على بعد أقل من أسبوعين لأول لقاء للجزائر في المونديال، نواصل سردنا لتاريخ أفناك الجزائر في المونديال، المحطة هذه المرة، ستكون في نادي رامس أين يلعب واحد من الوافدين الجدد للمنتخب وهو عيسى ماندي الذي حلم دائما بلعب منافسة كأس العالم ليتحقق له الحلم وسيكون حاضرا في البرازيل مع بلد أجداده الجزائر الذي فضّلها ولم ينتظر المنتخب الفرنسي حلم كل لاعبي «الليغ 1» . ينحدر من «شالون أون شومباني» ويبلع من العمر 23 سنة في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر في عام 1991 ، ولد الشاب الجزائري عيسى ماندي من أبوين جزائريين في مدينة شالون أون شومباني الفرنسية ، أصول ماندي من غرب الجزائر وبالضبط من مدينة وهران الباهية التي تفخر من دون شك بابنها ، الدولي الجزائري مكث في هذه المدينة لفترة قبل أن يقرر شق طريقه نحو النجومية ولعب أول مونديال له والذي سيكون في جوان الحالي مع المنتخب الوطني . دخوله إلى عالم الكرة كان صدفة في بداية الموسم الكروي 2000 – 2001 ، كان مقدرا على ماندي أن يدخل عالم الكرة الذي كان طريفا، ففي أحد الأيام رافق عيسى شقيقه الذي أراد خوض التجارب في نادي رامس ، ورغم أن سنه كان صغيرا إلا أن عيسى، استغل النقص العددي في الفريق وشارك معهم لكنه استطاع أن يبهر المدرب الذي اختاره لينضم إلى فريق الأصاغر . شق طريقه في رامس إلى غاية الوصول للفريق الأول على العكس من الكثير من زملائه في المنتخب، فإن ماندي لم يغيّر الفريق الذي لعب له في الفئات الشبانية، فمنذ انضمامه لفريق الأصاغر بداية الألفية ، تدرج اللاعب الجزائري مع كل الفئات السنية للفريق إلى أن وصل للفريق الأول في الموسم الكروي 2009-2010 وهو لم يبلغ بعد سنته التاسعة عشرة ، حيث قررت إدارة الفريق حينها ومعها المدرب تصعيد اللاعب الذي لم يعد له ما يقدمه مع الشبان . لم يشارك في موسمه الأول ولقاء لوهافر كان الأول الذي خاضه بالرغم من تصعيده للفريق الأول إلا أن مدرب الفريق لم يشأ المغامرة بالشاب الجزائري بما أن الفريق حينها كان يلعب على الصعود للقسم الثاني، عيسى جلس في أول مواسمه على الدكة في بضع اللقاءات لكنه انتظر للموسم الموالي ليشارك في أول مرة، ففي يوم ال28 أوت من عام 2010، سجل ماندي أول مشاركة له ولعب 80 دقيقة في لقاء لوهافر حينها . موسم أول سيء وثان متواضع مع الأكابر وماندي ينفجر في ثالث موسم له بعد موسم أول مخيّب جدا، لم يشارك فيه ماندي في أي دقيقة، انتهى بتحقيق رامس للصعود من القسم الثالث إلى الثاني وثان متواضع نسبيا، شارك فيه في ثمانية لقاءات فقط، جاء الموسم الثالث ليكون موسم الجزائري بامتياز، ماندي استطاع أن يفتك له مكانا أساسيا ولعب 26 لقاء قدم فيها مستويات مميزة انتهت بصعود فريقه مرة أخرى لكن هذه المرة إلى القسم الممتاز «الليغ1». ماندي يدخل «الليغ1» بقوة ومن دون مقدمات رغم صغر سنه وحداثة عهده ب»الليغ1» رفقة ناديه رامس إلا أن ماندي لم ينتظر كثيرا ليثبت للجميع أنه موهبة كبيرة، ماندي ورامس قدما موسما أول باهرا في «الليغ1» واستطاعوا تحقيق هدفهم بالبقاء بكل أريحية مع مستويات ممتازة، أحرجوا بها كبار الدوري الفرنسي مثل باريس سان جيرمان وليون وغيرهم ، ماندي شارك في أول مواسمه في «الليغ1» في 29 لقاء وهو أكبر معدل من اللقاءات لعبها في مشواره القصير . الموسم الحالي