بعد هجمات أكتوبر، كتب إعلام الكيان الصهيوني وقادته عن يحيى السنوار أنه "الداهية الذي خدع إسرائيل"، في الحقيقة لم يخادع السنوار أبدا، وربما كان أكثر قادة حماس وضوحا في وجه العدو، فقد قال قبل عام من هجوم السابع أكتوبر، اذا لم تحل مشاكل قطاع غزة، فسنحرق الأخضر واليابس"، الآن صار السنوار قائدا لحماس، بما يفرض على الاحتلال أن يراجع سيرته ومسيرته. منذ خمس سنوات، كتب زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، ملاحظة على وثيقة كان يعلم أن الوسطاء المصريين سيسلمونها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كتب السنوار على الوثيقة تلك باللغة العبرية التي تعلمها وأجادها خلال فترة اعتقاله عشرين عاما في السجون الصهيونية، وفقًا لما ذكره مستشار الأمن القومي السابق مئير بن شبات، "خذ مخاطرة محسوبة بشأن وقف إطلاق النار"، ما يعني أن حماس تقترح فترة هدوء طويلة الأمد. كانت تلك العبارة تدل على رغبة جامحة للقيادي في حماس للانحياز إلى فترة هدوء طويلة، وكان قبل ذلك بفترة قصيرة قد قال زعيم حماس في غزة، شيئًا مشابهًا في مقابلة مع صحيفة إيطالية، "لا أريد الحرب بعد الآن، أريد وقف إطلاق النار"، وعندما سأله الصحافي الإيطالي "ما هو طموحك للقطاع الفلسطيني الساحلي الفقير؟"، رد السنوار بلغة تحيل إلى الرغبة في السلام "يمكن أن يكون القطاع مثل سنغافورة أو دبي". كان السنوار يخطط ببطء لخداع الصهاينة بجعلهم يعتقدون أن حماس تخلت عن التسليح، ولفترة من الزمن عمل السنوار وحماس على تضليل إسرائيل، وكان من بين مظاهر الخداع السعي لدى السلطة الفلسطينية للحصول على أكثر من 17 ألف تصاريح عمل إسرائيلية للعمال من غزة، بعد الهجوم الكبير، يعتقد المسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية، ان " بعض هؤلاء العمال هم من ساعدوا على رسم خرائط المستوطنات والكيبوتسات التي تمت مهاجمتها. بعد هجوم السابع أكتوبر الماضي، فهم الاسرائيليون أن السنوار كان يدبر الحرب بخلاف ما يقوله، وانه تمكن في سياق هذا اللعبة من خداع الإسرائيليين، ولذلك لم تجد المؤسسة الرسمية في إسرائيل والتعليقات الشخصيات الأمنية والعسكرية، من الاعتراف بأن القيادة الإسرائيلية، وقعت في ما وصف " بفخ الشعور بالرضا كان قد تسرب إلى المسؤولين الاسرائيلين حول حماس في السنوات الأخيرة، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى خفض مراقبته للسياج الحدودي مع غزة، والاعتماد على أجهزة الاستشعار الإلكترونية ونقل القوات من المنطقة لحراسة المستوطنات في الضفة الغربية، اذ كان الشعور السائد هو أن حماس قد تم ردعها، وأن التحديات الحقيقية تكمن في مكان آخر. دفع ذلك ، الرئيس السابق لأبحاث الفلسطينيين في قسم المخابرات العسكرية ميخائيل ميلشتاين إلى القول أن "فهم السنوار الوعي الإسرائيلي جيدًا، لقد أراد أن يجعل إسرائيل تعتقد أن حماس كانت تركز على الاستقرار في غزة، وتعزيز الشؤون المدنية، لقد زرع هذه الفكرة الخاطئة في أذهان الإسرائيليين." فيما كتب المحلل الإسرائيلي تشين آرتزي سرور في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن " أغلب المحللين العسكريين، وقعوا في خداع حماس، بدليل أنهم دافعو على فكرة التركيز أكثر على إيران وسوريا، باعتبار أن العمل على القضايا الفلسطينية لم يعتبر ذا أهمية وجودية" لم يعد لدى إسرائيل شك ولا لدى حلفائها أن يحىى السنوار، هذا الذي قضى 22 عامًا خلف القضبان، هو العقل المدبر