لم يكن من السهل علينا إقناع لاعب وسط ميدان شباب بلوزداد السابق محمد طاليس، بإجراء هذا الحوار معه، كونه يريد البقاء بعيدا في الظل، حتى وإن كان لا يزال يمارس النشاط الرياضي، بالاهتمام بتكوين الأطفال، وبعد إلحاح منا، أجاب هذا الوجه الخلوق عن أسئلتنا، بعدما أخبرناه بأن محبّيه من الجيل السابق يبحثون عن أخباره، ويشتقون إليه أيضا. في البداية كيف هي أحوالك، وما هو نشاطك حاليّا؟ الحمد للمولى أحوالي على ما يرام، وأنا حاليا أعمل كمدرّب رياضي، على مستوى وداد الأبيار وهي جمعية رياضية، تُعنى بالأطفال ما بين 12 و14 سنة، إذ سيشاركون في دورة كروية نهاية شهر جوان الحالي بتونس. وكيف كان نشاطك منذ توقفك عن ممارسة كرة القدم؟ لا يخفى عنكم أن آخر موسم لي مع شباب بلوزداد كان في 2003 /2004، بعدها حملت ألوان رائد القبة مدة عام ونصف، ثم توقفت عن ممارسة اللعبة، وفضلت دخول مجال التدريب، ما جعلني أخوض تكوينا في هذا المجال عام 2006. وعلى أيّ فريق أشرفت عند حصولك على الشّهادة؟ أشرفت على تدريب فريق نجم بودواو خلال موسمين، كما شغلت منصب مدرب مساعد في شباب بلوزداد عام 2009، إلى جانب ذلك اشتغلت مع بختي وحرب على مستوى جمعية رياضية ب»تليملي»، بالعاصمة لكنها حلّت فيما بعد، وأنا حاليا في جمعية وداد الأبيار مثلما ذكرته سابقا. وكيف تقيّم تجربتك في مجال التدريب؟ لقد كانت في غاية الصعوبة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأندية التي تنشط في الأقسام السفلى، حيث يطالبك الجميع بالنتائج في غياب الإمكانيات، ولا ينتظرونك كثيرا، ولا يمنحونك الوقت الكافي للقيام بما تريد القيام به، خاصة إذا كان هناك مدرب قبلك وقام بعمل جيّد. وما هي طموحاتك في هذا المجال؟ لحدّ الآن لم أتلق أي عرض مهمّ، فضلا عن هذا ليس لدي أي طموحات في هذا المجال، لأن هدفي واضح. ما هو؟ هدفي الأساسي هو إنشاء مركز للتكوين رفقة زميلي وصديقي حرب، لهذا أغتنم الفرصة لأطلب من المهتمين بالفكرة مساعدتنا، لأننا لا نستطيع فعل ذلك بدون إمكانيات، فأنا رفقة حرب نستطيع أن نطوّر مثل هذا المركز من الناحية التقنية، بينما من الجانب المادي نبقى بحاجة إلى المساعدة. لكن أمرا كهذا يبدو مطلبا صعب المنال، بالنظر إلى عدّة معطيات، ما رأيك؟ أكيد، فهناك عدة أشخاص يريدون الاستثمار في هذا المجال، لكن تعترض طريقهم عراقيل كثيرة، أهمها قلة الميادين أو انعدامها، بالإضافة إلى عدم وجود لاعبين نكوّنهم ،لأن أغلب الأولياء يفضلون تسجيل أبنائهم على مستوى أكبر الأندية بناء على طلباتهم، لأن مجرد أخذ هؤلاء الأطفال لصور فوتوغرافية بأقمصة تلك الأندية الكبيرة يعتبر مكسبا بالنسبة لهم. لنعد إليك، كيف تقيّم مشوارك مع شباب بلوزداد؟ حاليا أنا مجبر على القول أنني راض عن المشوار الذي قطعته مع الفريق الذي تألقت فيه، لأنه ليس بإمكاني أن أعود لاعبا وأعوّض ما فاتني، لكنني بالمقابل أقول أنني قضيت أحسن الأوقات مع هذا الفريق، كنا الأحسن تنظيما والنتائج تشهد على ذلك، كما أننا كنا فوجا متماسكا بدليل أننا على اتصال دائم رغم مرور 10 سنوات من توقفنا عن اللعب. وهو السّؤال الذي كنت أودّ طرحه عليك، كيف هي علاقتك بزملائك السّابقين الآن؟ علاقتنا رائعة، إذ ألتقي بزملائي السابقين بصفة منتظمة، هذا فيما يخص هؤلاء المقيمين بالعاصمة وضواحيها، أما القاطنين بعيدا عن العاصمة، فإن المكالمات الهاتفية بيننا لا تنقطع، إلى جانب هذا فنحن نلعب مع بعض في كل مرة مقابلات كروية خارج الولاية، لتلبية رغبة من يوجّه لنا الدعوة لذلك. وهل تشعر من خلال ذلك أن تشكيلة شباب بلوزداد السّابقة لا تزال تحافظ على نفس التماسك والانسجام؟ صحيح أن مستوانا لم يبق نفسه، لأننا لم نعد شبابا مثلما كان عليه الحال من قبل، لكن الانسجام والتنظيم فوق الميدان بقيا على حالهما، يضحك ويضيف «بصّح كلما نلعبوا نربحو». وما رأيك في الوضعيّة الكارثية التي عاشها شباب بلوزداد هذا الموسم؟ من ناحية النتائج، الوضعية لم تكن كارثية، لأن الفريق قطع مشوارا مشرفا من هذا الجانب رغم كل العراقيل، وعليهم استخلاص الدروس لأنه بإمكانهم قطع مشوار أحسن بكثير، خاصة وأن الأندية المتوجة بالألقاب تعتبر أندية بسيطة، زيادة على ذلك فإن شباب بلوزداد يضيع النتائج في المنعرجات، لذلك على المسؤولين عليه مواصلة العمل، والاعتماد على عامل الاستقرار. هنا لا يفوتني أن أطلب منك استفسارات عمّا حدث بينك وبين الرئيس ڤانا في المدّة الأخيرة، بخصوص تسوية مستحقاتك المالية العالقة؟ القضية طويت منذ أسبوع بالتراضي، كنت أودّ أن يحدث ذلك من قبل، لاسيما وأن هذه القضية ليست وليدة اليوم، ولست أنا من قرر أن تظهر في هذه الفترة، فهناك رجال قانون تولوا بنفسهم هذه القضية، فهم لا يختارون الوقت المحدد، وإنما رصيد أيّ ناد يجمد في مثل هذه الحالات عندما يكون ممتلئا، ومن الطبيعي أن تكون هناك سيولة بداية أو نهاية أي موسم لتسوية مستحقات اللاعبين وخوض غمار عملية الاستقدامات. قضيّتك تعود لمواسم خلت، وڤانا اتّهمك باختيار الوقت الذي يعاني فيه الفريق من مشاكل لتجميد حسابه؟ مثلما قلت لكم من قبل، فإنني لم أختر الوقت، فقضيتي كانت على مستوى العدالة، وأهل الاختصاص هم الذين جمدوا الحساب في هذا الوقت، ومهما يكن فإن المشكل حلّ مع ڤانا وتحصلت رفقة زميلي علي موسى على مستحقاتنا المالية العالقة، وهذا بعد تدخل بعض العقلاء لحل المشكل بالتراضي، وكنت أودّ لو تدخلوا من قبل حتى لا نصل إلى ما وصلنا إليه. الأمور اختلطت كثيرا على مستوى البيت البلوزدادي بسبب المشاكل الماليّة، فهل من تعليق؟ أنا ألوم المسيرين على طريقتهم في التعامل فقط، صحيح أن المشكل مالي بحت، لذلك يجب اللجوء إلى الشركات الوطنية وطلب يد المساعدة من كل من بإمكانه تقديمها خدمة لمصالح الفريق، وأنا لا ألوم الرئيس ڤانا لأنه من حقه أن لا يصرف على الفريق من جيبه فقط في الوقت الذي ليس لديه فيه أي مدخول آخر. هذه الوضعيّة الصّعبة دفعت الأنصار إلى تنظيم مسيرة احتجاجية، ما رأيك في ذلك؟ أظن أن مثل هذه الأمور من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الفريق أكثر، وتؤثر على سمعته أيضا، وتجعل اللاعبين يفرّون من الإمضاء والالتحاق بصفوفه مستقبلا. رغم كل هذه المشاكل برزت موهبة كرويّة على مستوى شباب بلوزداد ويتعلق الأمر بالمهاجم سليماني، فماذا تقول عنه؟ هذا المهاجم يملك قدرات كبيرة ومهارات فنية عالية، وأظن أنه يتواجد بين أيد أمينة، لذلك لا أستطيع أن أنصحه، كل ما يمكنني أن أقول له، أنه عليه التفكير في تطوير مستواه في حال احترافه خارج الوطن، وأن لا يفعل مثل باقي أقرانه، بالتألق موسما أو موسمين ثم تنطفئ شمعته. وهل تفضّله هو أم جبور على مستوى الخط الأمامي للخضر؟ فيما يخص جبور، فأنا لم أفهم شيئا، إذ يؤدي مقابلات في القمة في اليونان، وعندما يصل إلى المنتخب الوطني يتوقف حسه التهديفي، لكن بإمكانهما أن يلعبا مع بعض، يضحك ويضيف، أقول هذا لأتهرب من السؤال. لا علينا، فماذا عن حظوظ المنتخب الوطني في التأهّل إلى مونديال البرازيل؟ أقول أنها تبقى قائمة رغم أن كل شيء مرهون بمقابلتي رواندا و مالي ، صراحة فإن المنتخب الوطني لم يعد يقنع أحدا، ليس مثلما كان عليه الأمر في السابق، أصبحنا الآن نقول إن شاء المولى وكفى. بصراحة، ما رأيك في سياسة حاليلوزيتش؟ «ما راني فاهم فيها والو» رغم هذا أقول أن القائمين على شؤون اللعبة منحوه الضوء الأخضر، للتصرف مثلما شاء، ولا نستطيع تقييمه الآن وإنما سنقوم بذلك عندما تنتهي مهمته. سياسة انتداب المدرّبين الأجانب أصبحت موضة على مستوى بطولتنا، فهل أنت مع هذه السّياسة؟ إطلاقا، رغم أن الإحصائيات توضح أن المدربين الأجانب هم الذين يحصدون الألقاب على مستوى بطولتنا، إلا أن هناك أمورا أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، فالمدرب الأجنبي توفر له كل الإمكانيات وتمنح له الفرص حتى عند التعثر المتكرر، بينما المدرب المحلي ترمى له المنشفة في أول تعثر ولا تمنح له الفرص مثل نظيره الأجنبي، ناهيك عن عدم منحه الإمكانيات الضرورية للعمل، زيادة عن كل هذا أقولها وبكل شفافية أن اللاعب الجزائري يطبق تعليمات المدرب الأجنبي بحذافيرها ولا يفعل ذلك مع المدرب المحلي. نتحدّث قليلا عن فريق آخر محبوب لديك، وهو مولودية الجزائر، ما رأيك في الأحداث التي عاشها مؤخرا؟ صدقوني إذا قلت لكم أنني أحب هذا الفريق كثيرا، ولم أنضم لصفوفه لأنني وجدت راحتي وقتها مع شباب بلوزداد، إلا أنني أقول أن الأحداث التي طبعته بعد نهائي كأس الجمهورية مؤسفة جدا، وأعتبر ذلك التصرف في منتهى الخطورة، لكن يجب أن نعلم أن هناك خلفيات جعلت اللاعبين يضربون بالبروتوكولات عرض الحائط. ما هي هذه الخلفيّات؟، وهل تظن أنها سبب مقنع لانتهاج مثل هكذا تصرّف؟ أولا الثقة المفرطة للاعبين بنيل كأس الجمهورية، جعلتهم لا يصدقون تضييع التتويج في نهاية المطاف، وبالتالي التصرف بتلك الطريقة، ومهما يكن فإن العقوبة كانت قاسية، فأنا كلاعب أقول أن تصرف لاعبي مولودية الجزائر كان عاديا، فعندما تكون فوق الميدان وفي لحظة غضب يمكن أن يصدر منك أي تصرف غير مقبول، حيث شاهدنا تصرفات أخطر وهذه هي طباع اللاعب الجزائري، يكفي ما فعله زيدان في نهائي كأس العالم. تلوم إذن لجنة الانضباط، على إصدار مثل هذه العقوبات في حق هؤلاء؟ أنا لا ألوم أحدا، كل ما أريد قوله، هو أنه لو سبق لأحد في لجنة العقوبات أن مارس لعبة كرة القدم لما فكر في إنهاء مشوار هؤلاء اللاعبين بمثل هذه الطريقة، إذ هناك عقوبات أخف يمكن الاعتماد عليها بدلا من توقيف مشوارهم الكروي وتلطيخه أيضا. إذا سألناك عن فريقك الأصلي أولمبي الشلف فماذا تقول عن الرّكود الذي عرفه هذا الموسم بعد تألّقه في المواسم السابقة؟ أعتقد أن المشكل على مستوى أولمبي الشلف مشكل مادي بحت، مما انعكس سلبا على الفريق، ففي الوقت الحالي، عندما يدين لك اللاعب بثلاثة أشهر فقط تصل تلك القيمة المالية إلى مليار سنتيم. ألا ترى أن ابتعاد مدوار عن الفريق أثر سلبا عليه؟ مدوار مستحيل أن يغادر أولمبي الشلف، لأنه كان وراء تألق هذا الفريق وبنائه، فهو يحب أولمبي الشلف كثيرا، صحيح أن ارتباطاته جعلته يبتعد قليلا، لكنه بقي دائما في خدمة الفريق. ارتفاع القيمة الماليّة للاعبين يدخل في إطار الاحتراف، فما رأيك في هذه الصيغة الجديدة للبطولة في موسمها الثالث؟ أقول أن الاحتراف لا يتحقق بين عشية وضحاها، وبما أننا اخترنا الاحتراف فعلينا التجاوب مع هذه المرحلة الصعبة حتى نحقق مبتغانا رغم أن الأمر يبدو في غاية الصعوبة. وهل من إضافات قبل أن نختم هذا الحديث؟ لا أريد إضافة شيء، فقط أقول أنه على كل واحد أن يهتم بأموره، «فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».