أعلنت أحزاب سياسية في تونس عن قرار استباقي بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في 17 ديسمبر القادم، بسبب تمسك الرئيس قيس سعيد بما تعتبره" مسارات انفرادية"، فيما تطالب قوى سياسية أخرى باشراكها في صياغة قانون الانتخابات الجديد، وهو ما يمكن أن يعيد المواجهة السياسية بين قصر قرطاج والقوى المعارضة للرئيس قيس سعيد الى الواجهة بعد فترة هدوء نسبي منذ الاستفتاء على الدستور الذي جرى في 25 جويلية الماضي، وسط مخاوف جدية من تحركات احتجاجية حادة بسبب تصاعد الغلاء والأزمة الاجتماعية. وفي السياق يلاحق الرئيس قيس سعيد الزمن لاصدار قانون الانتخابات الجديد، وأطلق مشاورات سياسية جديدة مع قادة أحزاب سياسية، حيث التقى الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، لمناقشة الاستحقاق الانتخابي القادم وشروط نجاحه، كخطوة تنهي الوضع الإستثنائي القائم منذ 25 جويلية 2021 ، كما التقى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، لمناقسة استعدادات الهيئة لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب، وأعلن أنه سيتم وضع مشروع نص جديد يأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والمقترحات التي قدمها داعموا المسار الإصلاحي، حيث يتوجب على الرئيس اصدار القانون الانتخابي الجديد وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية قبل تاريخ 18 سبتبمر الجاري، وكذا من أجل تمكين الهيئة من الشروع في تسجيل الناخبين. لكن أحزابا سياسية وزانة في تونس استبقت الواقع السياسي وأكدت عدم المشاركة في التشريعيات، تكتل جبهة الخلاص الوطني، التي تضم مجموعة أحزاب سياسية وائتلافات مدنية بينها حركة النهضة وحزب أمل، أعلنت عن قرار مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة، وعدم خوضها، ورفض خوضها لاعتبارات سياسية لها علاقة بموقفها من المسار السياسي القائم منذ تجميد عمل مجلس النواب ت 25 جويلية 2021، وقال رئيس التكتل أحمد نجيب الشابي في ندوة صحفية أمس الأربعاء أن "المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة ، لن تكون إلا ديكورا على شاكلة ما كان يحدث زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي"، مشيرا الى أن "هيئة الانتخابات غير المحايدة وهي ساهمت في تزوير إرادة الناخبين خلال تصويتهم في الاستفتاء الأخير". وفي نفس السياق أعلن أمين عام حزب العمّال حمة الهمامي في تصريح صحفي أن تنسيقية الأحزاب الاجتماعية، التي تضم اضافة إلى حزبه، أحزاب التيار الديمقراطي والتكتّل من أجل الجمهورية وحزب القطب والحزب الجمهوري،" تتوجه نحو مقاطعة الانتخابات البرلمانية ومواصلة العمل لإعادة بناء الديمقراطية في تونس على أسّس سليمة بعيدة عن مسار قيس سعيّد وعن الديمقراطية المتعفّنة التي عاشتها تونس طيلة عشر سنوات بعد الثورة"، مشيرا الى موقف مقاطعة الانتخابات المقبلة ينجسم مع رفض هذه الأحزاب لكامل مسار ما بعد 25 جويلية وللاستفتاء وللدستور الجديد، وقال" نعتقد أن انتخابات 17 ديسمبر لن تكون إلاّ مجرد حلقة جديدة وستكون على مقاس رئيس الجمهورية قيس سعيد". وأعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي أن حزبها لن يشارك في أي عملية انتخابية غير ديمقراطية، وقالت لان الرئيس قيس سعيد ينوي إصدار قانون مخالف للمعايير الدولية سيتم بمقتضاه تنظيم الانتخابات التشريعية على مقاسه، ودون أي نقاش سياسي"، خاصة وأنه "يفترض أن يصدر رئيس الجمهورية مرسوم دعوة الناخبين في حد أقصاه السابع سبتمبر (أمس)"، وطالبت موسي المنتظم الدولي بعدم الاعتراف بالانتخابات التشريعية المقبلة وطالب بتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة. ويجري في 17 ديسمبر المقبل، انتخاب مجلس للنواب، ومجلس للأقاليم ، عبارة عن برلمان جهوي يختص بالسياسات الحكومية الموجهة لتنمية المناطق والجهات في تونس، وهو الأول من نوعه، وسط مخاوف من تمدد احتجاجات شعبية والمسيرات الليلية التي تتم في بعض الأحياء الشعبية في العاصمة تونس احتجاجا على الغلاء وندرة عض السلع والمواد الاستهلاكية، وتزايد موجهة الهجرة السرية بشكل غير مسبوق من تونس. لكن أحزابا أخرى تربط الموقف بالمشاركة في الانتخابات من عدمها بمدى مشاركتها في صياغة قانون الانتخابات، على غرار ركة تونس إلى الأمام التي طالبت الرئيس قيس سعيد باعتماد مسار تشاركي في صياغة القانون الإنتخابي بالنظر الى أهمية الانتخابات التّشريعية ، وقال رئيس حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي إن الحركة اذا دعيت إلى صياغة القانون الانتخابي ستواصل المشاركة في الانتخابات، وحذر من إقصاء الأحزاب من أيّ محطة انتخابية قادمة. فيما اقترح الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي، الى ضرورة تنقيّة المناخ الانتخابي قبل الانتخابات، بالإصلاح العميق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، واعتماد نظام الاقتراع على الأفراد على دورتين في القانون الانتخابي الجديد،.