أدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتعافي غير المتكافئ من جائحة الفيروس التاجي، والجفاف في معظم أنحاء أوروبا القارية مجتمعة إلى خلق أزمة طاقة حادة، وتضخم مرتفع، واضطراب في الإمدادات، وعدم يقين هائل بشأن مستقبل الاقتصاد الأوروبي، مما دفع الحكومات لاتخاذ خطوات سريعة في محاولة لمساعدة الفئات الأكثر ضعفًا. وأشارت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية إلى أن الغاز هو الوقود الهامشي في معظم أسواق الكهرباء الأوروبية، وبالتالي فهو يحدد سعر الطاقة على نطاق أوسع، وستبدو الأمور أكثر قتامة إلى حد كبير في غضون بضعة أشهر لثلاثة أسباب. وقال مايكل هوثر، من المعهد الاقتصادي الألماني "جزء من السبب هو أن الشركات لا تزال تعمل على التخلص من الطلبات المتراكمة في الماضي". ومع ذلك، فإن هذا التراكم لن يستمر إلى الأبد، وبعض المؤشرات التطلعية الهامة قاتمة. وقال روبن بروكس من معهد التمويل الدولي، الذي يمثل البنوك والشركات مؤسسات الاستثمار" لا شك أن هذا التراجع يعكس ضعف الاقتصاد العالمي وخاصة الاقتصاد الصيني". وتشير الدراسات الاستقصائية الأخيرة لرؤساء الصناعات في ألمانيا والنمسا إلى الانكماش، حيث يخاطر اعتماد ألمانيا غير الصحي على المشترين الصينيين بخفض الطلب على السلع عبر سلسلة التوريد. و جاء في المجلة" يبدو أن الصناعة الإيطالية في حالة سقوط حر، كما أن بولندا وجمهورية التشيك، اللتان تقعان خارج منطقة الأورو، معرضتان للخطر أيضًا، بينما تعد المجر استثناءً، حيث يتوسع التصنيع بوتيرة صحية، بفضل الاستثمار في البطاريات، وانتعاش السيارات الكهربائية وعقود الطاقة طويلة الأجل رغم أن بعضها سينتهي قريبًا. السبب الثاني للكآبة هو إنفاق المستهلكين على الخدمات، حيث ساهمت السياحة في تعزيز النمو خلال فصل الصيف، مدعومًا بالموسم القوي في فرنسا وجنوب أوروبا، حيث استخدم المصطافون إلى حد كبير مدخراتهم الوبائية. ومع ذلك، فإن المعنويات تتضاءل مع تراجع المستهلكين استعدادًا لشتاء طويل وبارد، لذلك من المرجح أن تتعرض الخدمات للركود في الأشهر المقبلة، حيث تواجه العقارات والنقل صعوبات شديدة بشكل خاص، وفقًا لمؤشر ستاندرد آند بورز العالمي لمديري المشتريات. أما بالنسبة للسبب الثالث والأخير، فإن صدمة الطاقة في أوروبا سوف تتزامن بشكل شبه مؤكد مع ارتفاع أسعار الفائدة، وقد أعلن البنك المركزي الأوروبي عن نيته إعادة التضخم السنوي إلى هدفه البالغ 2٪، من النسبة المقلقة البالغة 9.1٪ المسجلة في أوت، بعد التقليل من الزيادات في أسعار الفائدة التي يقدمها هو والبنوك المركزية الأخرى في العالم. ويتوقع الاقتصاديون أن يحاول البنك المركزي الأوروبي تعزيز أوراق اعتماده لمكافحة التضخم برفع سعر الفائدة بشكل كبير في اجتماع السياسة في 8 سبتمبر، وربما يرفع المعدلات بنسبة 75.0٪. ومن المتوقع ارتفاع عوائد السندات الأوروبية قصيرة وطويلة الأجل في أوت الماضي. ومع ذلك، استمر في الانخفاض ووصل إلى التكافؤ للمرة الأولى منذ عقدين، مما يعكس التوقعات المتدهورة لاقتصاد أوروبا وقرار المستثمرين العالميين بالانتقال إلى مكان آخر استجابة لذلك. وكل هذا يشير إلى أن الاقتصاد الأوروبي سيدخل بالتأكيد في حالة ركود، بقيادة ألمانيا وإيطاليا وأوروبا الوسطى والشرقية.