أبدى الرئيس عبد المجيد تبون، مجددا، في خلال آخر اجتماع مجلس الوزراء، امتعاضا من التراخي المسجل في بعض القطاعات، وأمر، فيما أمر، بمراجعة جذرية لتنظيم تسويق المنتوج الوطني إلى المواطن والتحلي باليقظة أمام كل ما من شأنه خلق الندرة، وذلك قبيل تغيير حكومي مرتقب كان قد أجّل بسبب عرض قانون المالية. جاء في بيان مجلس الوزراء، أن الرئيس تبون، وبعد الاستماع لعرض مشترك لوزراء التجارة والصناعة والفلاحة يتعلق باليقظة حول الندرة، "أمر الحكومة بمراجعة جذرية لتنظيم تسويق المنتوج الوطني إلى المواطن، من خلال سنّ قانون يتم فيه استعمال نظام تسقيف الأسعار بمراسيم عندما يتعلق الأمر بأسعار غير معقولة للمنتوجات في موسمها". وسجل تبون تراخيا في عزيمة العمل لدى البعض، ما استدعى لفت نظر أعضاء الحكومة، آمرا إياهم باستفاقة وانتباه والقيام بتحديد المسؤوليات، وذلك وفاء للمهام الموكلة إزاء المواطن الذي ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكل موظف عمومي، كما أمر الحكومة بتوخي أعلى درجات الحذر وتكثيف الرقابة ورفعها إلى مستوياتها العليا بوضع المنتجات الغذائية والفلاحية والأدوية أولوية الأولويات. يؤشر امتعاض الرئيس تبون من أداء بعض القطاعات الوزارية ذات الصلة بيوميات المواطنين وانشغالاتهم، على ملامح التغييرات التي يعتزم إدخالها على حكومة الوزير الأول نذير العرباوي. وجدير بالذكر أن الحكومة قامت قبيل الانتخابات الرئاسية في السابع من سبتمبر الماضي، قد شكلت لجانا لليقظة التجارية، قد كانت أنشئت خلال الأشهر الماضية، مهمتها العمل على تنسيق الجهود في مجال الرصد والمتابعة لحركة الأسواق الدولية وبورصات المواد الاستهلاكية الأساسية والتحوط بشأن أي اتجاه يؤثر سلبا على التموينات والمخزونات الوطنية، خاصة خلال الفترات التي ترتفع فيه مؤشرات الطلب والاستهلاك، مثل شهر رمضان والمناسبات والأعياد الوطنية والدينية. وانطلاقا من محتوى بيان اجتماع مجلس الوزراء، من المرتقب أن يجري الرئيس تبون تغييرات في الحكومة، مثلما أعلن ذلك في آخر لقاء إعلامي مع الصحافة الوطنية، وقوله إنه ينوي القيام بالتغيير الحكومي بعد الانتهاء من مناقشات مشروع قانون المالية 2025 في البرلمان، متوقعا أن يتم ذلك شهر نوفمبر المقبل. ومنذ وصوله إلى قصر المرادية في أواخر سنة 2019، اعتاد رئيس الجمهورية إجراء تعديلات وتغييرات حكومية كلما تأكد من وجود تقاعس أو اختلالات في الأداء الوزاري، وعدم تنفيذ التوجيهات الرئاسية بالشكل المطلوب أو عند تسجيل أي تراخ في التعامل مع الملفات المتعلقة بالحياة اليومية للمواطن. ففي ديسمبر الماضي، استغنى الرئيس تبون عن خدمات أيمن بن عبد الرحمان، في الوزارة الأولى، واستبدله بمدير ديوانه السابق، نذير العرباوي، وذلك بعد مرور أسابيع على إسداء الرئيس تبون أوامر خلال اجتماعات مجلس الوزراء بإحصاء ومتابعة وتقييم كل القرارات المتخذة وحصر ما لم يتم تطبيقه منها، تعبيرا عن عدم رضاه على طريقة تعامل بعض القطاعات الوزارية مع مخرجات مجالس الوزراء. كما أمر بتحديد أجل أقصاه شهر واحد للجان مراقبة تنفيذ هذه القرارات، على أن تكون الاستعجالية منها على رأس الأولويات. وقبل ذلك، أجرى رئيس الجمهورية في مارس 2023 تعديلا حكوميا طال 11 وزارة من أصل 30، أهمها الخارجية والمالية والتجارة، وكان التعديل الحكومي متوقعا وقتها بعدما أبدى الرئيس امتعاضه من أداء الحكومة، مع نشر وكالة الأنباء الجزائرية برقية أعلن فيها رئيس الجمهورية عدم رضاه عن عدد من القطاعات وحالة التقاعس وعدم تنفيذ التعليمات التي جعلته يقدّم قراءات بأن إصلاحاته تتعرض إلى عراقيل ومقاومة من الأجهزة البيروقراطية وخاصة القطاعات الوزارية. ويشار إلى أن الرئيس تبون أكد عام 2021 عقب إقالة عدد من الوزراء، على أن الخطوة جاءت بسبب ضعف النتائج المحققة وليس على حساب أشخاص. وصرح آنذاك "أنا لم أطلب يوما الولاء لي، إنما للوطن والشعب، كما أن القرارات التي كانت تصدر لم تطبّق في الميدان". وأضاف أنه خلال الاجتماعات الوزارية التي أجراها مع الحكومة كانت تتخذ قرارات مهمة تفرح الشعب، لكن للأسف لم تطبق في الواقع. ويتجه تبون لإحداث تغيير حكومي يشمل وزراء فشلوا في أداء مهامهم أو لم يلتزموا بتعليماته، كما يعتزم إعطاء ديناميكية جديدة للحكومة، وذلك بمجرد المصادقة على قانون المالية لضمان انطلاقة جديدة، مبديا سعيه لإشراك أكبر وأحسن الكفاءات الوطنية في الحكومة المرتقبة. وأكد رئيس الجمهورية، في وقت سابق، أنه سيحتفظ ببعض الأسماء من حكومته الحالية، خاصة من أثبتت اجتهادها وعملها. ولفت أنه لا يمانع أن تتولى كفاءات حزبية حقائب في الحكومة المنتظرة. ورغم احتمال تنوع تشكيلة الحكومة القادمة، إلا أن التحديات في مختلف القطاعات، ليس من السهل مجاراتها دون طاقم متكامل الانسجام.