للهجوم الكبير الذي نفذته المقاومة في السابع أكتوبر الماضي، لكن ذلك أحيى لدى الإسرائيليين نقاشا طويلا حول الكيفية التي قبل بها قادة الكيان الإفراج عن السنوار، فقد كانت كل تقديراتهم خاطئة بشأن تغير السنوار في السجن وإمكانية عدم عودته إلى النشاط في حماس وفي صفها القيادي الأول ، خاصة وأنه خرج من السجن في وضعية صحية لم تكن مناسبة، حيث عانى السنوار في السجن، من ورم وعدم الرؤية، ونقل إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع حيث أجريت له عملية جراحية لإزالة ورم دماغي، لاحقا قالت رئيسة مخابرات نظام السجون خلال فترة اعتقال السنوار ، بيتي لاحات، انها حاولت استخدام هذه العملية الجراحية لاستمالته "قلت له "دولة إسرائيل أنقذت حياتك، واعتقدت أنه يمكنني تحويله إلى أحد أفرادنا"، لكنها أكدت أن السنوار ظل يتحدث اليوم الذي سيتم فيه إطلاق سراحه، وعندما قلت له إنك لن تخرج أبدًا، قال "إن هناك تاريخًا الله يعرفه"، وكان ذلك فعلا، في 17 أكتوبر 2011 ، أطلقت إسرائيل سراح يحيى السنوار ضمن أكثر من ألف سجين فلسطيني في صفقة التبادل ومقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. بات واضحا لدى الاسرائيليين أن بعض المخاوف من عودة السنوار إلى النشاط في حماس كانت مشروعة من جهة، ولكنها تؤكد أيضا أن هناك إخفاق كبير لدى الأجهزة الإسرائيلية في التقدير الصحيح للأشياء وطبيعة العلاقة بين القيادات والتنظيمات الحركية، خاصة وأن قادة إسرائيل لم يعترضوا على وجود السنوار في قائمة المفرج عنهم عام 2011، كان بمبرر أن سبب سجنه لا يرتبط بتنفيذه عملية ضد إسرائيل، بل كان مرتبطا بتوليه مهمة القضاء على المتعاونين الفلسطينيين مع إسرائيل، حيث قتل أربعة مخبرين وعملاء، حيث حكمت عليه السلطات العسكرية الإسرائيلية التي كانت لا تزال تعمل داخل غزة، بالسجن مدى الحياة في عام 1989. ولذلك يعتبر الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الصهيوني ميلشتاين انه كان هناك سوء تقدير كبير، قائلا " كان هناك حديث وجدل حول ما إذا كان السنوار ليس تهديدًا، وأنه لا يريد العودة إلى النشاط وانه لم يعد شابًا كما كان ، وأنه نسي بسبب فترة السجن الطويلة كيفية التخطيط لهجوم ، حاولت أن أخبرهم أنهم مخطئون، لأن حماس بالنسبة للسنوار هي كل حياته، والدليل انه لم يستغرق بعد خروجه من السجن سوى أسبوع واحد فقط للعودة إلى اتصالاته وأنشطته، واليوم حماس في غزة هي السنوار". نسي الاسرائيليون في لحظة سهو قاتلة، أن السنوار، ابن حي فقير في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، هو رجل حرب بالدرجة الأولى، فقد ساعد في تأسيس الجناح العسكري لحماس في أواخر الثمانينات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وبخلاف ما يعتقد الإسرائيليون، فان فترة السجن ساعدت السنوار أكثر على فهم الإسرائيلي وتقدير نقاط الضعف لدى المجتمع الأمني والعسكري في الكيان، ومن ذلك ان السنوار اكتسب وسيلة مهمة لذلك، وهي تعلم اللغة العبرية ، حيث كان يقرأ بانتظام الصحف إلى جانب سير ذاتية لشخصيات إسرائيلية رئيسية، بعد أقل من ست سنوات عاد السنوار إلى قيادة حماس عام 2017 عندما انتخب قائدا لحماس في غزة خلفا ا لإسماعيل هنية، لم تفهم إسرائيل تصريح السنوار في الجامعة الإسلامية في غزة ذات عام، انه إذا لم تحل مشاكل قطاع غزة سنحرق الأخضر واليابس، وهذا الذي كان، فقد أحرق السنوار والمقاومة أخضر إسرائيل وأضرم النار في يابسها.