كان الأفضل بالنسبة لماندي المتتبع لمشوار ماندي، يلحظ جيدا أن خطه البياني، يرتفع بعد كل موسم وهو ما كان عليه الحال في موسمه الرابع مع الأكابر وهو موسمه الحالي، مستوى ماندي عرف وصوله للذروة ولعب أكبر عدد من اللقاءات وصل به لسقف 33 لقاء كان يمكن أن يكون أكثر لولا العقوبة التي سلطت عليه بسبب بطاقة موناكو الحمراء. أختير ثاني أحسن ظهير أيمن في «الليغ1» هذا الموسم ليؤكد أنه واحد من أبرز المواهب في فرنسا، فإن ماندي بصم على موسم كبير، انتهى بتألق فريقه مرة أخرى واقترابه من المناطق الأوروبية ماندي اختير في عديد المناسبات في التشكيل المثالي وهو ما أتاح له المنافسة على لقب أحسن ظهير أيمن في «الليغ1» والذي ذهب في الأخير لظهير تولوز أوريي ، لكن ورغم هذا فإن مجرد التنافس على لقب كهذا واحتلال الصف الثاني هو انتصار وتأكيد على أن الدولي الجزائري موهبة حقيقية . مستواه لفت انتباه الجميع وآرسنال وضعه في المفكرة لأن الفرق الأوروبية، تمتاز باصطياد المواهب، فإن موهبة مثل عيسى ماندي لم تكن لتغيب عن أعين مناجرة أوروبا ، نادي آرسنال الإنجليزي وبحسب الصحيفة الشهيرة «دايلي ميل»، يراقب ماندي منذ فترة طويلة وهو الآن بصدد دراسة إمكانية ضمه الموسم المقبل، أرسن فينغر مدرب الغانرز وبحسب نفس الجريدة معجب كثيرا بإمكانيات الدولي الجزائري وقد يعمد لضمه قريبا جدا . بنسبة كبيرة هذا هو موسمه الأخير في رامس آرسنال ليس النادي الوحيد الذي وضع ماندي في مفكرته بل توجد أندية كثيرة أخرى مثل فيورنتينا وسانت إيتيان وبعض الأندية الصغيرة في فرنسا وهو ما يعني أن الضغط سيكون شديدا على إدارة نادي رامس من أجل الاحتفاظ بلاعبها الجزائري الذي قد يجد نفسه في فريق آخر بعد المونديال خاصة إذا تألق في هذه المنافسة وقدم مستويات جيدة . إدارة ناديه اعترفت بصعوبة الاحتفاظ به واستسلمت للأمر الواقع ما يزيد من حظوظ الدولي الجزائري في المغادرة نهاية الموسم الحالي ليس فقط العروض الكثرة التي وصلته ولكن أيضا بسبب ما قاله رئيس رامس في وقت سابق، حيث أكد أن مجلس الإدارة قد قرر التخلي عن اللاعب وحدد له سعرا غير معلوم لمن يريد الفوز بخدماته وهو ما فسرته الصحافة الفرنسية باستسلام رامس وعجزه عن الاحتفاظ بلاعبه الذي لم يعرف ناديا آخر في مشواره الكروي. تألقه الكبير لفت أنظار الجزائريين إليه مبكرا بعيدا عن ماندي ومشواره مع ناديه رامس وحتى مستقبله في الأندية الأخرى، نعرج إلى شق المنتخب الجزائري وعلاقة الشاب الجزائري به، فكما يعلم الجميع ماندي ينشط في الجهة اليمنى من الدفاع وهو مركز لطالما عانى منه المنتخب الوطني وهو ما يفسر الاهتمام المتزايد به بمجرد ظهوره في ملاعب فرنسا رغم أنه كان ينشط في القسم الثاني حينها . «الخبر الرياضي» أول من حاوره ولمست رغبته في اللعب للخضر ظهور ماندي الأول في وسائل الإعلام الجزائرية، كان في «الخبر الرياضي» التي التقت ماندي في سبتمبر من عام 2011 وهو حينها لم يثبت نفسه بعد ، «الخبر الرياضي» كانت السباقة وقتها لطرح فكرة اللعب مع الخضر رغم أن جل المتتبعين في الجزائر لم يكونوا يعرفون ماندي بشكل جيد . موسمان من التألق ولم يلفت انتباه حاليلوزيتش نجم ماندي سطع في أول موسم له مع أكابر رامس 2011 – 2012 لكن ورغم ذلك لم يدخل في مخططات الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش ربما بسبب لعبه في "الليغ2″ ، الموسم الموالي وهو الموسم الأول لماندي في الدرجة الأولى كان كسابقه، حيث فضّل حاليلوزيتش لاعبين مثل مهدي مصطفى عليه رغم تألقه الكبير مع رامس . صيف 2013 وبداية الاتصالات بين ماندي والفاف بعد نهاية موسم 2012 – 2013 ، بدأت ملامح تمثيل ماندي للخضر تظهر، حيث بدأت الاتصالات بين لاعب رامس والاتحادية الجزائرية لكرة القدم تعرف تقدما كبيرا ، أنباء كثيرة تكلمت عن قدوم ماندي لحمل ألوان الخضر في لقاءي رواندا والبنيين في جوان من العام الماضي لكن ذلك لم يحدث ليتأجل الظهور الأول لعيسى بألوان منتخب بلده حتى لقاء بوركينافاسو. لقاء بوركينا فاسو في البليدة يعرف الحضور الأول لماندي في الحادي والثلاثين من أكتوبر من العام الماضي، أعلن الناخب الوطني عن قائمة من 37 اسما ، ستكون معنية بلقاء الإياب ضد منتخب بوركينا فاسو في الدور الفاصل المؤهل للمونديال ، القائمة ضمت ولأول مرة اسم عيسى ماندي الذي انتظر القائمة النهائية ليتأكد أنه حقق حلمه بالفعل باللعب للمنتخب الوطني، ماندي لم يشارك حينها لكنه جلس على الدكة في إشارة نهائية على انضمامه للمنتخب الوطني . لقاء سلوفينيا أول ظهور رسمي له وماندي يقدم أوراق اعتماده بنجاح لأن لقاء بوركينا فاسو، كان بوابته لدخول الخضر، فإن ماندي انتظر لقاء سلوفينيا مارس الماضي من أجل تقديم نفسه بشكل رسمي للجماهير الجزائرية ، الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش اختار أن يمنح ماندي فرصة اللعب أساسيا في الظهير الأيمن ليرى ما لديه وبالفعل لم يخيّب القادم من رامس وقدم لقاء قويا جدا أكد به أنه موهبة وربما حلّ نهائي لمشكل الظهير الأيمن الذي لطالما أرق مدربي الخضر المتتابعين . فرص مشاركته كأساسي في المونديال وفيرة لغياب منافس حقيقي المستوى الجيد الذي قدمه ماندي مع ناديه طيلة الموسم ومع المنتخب الوطني في لقاء سلوفينيا سيكون بنسبة كبيرة بوابته نحو المشاركة أساسيا في مونديال البرازيل المقبل، فبالإضافة لذلك لا يملك منافسا حقيقيا عدا مصطفى الذي يلعب أًصلا في وسط الميدان أو كادامورو متعدد المناصب والذي يفضّل اللعب في المحور ، لكن ورغم هذا نشير إلا أن حاليلوزيتش مدرب متقلب وماكر ولا يضمن من جهته أي شيء. تربص سيدي موسى ولقاءا أرمينا ورومانيا فرصة ماندي لإقناع حاليلو لأن حاليلوزيتش مدرب غريب فإن ماندي لا يريد أن يترك له أي مجال من أجل منحه فرصة الظهور كأساسي ، الدولي الجزائري يكون قد استغل تربص سيدي موسى بالشكل اللازم وسيحاول أيضا استغلال لقاءي أرمينا ورمانيا الوديين من أجل كسب بعض النقاط لصالحه والتي ستجعل التقني البوسني يتأكد أن ماندي هو الحل واللاعب الأنسب على الجهة اليمنى من الدفاع . المونديال حلم وفرصة كبيرة ولا يجب تضييعها منافسة بحجم المونديال هي حلم كبير يريد أي لاعب تحقيقه ولأن ماندي لاعب محظوظ فإن المونديال أتاه كهدية على طبق من ذهب عطفا على غيابه التام عن التصفيات ، لاعب رامس لا يريد من دون شك تضييع فرصة الظهور في أكبر محفل عالمي وأمام أعين ملايير المشاهدين وربما الظفر بعقد احترافي كبير يخرجه من الدوري الفرنسي الذي نشأ فيه، ماندي يدرك جيدا أن المونديال فرصة ربما لن تأتيه مجددا لذلك سيحاول أن يقدم أفضل ما لديه من أجله ومن أجل الجزائر التي منحته هذا الشرف .