو" الشهير، إثر دعوة من ريال مدريد، للمشاركة في دورة ودية احتفالا بمرور 75 سنة على تأسيس النادي الإسباني العملاق. ففي 21 مارس 1977, انهزم رفاق علي بن شيخ أمام فريق الريال القوي والمتكون من ديل بوسكي، برايتنير، كاماتشو و غيرهم (1-2)، لكنها خسارة بشرف، جراء تقديم أداء فني راقي للغاية جلب احترام و اعتراف بقية الفرق الحاضرة. وواصلت المولودية سيطرتها على المستوى المحلي بنيلها لقبي بطولة آخرين على التوالي (1978 و1979)، مختتمة عقدا كاملا من الانتصارات شكل إرثا ثقيلا للأجيال المتعاقبة على حمل قميص "العميد" ونموذجا ناجحا في مجال الإنجازات الرياضية. السنوات العجاف وفي الوقت الذي كان ينتظر منها الحفاظ على ديناميكيتها والطموح لتحقيق نتائج أحسن، مرت المولودية بسنوات عجاف طويلة، أثرت كثيرا على نتائج الفريق، وهو ما أثار استياء كبيرا لدى الأنصار. خلال العشرية الممتدة من 1980 إلى 1990, لم تحقق المولودية سوى لقبا وطنيا واحدا ويتعلق الأمر بكأس الجزائر سنة 1983 بعد الفوز في النهائي على جمعية وهران (4-3 بعد الوقت الاضافي)، ثم مركز ثاني كنائب للبطل خلال الموسم الكروي 1988- 1989. وعجز الفريق في تكرار ما حققه زملاء بتروني، باشي وباشطا، بل تراجع بشكل رهيب، سيما موسم 1984-1985 الذي كان بمثابة كابوس حقيقي عندما سقط إلى القسم الثاني. وبعد عودة سريعة إلى حظيرة النخبة، لم يستوعب النادي العاصمي الدروس وكاد يعود من حيث أتى، لولا الفوز الصعب المحقق على وفاق سطيف (1-0) بملعب "عمر حمادي" ببولوغين في آخر جولة، والذي منحه ورقة البقاء في بطولة الكبار. وانتظر عشاق "العميد" قرابة عشرين سنة لمشاهدة فريقهم يعود إلى القمة من جديد، عندما توج بلقبه السادس في البطولة الوطنية وكان ذلك في 1999 بالفوز في النهائي على شبيبة القبائل (1-0)، بملعب الشهيد "أحمد زبانة" بوهران. وبقيادة المدرب المحنك، المرحوم عبد الحميد كرمالي، سيطر زملاء عامر بن علي على مجريات البطولة، مما سمح لهم بالعودة إلى الساحة القارية، إلا أن مشاركتهم فيها سرعان ما توقفت على يد جان دارك السينغالي (1-1 ذهابا، 1-5 إيابا) وذلك في الدور الأول من المنافسة. نفس السيناريو تكرر مجددا وعادت المولودية إلى نقطة الصفر، عندما نجت من السقوط في الوهلة الأولى، لكنها لم تفلت من هذا المصير خلال موسم 2001-2002 لتنزل إلى القسم الثاني، غير أنها عادت سريعا إلى القسم الأعلى بقيادة الراحل نور الدين سعدي، المتوفي مؤخرا إثر معاناته من مضاعفات فيروس كورونا. وعلى الرغم من حالة عدم الاستقرار على الصعيدين الإداري والفني، إلا أن النادي الأخضر والأحمر تمكن من تحقيق الألقاب في النصف الثاني من العشرية الأولى لسنوات 2000، بافتكاكه لكأس الجزائر مرتين متتاليتين (2006 و2007)، فضلا عن لقب وطني سابع وأخير في 2010 وعرف الفريق عودة مجمع سوناطراك في 2013، إلا أن المولودية لم تحز سوى على كأس الجزائر في 2014 و2016، رغم الإمكانات الضخمة التي وفرها المساهم الرئيسي. ومنذ هذا التاريخ، بقيت النتائج بعيدة عن طموحات "الشناوة" الذين باتوا يطالبون بإحداث "ثورة" حقيقية في النادي تسمح للتشكيلة بتسجيل انطلاقة جديدة على أسس متينة. كما قرر الأنصار عدم الاحتفال ب "المئوية" بسبب تزامنها مع الوضع الصحي الصعب على خلفية تفشي فيروس كورونا، مفضلين جمع التبرعات لاقتناء قارورات الأوكسجين لفائدة المصابين بالفيروس، وذلك تحت شعار "ماكاش فيميجان..كاين أوكسجين".