كم كانت صراحة ابن مولودية العاصمة عبد القادر ظريف مهمة لتوضيح الرؤى للرأي العام عما يقع في كرة القدم الجزائرية، حيث لخص أزمة الكرة في حواره الذي نشر أمس على صفحات الزميلة "الخبر" في السلطة السياسية ، مشيرا بأن الرئيس الحالي للاتحادية "هو مرشح السلطة سنة 2001 لكنه لا يملك سلطة القرار بمعنى أنه يحكم بالهف". كلام ظريف فيه كثير من الصحة فيما يخص واقع الكرة الجزائرية و"السيستام" الذي يتحكم في دواليب السلطة الرياضية ، ولعل حركة العصيان التي قادها غريب في نهائي الكأس كشفت المستور، في غياب الرجل الأول في "السيستام" السياسي ونعني به الرئيس بوتفليقة ، فلا ننسى بأن روراوة تولى رئاسة الفاف سنتين بعد مجيء بوتفليقة للحكم مباشرة بعد نهاية مهمته في تسيير سنة الجزائر بفرنسا . وسبق أن تحدثنا في هذا المقام قبل شهور عديدة عن "السيستام" المتعفن الذي يتحكم في الكرة الجزائرية، وها هو عبد القادر ظريف يذهب في نفس الطرح الذي كشفنا عنه ، لأن أمثال غريب لم يأتوا من العدم، بل صنعوا في دواليب هذا "السيستام" بغرض التحكم في كل الأندية الكروية وليس في المولودية فقط. ومخطئ من يظن بأن "السيستام" الرياضي لا علاقة له بنظيره السياسي، بل بالعكس هذا الأخير هو الذي ولد الأول، فكم من وال وكم من وزير وجنرال وسفير ومستشار في الرئاسة يتدخل في كرة القدم؟ منهم من طلب وضع فريق بلدته في بوتقة المحترفين ومنهم من ضغط لتسريح مساعدات مالية لجمعيته المحبوبة وهناك من هتف كي تقلص عقوبة رياضية عن ناديه، ولم يتردد هؤلاء "الساسة" أو أصحاب "الحكم" في الاتصال بالهاتف الرسمي لمؤسسات الدولة لوضع حكام على المقاس يديرون مباريات نواديهم المفضّلة والقصة طويلة بطول استقلال الجزائر. وللأسف فإن "السيستام" الرياضي الذي يطعن فيه ظريف حاليا والذي يقوده روراوة منذ أكثر من 12 سنة، جاء بعد "سيستام" مماثل عبث فيه رؤساء سابقون للاتحادية على مدار عشريات من الزمن، ووزعت حينها ألقاب وبطولات بالهاتف خوفا من انتفاضة شعبية في الشارع الفلاني أو في المدينة العلانية ، وغيّرت فيه أنماط وأنظمة للبطولة الوطنية لإنقاذ نواد من السقوط ومنحت الفرصة لفرق أخرى بالصعود . ولأن الرياضة في الجزائر أخطر من السياسة، فإن سيستام روراوة ومعريف الذي يندد به الكثير من ذلك عبد القادر ظريف سيولد في المستقبل القريب "سيستام" آخر بوجه مغاير ما دام السياسيون وأصحاب الربط في هذا البلد هم الذين يتدخلون في شؤون الكرة ، فالذي وضع "سيستام" روراوة قد يتخلى عن هذا الأخير ويجلب بديلا عنه لا محالة، ومن هنا تبقى الكرة الجزائرية تعيش في نفس دواليب الحكم السياسي، وسنعيش نفس السيناريوهات لأن كرة القدم في الجزائر ولدت من رحم السياسة.