توّج المنتخب المحلّي اللّيبي بكأس إفريقيا للأمم بعد فوزه على نجوم غانا في "شان 2014″ ، وصمد الليبيون ضد أغلب المنتخبات القوية، محققين تتويجا تاريخيا يعدّ الأول على الصعيد القاري لهذا البلد الشقيق الذي يعيش منذ سنوات في حرب أهلية مدمّرة، توقفت بسببها أغلب النشاطات الرياضية والثقافية . الليبيون، دافعوا عن الألوان الجديدة لبلدهم بعد سقوط نظام القذافي ورفعوا رايتهم عاليا في المنافسة القارية، مؤكدين بأن "الموحال" ليس ليبيا وأن الإرادة تصنع المعجزات، وكاذب من يظن بأن تطور كرة القدم مرتبط فقط بالمال والهياكل بل بالرجال كذلك. ما فعله الليبيون في كأس إفريقيا الخاصة بالمحليين ، فشلنا نحن الجزائريين في تحقيقه رغم الملايير التي تنعم بها فدراليتنا الكروية والكثير من نوادينا، ورغم الاستقرار الذي تعيش فيه الجزائر منذ عشرية ، مقارنة بالوضع العام في ليبيا، والتي نأمل في أن تستعيد مدن بنغازي وطرابلس وغيرها جمالها وحيويتها استعدادا ل"كان" 2017 . ولعل تتويج رفقاء علي سلامة بالدورة الثالثة التي لعبت بجنوب إفريقيا هو صفعة لنا نحن في الجزائر، حيث تقزّم الفاف كل المنافسات الخاصة بفئة المحليين أو الفئات الشابة ولا تستثمر سوى في المنتخب الأول ومغتربيه، وما يعيشه المنتخب الأولمبي دليل على ما نقول، فلا طاقم فني حقيقي يشرف عليه ولا هم يحزنون، وحتى المدير الفني الجديد، سعيد حدوش، الذي جاءت به الفيدرالية من وراء البحر كي يعالج المرض الذي استفحل في جسد الكرة الجزائرية، رفع الراية البيضاء وفضّل المكوث في بروكسل بالقرب من زوجته المريضة تاركا كرتنا والمنتخبات الشابة تعاني السرطان لتقصى تباعا في كل مناسبة نشارك فيها. ولم يفهم أغلب المختصين تعامل الفيدرالية مع المنتخبات الشابة، التي بقيت مهمشة دون مخططات وبرامج حقيقية، في الوقت الذي تمنح فيه الفاف ثلاثة أرباع ميزانياتها لمنتخب المغتربين الذي يقوده البوسني حفاظا على صورة الجزائر سياسيا ومعها ملايير السبونسور التي تدخل خزينة الاتحاد . الأكيد أن الكرة الجزائرية تعيش أسوأ سنواتها وليس التأهل لمرتين متتاليين للمونديال هو من الشجرة التي ستغطي الغابة حتى وإن حاول الكثير إيهامنا بأن كرتنا في صحة جيدة وأن الجزائر تحتل مرتبة متقدمة في تصنيف الفيفا وغيرها من المغالطات. فما يحدث في النوادي وفي البطولة والفوضى السائدة في تسيير المنافسة المحلية وكوارث الحكام جعلتنا نسقط إلى أسفل من قاع البئر ونعجز عن بناء منتخب محلي بأتم معنى الكلمة طوال 24 سنة. وعوض أن يبقى المنتخب المحلي قائما ببرنامجه حتى وإن أقصي من "الشان" الأخيرة، كي يزود المنتخب الأول ولو بلاعبين أو ثلاثة فقط، شأنه في ذلك شأن بقية المنتخبات ضمن برنامج متوسط وبعيد المدى، يفضّل مسؤولو الاتحادية تجاهل سياسة الاستمرارية في العمل باحثين عن المنتوج الجاهز تماما مثلما تفعله النوادي لنندب حظنا في كل مناسبة نشاهد فيها جيراننا وأشقاءنا يحتفلون بكؤوس وميداليات ترفع شأنهم بين الأمم .